رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

مصر ودعم الفلسطينيين

بذلت مصر جهودها على مستويات متعددة لدعم الأشقاء الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم المشروعة طوال عقود سابقة تمتد من عام 1948 وحتى الآن، وبالنسبة للاعتداء الإسرائيلى على غزة منذ أكتوبر 2023 فقد تحركت مصر لدعم الأشقاء الفلسطينيين من خلال عدة محاور أساسية وهى:

المحور الدبلوماسى وخصوصا من خلال دبلوماسية القمة أو الدبلوماسية الرئاسية وسواء كان ذلك من خلال لقاءات ثنائية مباشرة أو عبر اتصالات هاتفية تدعو فيها مصر إلى نزع فتيل الأزمة والوصول إلى التهدئة لتجنب التداعيات فى المنطقة حتى لا تمتد الأزمة إلى أطراف أخرى غير أطرافها الأصليين مما يؤثر على أمن واستقرار الإقليم، كما كان هناك أيضا الدبلوماسية الجماعية من خلال مؤتمرات القمة التى شارك فيها السيد الرئيس والتى كان يتم فيها الدعوة إلى حل الأزمة فى غزة من مختلف جوانبها للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.

المحور الإنسانى، حيث قامت مصر طوال الوقت بالعمل على إنفاذ المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين فى غزة وكانت الإعاقة تأتى من الجانب الإسرائيلى، كما قامت مصر بإلقاء مساعدات إنسانية خصوصا فى مناطق شمال غزة من خلال السلاح الجوى وبالتعاون مع الأردن لتخفيف حدة الحصار وسياسة التجويع التى فرضتها قوات الاحتلال، كما قامت مصر أيضا باستقبال حالات المرضى والجرحى الفلسطينيين وعلاجهم فى المستشفيات المصرية واستقبال المساعدات الإنسانية المقدمة من دول العالم فى مطار العريش لإدخالها لسكان القطاع المحاصرين.

المحور السياسى والقانونى، حيث دعت مصر دول العالم إلى العمل على ايجاد أفق سياسى للقضية الفلسطينية من خلال اطلاق مبادرة سياسية تؤدى إلى اقامة الدولة الفلسطينية وفقا لحل الدولتين وخصوصا بعد ظهور آثار سلبية لعدم التوصل إلى حل على نحو ماحذرت منه مصر مثل فتح جبهة جديدة للصراع فى لبنان، وتدخل إسرائيل فى سوريا، والضربات المتبادلة مع إيران والحوثيين، وتهديد الملاحة فى البحر الأحمر وتأثيرها السلبى على التجارة الدولية والاقتصاد العالمى، كما كان لمصر أيضا دورها على المستوى القانونى لدعم الفلسطينيين وذلك من خلال المرافعة القانونية أمام محكمة العدل الدولية.

التوصل إلى اتفاق التهدئة فى غزة نتيجة لجهود الوساطة المكثفة والمقدرة التى بذلتها مصر حتى أمكن تحقيق اتفاق مكون من ثلاث مراحل لإيقاف اطلاق النار وانفاذ المساعدات الإنسانية بكميات كافية ومستدامة، وتبادل

 

الأسرى والرهائن وهو الاتفاق الذى بدأ aمرحلته الأولى، وتحققت خطوات ايجابية فى تبادل الأسرى وبداية عودة النازحين فى الجنوب إلى اماكنهم الأصلية فى شمال غزة.

ويعتبر رفض التهجير للفلسطينيين أحد الثوابت المهمة فى الموقف المصرى حيث اعتبرت مصر أن تهجير الفلسطينيين إلى أى مكان هو بمثابة خط أحمر و غير مقبول من جانب مصر وذلك لما يؤدى إليه ذلك من تصفية القضية الفلسطينية وقد عبرت مصر عن ذلك فى مناسبات متعددة، ولذلك فإن المقترح الأخير من الجانب الأمريكى بخصوص تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وإلى الأردن يتسم بالغرابة سواء من حيث التوقيت، أو من حيث دوافعه، فمن حيث التوقيت جاء هذا المقترح بعد مرور قرابة أسبوع من بداية تنفيذ الهدنة فى غزة وبداية عملية تبادل الأسرى، وبداية عودة النازحين إلى مناطقهم فى الشمال ولذلك فإن إعلان هذا الاقتراح فى هذا التوقيت يثير التساؤل حول تأثيره على اتفاق الهدنة فى غزة، واستكمال مراحله المختلفة وبنوده ومدى تأثير ذلك على استمرارية الاتفاق وخصوصا فى ظل الخلافات والانقسامات فى الداخل الإسرائيلى فى الموقف من هذا الاتفاق ومعارضة اليمين المتطرف واستقالة وتهديدات بالاستقالة من جانب بعض وزراء الائتلاف اليمينى الحاكم فى إسرائيل وخروج بعض أعضاء الكنيست وتناقص أغلبية الحكومة إلى 62 عضوا من 120 داخل الكنيسيت، ولذلك فإن لهذا المقترح تأثيره السلبى على اتفاق الهدنة الذى تم التوصل إليه. ويلاحظ أن مقترح التهجير يلقى الرفض التام من مصر والأردن سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى، فمصر ترفض التهجير إلى سيناء لما يمثله ذلك من تصفية للقضية الفلسطينية، ومخالفة قواعد القانون الدولى واحترام سيادة الدول، وتصدير المشكلة إلى دول الجوار، علاوة على أن ذلك لا يحل المشكلة الأصلية وهى حق الشعب الفلسطينى فى أن يكون له دولته وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ولذلك فإن الاقتراح يجد رفضا تاما فى مصر سواء على مستوى القيادة أو على مستوى البرلمان والمؤسسات السياسية، وجموع الشعب المصرى ككل والذى لن يقبل التفريط فى سيناء والتى تم استعادتها بالدماء والتضحيات، كما يتخذ الأردن أيضا نفس الموقف المصرى وخصوصا أن مقترح التهجير يتسم أيضا بالغموض, كذلك فإن الحجة التى قيلت فى تبرير التهجير هى حجة واهية، وهى إعادة بناء غزة ، فإذا كان الهدف إعادة البناء فهى عملية يفترض أن يسهم فيها الجميع، ولماذا لا يتم مطالبة الطرف المعتدى الذى دمر غزة أن يتحمل مسئوليته من خلال الإسهام فى عملية إعادة الإعمار . إن وجهة النظر المصرية فى رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يتوافق مع وجهة النظر الفلسطينية حيث يرفض الأشقاء الفلسطينيون الهجرة إلى سيناء أو إلى أى مكان آخر ويتمسكون بأرضهم وفشلت جرائم الحرب والإبادة فى أن تدفعهم للتخلى عن هذه الأرض وبالتالى لن ينجح هذا المقترح فى تحقيق ماعجزت عنه آلة الحرب الإسرائيلية رغم ما ارتكبته من مجازر طوال أكثر من 15 شهرا.

> أستاذ العلوم السياسية

بجامعة القاهرة


لمزيد من مقالات د. إكرام بدر الدين

رابط دائم: