رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

هوامش حرة
من حكايات الماضى

منذ سنوات، كانت مفاجأة للناس أن كتب الأستاذ هيكل مقالًا يستأذن فيه القارئ بالغياب، وaحاول يومها أن يبرر أسباب غيابه، a أنه كان فى قمة توهجه وبريقه.. ومن أصعب اللحظات فى حياة الكاتب أن يشعر بعدم جدوى الأشياء، وأن أحلامه فى الإصلاح والتغيير تبدو مهمة صعبة، إن لم تكن مستحيلة.. ولم يستطع الأستاذ هيكل أن ينسحب، واكتشف أن قضية غياب الكاتب لا تتعلق فقط برغبته، لأن هناك مسئولية تتجاوز الرغبة فى الغياب.. وعاد هيكل يحلّق من جديد، ونسى فكرة الغياب..

وعندما واجهتُ أزمة صحية بسبب مقال كتبته عن توريث القضاء فى العهد السابق.. زارنى الأستاذ هيكل ثلاث مرات فى المستشفى، وكان فى كل مرة يأتى ومعه الدكتور محمد عبدالوهاب، صاحب مستشفى دار الفؤاد .. وبعد أن خرجت، دار حوار بينى وبين الأستاذ هيكل، وقلت له: لن أكتب كلمة مرة أخرى، لقد شعرتُ بالإهانة حين تم التحقيق معى ست ساعات فى مكتب النائب العام، خرجتُ بعدها إلى المستشفى.. يومها قال هيكل: «أن تنسحب، فهذا حقك، وأن تمتنع عن الكتابة، فلا أحد يمنعك من ذلك، ولكن أرفض أن تنسحب وأنت تواجه أزمة.. عد إلى قلمك واكتب، ولا تنحنِ أمام العاصفة، لأننى لا أقبل لك ذلك.. أنت الذى تختار متى تصمت، ولا تترك أحدًا يرغمك على ذلك»..

وعدتُ أكتب، وبقيت كلمات هيكل: «لا تنسحب مهما واجهتَ من الظروف الصعبة، وإن كان قرار الغياب من حقك فى أى وقت تشاء».. أصعب الأشياء ألا تجد صدى لما تكتب وأن تصبح الكلمات مجرد رذاذ ينطلق فى الهواء ولا تجد من يسمعك أو يقدر الدماء التى تنزفها كل يوم على الورق.. منتهى القسوة.

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: