رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

مصر وإسبانيا.. شراكة المستقبل

دشنت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمملكة إسبانيا مرحلة جديدة من العلاقات المصرية ــ الإسبانية، بعد ترفيعها إلى مستوى «الشراكة الإستراتيجية» التى تفتح الآفاق لتعميق التعاون بين القاهرة ومدريد فى جميع المجالات.

وما يميز هذه «الشراكة الإستراتيجية» أنها تمثل حاجة ملحة لطرفيها، تقوم على توافق وتفاهم على المستوى السياسى، عكسه البيان المشترك بشأن القضايا الدولية والإقليمية الصادر بمناسبة الزيارة الرئاسية، والذى أشار إلى توافق الرئيس السيسى ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز حول ملفات أساسية، من رفض تهجير الفلسطينيين، إلى ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، ونشر السلام فى ربوع الشرق الأوسط المكتظ بالصراعات، والحفاظ على سيادة سوريا وانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وأهمية استقرار السودان والبحر الأحمر، كذلك تبدى التوافق المصرى الإسبانى تجاه قضايا إفريقيا والعلاقات الأورومتوسطية.

وأستطيع أن أقول باطمئنان إن «الشراكة الإستراتيجية» بين الدولتين تعد «نقلة نوعية» على رقعة الشطرنج الإقليمية والدولية، ضمن خطوات مماثلة تعكس إرادة صلبة لمد القضبان أمام قاطرات الإستراتيجية المصرية، فى الشرق الأوسط والعالم إجمالا، بتتابع وثبات، فى ظل تحديات تتكثف يوما بعد آخر، ولا مفر من «التعامل الخلّاق» معها، ببصيرة وصلابة، بما يليق بقدر مصر وقدرتها.


فقد جرت، خلال العقد الماضى، جراحات عميقة فى الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط وما حوله، ومازالت تتوالى محدثة اختلالا فى معادلات القوة؛ صراعات يطول لهيبها مسرحا بالغ الاتساع، فى جميع الاتجاهات الإستراتيجية من حولنا، وفى عمق حسابات المصالح القومية، ولا سبيل إلى تجاهلها؛ لأنها تتصل بالميزان الإستراتيجى توازنا أو اختلالا، من هنا يمكن إدراك عمق دلالة «الشراكات الإستراتيجية» التى أبرمتها مصر مع قوى دولية وإقليمية مهمة، وآخرها مع إسبانيا، بوصفها توسيعا للحضور والتأثير والمصالح المصرية، من خلال إرساء نقاط ارتكاز جديدة، تضيف دوائر متعاظمة إلى «العمق الإستراتيجى» وفضاء المصالح الحيوية لمصر.

وفى «تطبيق عملي» لبنود الشراكة الإستراتيجية، نالت ملفات التعاون الثنائى قسطا وافرا من الاهتمام، فى لقاءات الرئيس السيسى بالعاصمة مدريد، وستشهد دفعة قوية خلال الفترة المقبلة، لاسيما التعاون الاقتصادى والاستثمارى والتجارى بين البلدين، وتعزيز وجود الاستثمارات والشركات الإسبانية وتوطين الصناعة بمصر، والتعاون فى الطاقة المتجددة، والنقل، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وفى لفتة ذات مغزى، أكد رئيس الحكومة الإسبانية أن البلدين يستطيعان ــ من خلال الشراكة الإستراتيجية ــ بدء مرحلة حافلة بالإمكانات والإنجازات، من أجل مزيد من الازدهار والرخاء للشعبين، فى دلالة على أن هذه «الشراكة» توفر فرصا لتعزيز العلاقات فى مجالات مهمة، بينما وصف ملك إسبانيا فيليب السادس مصر بأنها شريك إستراتيجى لبلاده بالشرق الأوسط ودولة محورية بإفريقيا، مذكرا بأنها «أم الدنيا».

الآفاق الواسعة لشراكة الدولتين، تبدت بوضوح فى مشاركة الرئيس السيسى، فى مائدة مستديرة مع ممثلى مجتمع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الإسبانية، حيث جرى تأكيد أهمية تعزيز التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين البلدين، واقتراح آليات للتنفيذ على أرض الواقع.

وفى كلمته خلال المائدة المستديرة، قال الرئيس إنه تم الاتفاق مع الجانب الإسبانى على إقامة حوار اقتصادى مشترك، يكون معنيا بزيادة الاستثمارات الإسبانية بمصر، ودفع التبادل التجارى بين الجانبين، منوها بدور «مجلس الأعمال المشترك»، وضرورة تحفيز أعماله، على أن يعقد اجتماع له فى القاهرة عام 2025، تزامنا مع الزيارة المرتقبة لجلالة الملك فيليب السادس ملك إسبانيا إلى مصر، فى إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية، والترويج لمصر كمقصد للاستثمارات الإسبانية المباشرة، مع الإعداد لمؤتمر استثمارى مشترك، على هامش القمة المصرية ــ الإسبانية المقبلة.

وإذا كانت الشعوب تنظر إلى مصالحها بالدرجة الأولى، فإن وقائع مباحثات ولقاءات الرئيس السيسى فى مدريد تثبت «بعد نظر القيادة السياسية»، وتؤكد أن الشراكة الإستراتيجية المصرية ــ الإسبانية انطلقت بالفعل، وبدأت خطوات تفعيلها، وأن الطريق ممهد من الجانبين، لأن تصبح نموذجا للشراكة بين بلدين صديقين.

****

أستطيع أن أقول باطمئنان إن «الشراكة الإستراتيجية» بين الدولتين «نقلة نوعية» على رقعة الشطرنج الإقليمية والدولية، ضمن خطوات مماثلة تعكس إرادة صلبة؛ لمد القضبان أمام قاطرات الإستراتيجية المصرية، فى الشرق الأوسط والعالم، بتتابع وثبات، فى ظل تحديات تتكثف يوما بعد آخر.

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير

رابط دائم: