رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

فى شأن الانفلات الأخلاقى فى دراما رمضان

لاشك فى أن ما عبر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن ما جاء فى بعض أعمال دراما رمضان وعدم رضائه عما جاء فى ليالى بعض فصول وحلقات دراما هذا العام، مَس جوهر وعقل الغالبية العظمى من المصريين، حيث عبر الرئيس عما يدور فى عقولهم ومس شغف القلوب بصدق وأريَحَيَة، خاصة عندما يتحدث عن فقدان القيم الأخلاقية والحضارية للمجتمع المصرى، وبكل تأكيد ماتم عرضه وبثه هذا العام من بعض الأعمال وليس كلها، أثار الكثير من الغضب حول ما جاء ببعض فصول هذه الدراما، التى تجاوزت المعايير الأخلاقية والقيم الأصيلة، التى تشكل جزءا من البناء الحضارى والعصرى لهذه الدولة، والتى تم بناء إرثها هذا بكل جوانبه ومشتملاته عبر تراكم الزخم للأعمال الرصينة والأخلاقية، والتى كانت جزءا أصيلا وجوهريا من حضارة وتراث وعصر البزوغ الثقافى والتفرد المعرفى والعلمى، وتأكيد امتلاك القوة الناعمة لعقود طويلة بلا منافس وبشكل استثنائى فريد بلا منازع من بين كل دول الإقليم، وبالتالى كان ما يحزن النفس أن تقوم هذه الأعمال بتشويه كل هذا التاريخ وإرث وتراث تنوع وتفرد هذا البلد - مصر - من المكاسب المادية والانخراط فى شيوع المفاسد، وحتى إن لم تكن موجودة بهذا الانتشار والتكثيف من خلال خيال بعض كتاب الأعمال الدرامية. وبالتالى هل من رجاحة العقل أن تكرس معظم الأعمال الدرامية لسباق رمضان الحالى، من بين 39 عملا تم عرضها ومازال على محطات التليفزيون وعبر عدة منصات، الصورة النمطية السلبية للعوالم الخاصة بالإباحية والاغتصاب والمخدرات، ثم تصدير صور بالغة الانحراف والترصد للمرأة المصرية، واختزال حضورها عبر الصورة النمطية السلبية لعالم الخيانة والسلوكيات الخطأ، ثم يتجاوز أيضا إلى عالم القتل والثأر وتجارة العملة والآثار، فى محاولة لتكريس تلك الجرائم كأمر واقع وطبيعى لعالم الحاضر والقادم فى الحياة المصرية. وربما ما آلم النفس هذا العام أيضا الإجادة من قبل البعض من كتاب الدراما الذين اعتبرهم جزءا مكملا من مهنة جامعة تجمعنا جميعا كصحفيين وكتاب وأهل الفكر والعقل, انهم أضافوا بشكل لافت قضايا كانت من النوادر، وهى التى تتعلق بتعدد زواج المرأة بأكثر من رجل فى توقيت واحد، ناهيك عن تعدد الزوجات بشكل مفرط، وظاهرة المحلل وكأنها أنماط منتشرة فى مصر، أضف لكل ذلك انتشار المشاهد المليئة بالمخدرات وممارسة السحر والشعوذة، وهى الصور البعيدة كل البعد عن الواقع ومجمل النسق القيمى والحياة اليومية المعيشية للغالبية الكاسحة للمصريين، والتى بالطبع تنال من الصورة الكلية للمصريين فى الداخل، ناهيك عن علاقتنا فى محيطنا العربى، والتى نعتبر فيه من المميزين بإرث حضارى وثقافى مبدع مازال لايجارينا فيه احد بالرغم من توافر الإمكانات والفرص لدى العديد من دول الإقليم العربى والشرق أوسطى بمفهومه الأوسع. وبالتالى لايحدثنا احد عن أن المطالبة بإعادة النظر فى مثل هذه السلوكيات عبر فصول وليالى الدراما المصرية، يندرج فى خانة التدخل والانتقاص من حرية الإبداع والتعبير، وممارسة القمع الفكرى والمنع، فى عوالم الإتاحة والشوشيال ميديا ومنصات البث وفضاءات العالم المفتوحة فى القرية الكونية التى تضيق مسافتها وحدودها كل يوم، بل المقابل أن يكون هناك نسق فكرى وركائز منظومة أخلاقية لصالح الأوطان وحماية للمواطنين والأبناء ولصالح الأجيال، بدلا من ترك الحبل على الغارب من أجل أعمال وتكريس التخريب والهدم لكل القيم والمعايير الأخلاقية للأوطان وشعوبها، وهذه إستراتيجية تلجأ إليها كل دول العالم بين الفينة والأخرى، من أجل الحفاظ على مظلة القيم الأخلاقية، ومنظومة التدابير الدنيوية للحفاظ على إرث وحاضر ومستقبل أوطانها، وضخ فضيلة التماسك والاستمرار بوتيرة صلبة بعيدا عن التفكك والاضمحلال ،وخير مثال على ذلك هو مافعله الرئيس الأمريكى ترامب، رغم أن العديد من قادة ودول العالم لا توافق على نهجه فى الإدارة والقيادة فى الولايات المتحدة وانتهاكاته غير المحببة والمتجاوزة فى بعض الأحيان مع العديد من دول العالم، فإن الغالبية ثمّنت فيه قراره التنفيذى ليلة دخوله البيت الأبيض، بعدم الاعتراف بالمثلية، والتمسك بنوعين من الجنسين الرجال والنساء فقط. وبالتالى يعن لى فى هذا المقام ضرورة إعادة النظر من الآن، وحتى الأعوام القادمة بتكريس نمط جديد ،لشكل ودور وأداء الدراما والأفلام وكل فنون الإبداع والفكر المصرى، وكذلك فنون وأداء الإعلام بتغيير المعادلات نحو الأفضل، عبر الفكر الراقى، وتكريس قيم النجاح والطموح بالحدود التى تعكس نجاحات ورقى وتحضر المجتمع، وتضاهى روح العصر الوثابة، وتوثيق نماذج النجاح والتطلعات المشروعة لبناء وطن مزدهر، ونشر النماذج العبقرية لقمم العبقرية المصرية، وإلقاء الضوء على تجارب العظماء من الماضى والحاضر لأبناء ونماذج هذا العصر وماسبقه، وأن تنتهى كل سيناريوهات نشر وذيوع الفتن والقيم السلبية، حفاظا على هذا البلد وأجياله القادمة. وليكون الهدف الأول والأكبر للدولة الآن هو خلق حالة من القطيعة مع الماضى، لكل ماتم فعله وتجريمه وتوثيقه من مآس ومهازل نالت من سمعة وصورة الوطن لسنوات طوال منذ تسعينيات سينما الانحرافات والمقاولات والهلس، وحسنا فعل الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع رؤية مستقبلية واضحة للدراما والإعلام المصرى بما يسهم فى تعزيز رسائلها الإيجابية، ولتكن تلك ضربة البداية من أجل إحداث النهضة المطلوبة لعوالم الفن والثقافة المصرية لتعود للتربع على عرش الاستحواذ والتفرد والابتكار، وبناء القوة الناعمة المصرية، بوصفها احد أهم خصائص النجاح المصرى فى المنطقة العربية، وأهم سلعة يمكن تصديرها وجنى الأموال والثمار وعودة مصر الدولة الاستثنائية المتفردة البازغة فى الإقليم.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: