تَراجَعَ ترامب أمام نيتانياهو مرتين فى قضيتين مهمتين، كان آخرُ تطوراتِهما فى الأيام القليلة الماضية: الأولى فى مفاوضات أمريكا مع إيران حول الملف النووى، والثانية فى مفاوضاتها مع حماس حول إبرام تسوية مع إسرائيل تحقق قدرا مقبولا لكل من الطرفين. فبخصوص إيران، كان الموقف الابتدائى لترامب، الذى شَجَّع إيران على بدء المفاوضات والمضى فيها، ما أعلنه عن موافقته على شرطها الأساسى بأن يكون من حقها تخصيب اليورانيوم على أرضها، مع قبولها الخضوع لمراقبة دولية، تشارك فيها الولايات المتحدة، لضمان عدم تجاوز إيران الاستخدامات المدنية، وعلى الأخصّ عدم توجهها نحو المحظور عليها نحو امتلاك سلاح نووى. ولكن حدث تراجُع مفاجئ من ترامب، رضخ فيه لما أعلنه نيتانياهو بإصرار شديد عن أن إسرائيل لن تقبل إطلاقا أن يكون لإيران حق تخصيب اليورانيوم على أرضها. وكان لتراجُع ترامب أثر سلبى كبير على سير المفاوضات مع إيران بما يُهَدِّد بإفشالها، وهذا يتطابق مع أهداف نيتانياهو المُعْلَنَة!
وأما تراجُعُ ترامب بخصوص غزة، فيكشف أكثر عن مدى نفوذ نيتانياهو على صناعة القرار فى أمريكا، والذى لم تَسْلَم منه إدارة ترامب. ذلك لأن ترامب كان يتباهى بقدرته، قبل أن يبدأ ولايته رسميا، على إبرامه اتفاقا بين الطرفين، إسرائيل وحماس، يُنَفذ على 3 مراحل، ولكن نيتانياهو وضع ترامب فى موقف حرج عندما انتهك الاتفاق بجسارة غريبة، بعد أن اكتفى بالمرحلة الأولى فقط، وعاد إلى شن حرب إبادة أكثر دموية عما سبق، أثارت غضبا عالميا وبدا للجميع مدى ضعف ترامب أمام نيتانياهو، حتى إنه كَلَّف ممثله ويتكوف بالعودة إلى ماراثون مفاوضات جديدة، وكأنه ليس هنالك اتفاق مُنْتَهَك، ثم أعلن أخيرا قبل أيام تبنيه صيغة تتوافق مع مطالب إسرائيل، ويرفض فيها أن يضمن عدم استئناف نيتانياهو مذابحه بغزة! وأبدى ويتكوف غضبه من أن تتحفظ حماس على هذه الصيغة، وهَدَّد بالانسحاب من المفاوضات..إلخ! وهذا بالضبط ما يُخَطِّط له نيتانياهو!! إضافة إلى نجاحه فى إثارة شكوك حول صلاحيات وقدرات ويتكوف، الذى بدا أمام العالم يُغيِّر مواقفه تبعا لتغيرات ترامب المفاجئة لتتوافق مع شروط نيتانياهو!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: