رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

قمة فاصلة واقتراح عربى يفكك مشروع ترامب

لأول مرة منذ عدة سنوات يزداد يقينى بأن مصر والعرب يملكون كثيرا من أوراق القوة والضغط،اذا أحسن بالفعل التعاطى معها باحترافية وتصويبها فى الاتجاه الصحيح والتلويح بها بقوة وعنفوان عندما يلوح فى الأفق نوعية الخطر الوجودى وكارثية الطرح الذى يمكن أن يغير المعادلات بشأن حياة البشر والأرض والتركيبة الديموجرافية وينال من الأمن والحدود وحقائق التاريخ ووقائع الجغرافيا، وهذا مابدا جليا مقترح الرئيس الامريكى دونالد ترامب، بإمكانية تهجير وإبعاد الفلسطينيين عن أرضهم فى قطاع غزة، وتقديم البديل بإنشاء ريفيرا الشرق على المتوسط على حساب وحياة قرابة اثنين ونصف مليون فلسطينى فى القطاع لأجل الاستثمار العقارى وتحويل غزة الى منتجعات وسلسلة ابراج وملاعب جولف تسر الناظرين، وبالتالى تحقيق الأرباح الباهظة فى البداية، ثم تسليمها وبيعها للمستوطنين الإسرائيليين ورجال الاعمال اليهود فى الولايات المتحدة وأوروبا لتصير بعد ذلك جزءا من دولة الاحتلال بعد توسيعها، وبالتالى تتحقق نبوءة ترامب الذى قال قبل وصوله إلى البيت الابيض بأسابيع بصغر مساحة دولة الاحتلال الإسرائيلى، فوفى بالهدف والغرض بامتلاكها وضمها مع الضفة الغربية فى مرحلة قادمة وقريبة جدا لتكتمل سلة الهدايا التى وعد ترامب بتقديمها لتل أبيب.

ولكن ليس كل ماتمناه وقرره ترامب يحدث ويتحقق، حيث خابت توقعاته وخانه التقدير بتمرير مقترحه بشأن غزة وسكانها، حيث فاجأته قوة التمترس للموقف المصرى، فى الرفض المطلق والتنديد الكامل بأى أذى يلحق بالفلسطينيين فى قطاع غزة سواء بالترحيل أو النقل أو الإبعاد، بوصف الأمر جريمة دولية تخالف القانون الدولى لن تشارك فيها مصر أو تسمح بها، اضافة إلى التعبير المصكوك على لسان الرئيس السيسى بأن مصر لن تقبل أو تشارك فى ظلم الأشقاء الفلسطينيين، ومن بعد هذا الموقف الصلد توالت المواقف العربية فصولا بالرفض والاستهجان والممانعة الكاملة، حيث كان موقف السعودية من القوة والصلابة مع الموقف المصرى، ما شكلا حائط صد فولاذيا فى وجه ترامب، حيث كان الموقف السعودى وهو آخر ورقة ضغط ثقيلة فى يد العرب، بجانب القوة الخشنة للدولة المصرية، بمثابة الصفعة التى صعقت وجه نيتانياهو وعصفت وزلزلت آمال الإسرائيليين بالتطبيع المجانى مع السعودية والعرب، وحسنا ان قررت وفعلت السعودية وأنذرت بأن التطبيع مرهون بدولة فلسطينية، مع التمسك باللاءات الثلاث لا للتهجير ولا للاستيطان أو الضم، ومن هنا اكتملت صور الإعجاز العربى لرفض خطة ترامب.

ولكن هل سيتوقف ترامب عند هذا الحد، ويقبل خسارة جولته الأولى لطرحه بتهجير سكان قطاع غزة؟

فى تقدير الأمين العام للجامعة العربية السيد أحمد أبوالغيط فى لقاء جمعنا مؤخراً للوقوف على سيناريوهات التعامل مع طروحات ترامب الاخيرة ومفاجآته الواردة خلال السنوات الأربع القادمة لنا كعرب ولمنطقتنا، أجابنى الأمين العام بإشارات من القلق من افعال ترامب، بأن الشوط مازال طويلا وكتابة الفصل الأخير فى شهادة وفاة اقتراح ترامب سابق لأوانه، حيث أمامنا كدول وقادة وحكومات وجامعة عربية وشعوب جهد جهيد لوأد مثل هذه الافكار، حيث أسسنا لموقف عربى صلب وحاسم هذه المرة، واتفقنا مع كل الدول العربية على الإسراع بالرفض والاستهجان الكاملين، وهذا ماتحقق فقررنا توسيع دائرة الحركة والفعل بالتحضير لقمة عربية استثنائية بناء على طلب الجانب المصرى، ستعقد نهاية هذا الشهر بالقاهرة، وسيكون التمثيل رفيع المستوى للغاية استشعارا من القادة والزعماء العرب بخطورة الحدث،حيث سيخصص للقمة بند واحد فقط فى جدول اعمال القادة العرب، وهو طرح ترامب الأخير بتهجير سكان غزة ومستقبل القضية الفلسطينية، وفى هذه القمة ستجرى نقاشات مغلقة موسعة بين الزعماء، وسيتم التداول فى قرارات ومخرجات قوية للغاية، ربما تكون خارج المألوف فى القمم والمواقف العربية السابقة، وسيصدر موقف عربى قوى وثقيل الوطأة لرفض الطرح الأمريكى والتأسيس لحراك ديناميكى وحيوى للجانب العربى مع المجتمع الدولى ودوله قاطبة لوأد هذا الطرح فى الحال، بقوة موقف عربى سيشكل مفاجأة للسيد ترامب ونيتانياهو معا.

وقدم لى الأمين العام للجامعة العربية مبادرة وطرحا شخصيا باسمه، تهدم وتتجاوز اقتراح السيد ترامب الاخير ويتفوق عليه من حيث الأهداف وصون الحقوق وضمان إعادة الإعمار فى قطاع غزة دون ترحيل أو تهجير للفلسطينيين من القطاع، بل يضمن بمقتضاه التأسيس لدولة فلسطينية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مع مراحل إعادة الإعمار فى نفس الوقت، ويتأسس اقتراح أبو الغيط على عدة بنود، الأول بإمكانية نقل سكان غزة للنقب لفترة محسوبة بتوقيت زمنى يتم خلالها بدء عملية إعادة الإعمار فى غزة، على أن يتولى استقدام العمال الفلسطينيين يوميا عبر رحلات بالباصات للقيام بأعمال الإعمار، وفق خطة يقدمها الجانب الامريكى مع الدول العربية والمجتمع الدولى والأمم المتحدة ويرصدون أموالا لإعادة الإعمار، والبند الثانى وخلال الإعمار وبعد 18 شهرا تجرى انتخابات تشريعية ورئاسية للفلسطينيين فى النقب بإشراف الأمم المتحدة، ثم يكون البند الثالث بعد نهاية إعمار غزة تبدأ المفاوضات مع الإسرائيليين بوساطة أمريكية ودولية وعربية لإقامة دولة فلسطينية، ثم يأتى البند الرابع فى مبادرة ابو الغيط بتوسيع دائرة التطبيع والتعاون العربى مع إسرائيل، وإقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير بشكل جديد ومتكامل بدمج إسرائيل فيه، والاتفاق على صيغ التعايش المشترك ومشروعات التعاون والتكامل الاقتصادى الكبرى بعد ذلك بأموال خليجية واقليمية، وبالتالى يقضى هذا المشروع على خطط ترامب ويبقى الفلسطينيين فى أرضهم ويقيم دولتهم، فى مقابل جعل إسرائيل جزءا أصيلا فى الإقليم، فهل يقبل ترامب والإسرائيليون العقلاء بهذا الطرح؟


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: