رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

مصر والخليج.. التاريخ لا ينتظر!

إذا كانت موازين القوى تقرر نتيجة الصراعات نصرا أو هزيمة؛ فإن حيوية الشعوب أمر يصعب تقدير مآلاته أو تجاهله، فى الشرق الأوسط المنذور للأزمات؛ تشكل الصراعات حاضر المنطقة وتنحت مستقبلها، تلاحقها لعنة الموقع الاستراتيجى ونقمة الثروات الطبيعية ورغبات الطامعين؛ أحيانا تتمزق خرائط وتتبخر أوطان، لكن الأمم التى لا تستسلم تكتب لنفسها «شهادة ميلاد» جديدة!.

أمام هذه الزلازل الجيوسياسية والتحديات الإقليمية والدولية العاصفة، لم تتوقف مصر عن المضى بخطوات واثقة؛ على مسارات محسوبة؛ وفق رؤى واعية، من أجل مواجهة التحديات وفتح نوافذ الأمل؛ ولعل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى قطر والكويت هذا الأسبوع تندرج فى هذا الاتجاه.


السيسى - تميم - مشعل

شهدت الجولة لقاءات مهمة مع الشيخ تميم بن حمد آل ثانى أمير قطر، والشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، تناولت معظم شواغل الأمة وركزت على كيفية رص الصفوف العربية فى وجه الأزمات، واستعادة التكاتف، وعلى وجه الخصوص بشأن القضية الفلسطينية والتصدى للمحاولات الدائبة لتصفيتها، عبر القتل والتهجير، أيضا العمل المشترك لضمان وحدة سوريا والسودان، وسيادة لبنان واستقرار ليبيا، وإجمالا التشديد على أن الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ، لا يجوز التفريط فيه بأى وجه.

لا أبالغ إذا قلت إن هذه «الجولة الرئاسية» جاءت فى وقتها، لتؤكد أن مصر ودول الخليج، «رمانة ميزان» التضامن العربي، ومحور العمل العربى المشترك؛ فالعلاقات التاريخية بين مصر وقطر والكويت تتجاوز مزايدة المزايدين، ووقيعة المتربصين، وكان لافتا- فى مستهل البيان المشترك فى ختام زيارة الرئيس السيسى للدوحة- تأكيد العلاقات الأخوية الراسخة، والروابط التاريخية المتينة بين البلدين، والحرص على تعزيز التشاور والتنسيق على مختلف الأصعدة. الأمر نفسه كان حاضرا، فى مقدمة البيان المشترك الصادر فى ختام زيارة الرئيس للكويت؛ حيث جرى تأكيد الإشادة المتبادلة والتقدير لعمق وقوة العلاقات الثنائية الوثيقة على مختلف المستويات الرسمية والشعبية، وما شهدته من تضامن كامل عبر المحطات المحورية والفارقة.

الوجه الأكثر إشراقا، أن جولة الرئيس الخليجية شهدت دفعة قوية للتعاون الاقتصادى والاستثمارى بين القاهرة وكل من الدوحة والكويت؛ لتحقيق طفرة تنموية والارتقاء بمعيشة شعوبها؛ تأسيسا على/ وانعكاسا لـ «النجاح المصرى» فى توفير مناخ استثمارى جاذب، وإتاحة الفرص الواعدة أمام الأشقاء، بحيث لا تقتصر ثمارها على مصر وحدها، بل لصالح دول المنطقة، بإرادة لا تلين.

ولا شك فى أن الطفرة التنموية غير المسبوقة التى تشهدها مصر، بقيادة الرئيس السيسي، وتحسين بيئة الاستثمار، وتذليل أية عقبات أمام المستثمرين وتعظيم الشراكة الاقتصادية مع الأشقاء كانت عوامل محفزة للاتفاق على ضخ حزمة، من الاستثمارات القطرية المباشرة بنحو 7.5 مليار دولار، فى قطاعات تشهد نموا ملحوظا بمصر، من بينها: الطاقة والبنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والثقافة والسياحة.. وهو أيضا ما تسعى إليه الاستثمارات الكويتية التى ترغب فى الاستفادة من الفرص المتعددة، فى مجالات مثل: الطاقة والزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والتطوير العقارى والقطاع المصرفى والصناعات الدوائية.

يجب أن يذكرنا ذلك بأننا نجنى ثمار ما زرعنا؛ فما توفره مصر من فرص واعدة للمستثمرين هو حصاد سنوات من العمل والإنجاز، من خلال تنفيذ مشروعات البنية التحتية الكبري، وبناء المدن الجديدة والذكية، وتطوير منظومة النقل والمواصلات والموانى وتدشين ممرات ومراكز لوجستية دولية متكاملة، بالقرب من الموانى البحرية؛ على سبيل المثال لا الحصر، تم استثمار نحو 550 مليار دولار لتطوير البنية التحتية، شملت إنشاء 7 آلاف كيلومتر من الطرق، وموانى جديدة و24 مدينة جديدة. والأهم فى رأيى ما ذكره الرئيس السيسي، فى لقائه بالدوحة مع ممثلى مجتمع الأعمال القطري، من أن مصر بها بيئة آمنة ومستقرة مواتية للاستثمار، وذلك لكونها مستقرة، ليس فقط من المنظور الأمني، وإنما لوجود مجتمع واع ومدرك ومتفهم لأهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار.

المؤكد أن التوافق بين مصر وقطر والكويت، والرغبة فى تطوير التعاون يسهم فى تعزيز المصالح المشتركة ويفتح آفاقا للتكامل؛ بما يعكس الإرادة السياسية لقادة الدول الثلاث، ويسهم فى دفع التنمية وتحقيق تطلعات الشعوب. وأستطيع أن أجزم بأن الجولة الرئاسية الخليجية حققت نتائج مهمة للغاية، وجددت تأكيد عمق العلاقات مع الأشقاء، والرغبة فى ضخ استثمارات كبيرة فى الاقتصاد المصرى.

إن طموح مصر بناء نظام تعاونى عربى، يعمق الأستقرار السياسى والأمن الاقتصادى؛ خاصة أن أمن أى دولة عربية هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار كل الدول العربية؛ فالأخطار المحدقة تفترض أن يكون الأمن- بكل أشكاله- عربيا خالصا، وتطورات الأحداث تفرض خيارات واضحة لمن يريد أن يري؛ والتاريخ لا ينتظر أحدا، وهذا للعلم!.

 

   ◙ ◙ ◙ ◙               

أمام هذه الزلازل الجيوسياسية والتحديات العاصفة  لم تتوقف مصر عن المضى بخطوات واثقة؛ على مسارات محسوبة؛  وفق رؤى واعية، من أجل مواجهة التحديات وفتح نوافذ الأمل؛ ولعل زيارة الرئيس السيسى إلى قطر والكويت تندرج فى هذا الاتجاه

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب

رابط دائم: