رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

لتكن قمة مصغرة مع ترامب فى الرياض

بكل تأكيد النجاح الذى حققته مصر والعرب فى قمة القاهرة، هو قفزة ملهمة على طريق مازال طويلا، من أجل تسويق مشروعهم الأثير خلال المرحلة القادمة التى قد تستمر أربع سنوات عجاف مع الرئيس الأمريكى ترامب، والذى يتمحور حول رفض تصفية القضية الفلسطينية، عبر تشعبات وتنويعات متعددة، أبرزها الطرح غير الواقعى بتهجير سكان قطاع غزة، وإنشاء ريفييرا الشرق الأوسط، وهو الذى رد عليه العرب بالإجماع بالمشروع المصرى العملاق لإعادة إعمار غزة، بكل مراحله وأطر تنفيذه والصندوق المالى المزمع تكوينه عقب المؤتمر الدولى لإعادة الإعمار لغزة، والمقرر عقده بالقاهرة أبريل المقبل، بجانب تسويق تسوية سياسية لحل الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، بإقامة دولة فلسطينية خلال السنوات الثلاث القادمة حتى لو كانت منزوعة السلاح قبل نهاية ولاية ترامب، وهو الأمر الذى يحتاج إلى جهود دبلوماسية مضاعفة، وربما خارقة للعادة مع شخص عنيد براجماتى يصل إلى حد الانتهازية، فى مقابل رفض ونسف إسرائيلى عبر شخص مثل نيتانياهو لفكرة إقامة دولة فلسطينية، حتى إنه لا يعنيه الآن أى جهود خاصة باستئناف مفاوضات المرحلتين الثانية والثالثة لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة لإنقاذ الأسرى الإسرائيليين لدى حماس .

هذه باتت أمورا ثانوية وتفاصيل يطول المناكفة فيها مع الوسطاء العرب حول تركيع حماس، لأن هناك مشروعا أكبر يجهز له بشكل شبه معلن، وهو التهجير الفعلى لسكان غزة تدريجيا ابتداء من النصف الثانى من هذا العام، حتى إنه أوكل لمفوضيته التى أنشأها جيش الاحتلال منتصف فبراير الماضى لهذا الغرض، تحديد ثلاثة أماكن للتهجير الأول عبر ميناء أشدود الإسرائيلى، والثانى عبر ميناء رامون العسكرى بداخل إسرائيل، والثالث وهو المستحيل طبعا تنفيذه وهو معبر رفح، لقوة الرفض والتصدى المصرى لمثل هذا المخطط الخبيث، وبالتالى المعركة السياسية بين العرب وكل من ترامب ونيتانياهو لم تبدأ بعد، حيث جعبة الأخيرين مازالت تحمل مشاريع وأفكارا صهيونية مزعجة أقربها إنهاك العرب فى مشروع الموافقة الأمريكية على ضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، وهكذا كل عدة أشهر طروحات منبوذة لدفع العرب للمقايضة وقبول ما يعرض عليهم، وإلا خسروا النذر اليسير الذى مازال بحوزتهم.

وفى تقديرى فإن أفضل طريقة للتعاطى العربى مع هذه السيناريوهات، هى التفكير بطريقة مغايرة، وخارج الصندوق لتأسيس علاقة دون منعرجات ومتكافئة مع الولايات المتحدة، لرسم ملامح خطوات تعاون مرضية ونافعة لكلا الجانبين وحتى نهاية حكم ترامب، ولتكن الخطوة الأولى نحو هذا الهدف هى الاستغلال الأمثل لزيارة ترامب القادمة والتى قد تكون استثنائية للمملكة العربية السعودية، والتى تحدث عنها ترامب نفسه نهاية الأسبوع الماضى، وقال إنها قد تكون فى بداية الربيع اى نهاية مارس أو النصف الأول من ابريل على أكثر تقدير حسب التسريبات الأمريكية، بالطبع زيارة ترامب سيكون الجزء الأكبر منها مخصصا لقمة مرتقبة مع الرئيس الروسى بوتين، للاتفاق على حل الأزمة الأوكرانية، وربما توقيع اتفاق سلام روسى - أوكرانى، بجانب حضور ترامب فعاليات تعاون اقتصادى واستثمارى عملاق مرتقب، بين السعودية والولايات المتحدة، وبالتالى فالفرصة سانحة وفريدة للإعداد لعقد قمة عربية مصغرة للزعماء العرب الثمانية - دول الخليج الست ومصر والأردن -، الذين يشكلون الاعتدال العربى، والأكثر تأثيرا، بحيث تؤسس لعلاقات تعاون فعال، لحل قضايا الشرق الأوسط، خاصة أن ترامب يقول إنه سيخصص فترته الحالية لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، من اجل الحصول على جائزة نوبل. وبالتالى تكون القضية الفلسطينية وتنويعاتها فى قلب جدول أعمال هذه القمة، ويكرس الجهد الأكبر استغلالا للحالة المزاجية التى سيكون عليها ترامب، بعد توقيع اتفاقيات التعاون والاستثمار العملاق القادم مع السعودية، فى طرح المشروع العربى لإعادة إعمار غزة الذى أقره القادة العرب فى قمة القاهرة، وتسويقه سياسيا بعد إطلاع الرئيس ترامب عليه بشكل مفصل، وتحديد خطوات التنفيذ والأطر الزمنية للبناء والتعمير، وحبذا لوتم العرض على الجانب الأمريكى مشاركة الشركات الأمريكية العملاقة فى خطوات البناء والتنفيذ، باعتبار أنه مشروع عملاق يحتاج كبرى الشركات فى إعادة الإعمار بجانب الشركات المصرية والعربية والدولية، والتعاون من الآن مع الدول العربية المعنية بصنع الاستقرار الإقليمى، لإعداد مشروع سلام وتسوية شاملة وإقامة دولة فلسطينية عبر إطار زمنى محدد، بعيدا عن المفاوضات الممتدة، وهو الأمر الذى لا يحبذه ترامب وتجاوزه الزمن بعد جولات أوسلو والقاهرة وكامب ديفيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ التسعينيات بلا جدوى، مع تقديم حوافز ترضية لشخص ترامب فى المقام الأول، بأن تحقيق تسوية كاملة ونهاية عاجلة للصراع العربى - الإسرائيلى، بإقامة دولة فلسطينية محددة الموقع ابتداء من غزة ومرورا بالضفة الغربية وصولا إلى القدس الشرقية، أمر سيشكل معجزة سياسية على يديه، ويخلق علاقات التطبيع المرتقب بين السعودية وبقية العالم العربى مع إسرائيل بحاضنة أمريكية، وأن هذا الأمر إذا تحقق سيعد إنجازا للسيد ترامب يدخله التاريخ من أوسع أبوابه، وربما يتجاوز جائزة نوبل بمراحل، ناهيك عن حلم أمريكا من خمسين عاما بإدماج إسرائيل فى الإقليم، وبالتالى إقامة علاقات إستراتيجية، وليست مصالح عابرة وقتية كما كان يراها قادة إسرائيل مثل نيتانياهو. إذن التخطيط لقمة عربية مصغرة مع ترامب عندما يزور الرياض، هى فرصة لإنقاذ قطاع غزة وبقاء سكانه دون تهجير، وصنع سلام حقيقى مع رجل مثل ترامب يعشق ويجيد عقد الصفقات.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: