رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

قبل انفجار الإقليـم!

ليس انحيازا القول إن الشعب المصرى أكثر الشعوب ارتباطا بالقضية الفلسطينية، وتمسكا بالحقوق المشروعة للأشقاء الفلسطينيين؛ القراءة المنصفة للثوابت المصرية الرسمية والشعبية ــ على مدى عقود ــ كفيلة بتلخيص المشهد الذى تابعه العالم فى احتفال المصريين أول أيام عيد الفطر المبارك، وفهم الرسائل التى أعلنتها حشود المصريين فى كل المحافظات؛ دعما لمواقف الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومساندة لحقوق الشعب الفلسطينى الشقيق، ورفضا لمخططات التهجير وتصفية القضية!.

ولعل أبرز ما يمكن استخلاصه من مشهد يوم الاثنين الماضى أن مصر قوية بقيادتها وشعبها، وأنه حين تتزايد التهديدات التى تؤرق المنطقة بأكملها، ينتفض المصريون فى لحظة تاريخية فارقة، يصبح الاصطفاف الوطنى واجبًا، وضرورة من أجل الوطن.


ودائما المصريون فى الموعد؛ دعما ومساندة للمصلحة الوطنية وأمن مصر والأمتين العربية والإسلامية؛ يدركون أنه لا مجال إلا أن نكون على «قلب رجل واحد»؛ نحمى وطننا ونحافظ عليه، فالواجب الوطنى، فرض علينا جميعا أن نكون يدا واحدة، ضد أخطار تطرق الأبواب.

يعى المصريون أن الشرق الأوسط يشهد حالة صدام واشتباك بين المصالح على المستويين الإقليمى والدولى؛ ما يزيد من حالة الفوضى والضبابية فى المنطقة، إذ تحاول مختلف القوى أن تستفيد من حالة الفوضى القائمة؛ من أجل انتزاع مصالح أو غنائم، أو مد مظلة نفوذها، وتقع الدول العربية فى قلب هذه المعادلات الخطيرة؛ ما يجعل الشرق الأوسط على مرمى حجر من «الجحيم»!.

ويبدو أن حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى بلا رحمة على شعب أعزل فى غزة، لم تروِ ظمأه للدماء، ولم تحقق ما خطط له؛ لذا تحول إلى الضفة الغربية باقتحامات وهجمات وحشية وعمليات قتل، وتدمير البنية التحتية، وحصار المستشفيات، وإعادة ضم الأراضى الفلسطينية، ويتزامن ذلك مع اقتحامات وتصريحات لوزراء متطرفين حول المسجد الأقصى تزيد الموقف اشتعالاً.

إن كل ممارسات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، تدفع المنطقة بأكملها إلى حافة الهاوية، وتزيد الأوضاع اشتعالا، وتقترب بالإقليم من انفجار لا يعلم مداه إلا الله، يهدد الجميع، ولن يكون فى صالح القوى الكبرى صاحبة المصالح فى المنطقة، وستكون له عواقب اقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية وخيمة.

الأغرب أن تل أبيب لم تكتف بالتصعيد المستمر والانتهاكات المتواصلة للقوانين الدولية، بل خرجت تصريحات وتقارير إسرائيلية غير منضبطة، تستهدف مصر، ولا يمكن وصفها إلا بالاستفزازية فى مغامرة مكشوفة وغير محسوبة، وإذا كانت حكومة الاحتلال لا تدرك خطورة إقحام القاهرة فى أزماتها، فالعالم يشهد لمصر بأنها دولة تحترم التزاماتها الدولية، بالقدر نفسه الذى تستطيع به الدفاع عن مصالحها وسيادتها على أراضيها وحدودها وضمان الاحتياجات الأمنية المصرية.

إن حالة الصراع التى تلقى بظلالها المأساوية على المنطقة، بأشكال العنف والتدمير وانعدام الثقة بين أطراف الصراعات، تنذر بانفجار الإقليم، من أجل ذلك تنهض مصر بدور حيوى محورى ــ لا يستطيع أحد غيرها القيام به، أو تحمّل تكلفته الباهظة، برضا واقتدار؛ ومن موقف القوة لا الضعف ــ لنشر السلام ودفع التنمية؛ هذا هو قدر مصر أن تتحمل عبء القضية الفلسطينية، وأن تقوم بدورها التاريخى، سعيا للسلام العادل والشامل.

وسط كل هذا الظلام، وستائر الدخان الكثيف، تتحرك القاهرة، بحزم وعزم لا يلين، لمنع تصفية القضية الفلسطينية، وإنقاذ المنطقة بكاملها، والحيلولة دون اتساع رقعة الصراعات، وهى تطالب المجتمع الدولى بالقيام بدور حاسم؛ لضمان توافر الإرادة السياسية للتوصل إلى وقف النار واستعادة التهدئة وإطلاق مسار سياسى شامل، يتم بموجبه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على أساس حل الدولتين وفقا لقرارات الشرعية الدولية.

يتزايد التنازع على المسرح الاستراتيجى للشرق الأوسط، بسبب التحديات التى تفرضها قوى إقليمية ودولية، تمارس استعراضات القوة العسكرية، واستراتيجيات زعزعة الاستقرار على نحو شديد الخطورة، الأمر واضح لكل ذى بصيرة، ومن ثمّ تبذل القيادة المصرية كل جهد بوعى وإصرار؛ لحماية الأمن القومى وإطفاء الحرائق المستعرة بالإقليم، أو منع تمددها إلى بقاع جديدة، لأن البديل عن ذلك هو حريق هائل يضرب جنبات المنطقة، ويمزق أوصالها، يريق الدماء، ويعطل التنمية، ويجعل دولها مجرد «تابعين» فى مدارات الآخرين.

من هنا تنبع رمزية «وقفات العيد» التى بادر بها الشعب المصرى؛ دعما وتأييدا لخطوات القيادة السياسية، فى كل مواقفها التاريخية الرافضة للعدوان على غزة ومحاولات التهجير وتصفية القضية، والمساندة تماما للشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة، فبرغم الأزمات المحدقة، فإن ما يطمئن حقا أن الشعب المصرى يتمتع بأعلى درجات الوعى تجاه الأحداث الحرجة بالشرق الأوسط، ويقف بشموخ وثبات على العهد خلف قيادته.. تحيا مصر!.

***

المصريون دائما فى الموعد؛ دعما ومساندة للمصلحة الوطنية وأمن مصر والأمتين العربية والإسلامية؛ يدركون أنه لامجال إلا أن نكون على «قلب رجل واحد»؛ نحمى وطننا ونحافظ عليه.

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجـد منير يكتب

رابط دائم: