رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

ترامب والشرق الأوسط .. سنوات الجمر

عودة الرئيس الأمريكى ترامب إلى البيت الأبيض، تثير هواجس غالبية دول العالم ان لم يكن كلها باستثناء إسرائيل، حتى أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبى، أصابهم القلق وكان أبلغ تعبير ما نحته المستشار الألمانى شولتز عندما اقترب موعد تنصيب ترامب حيث قال: ان عهد ترامب سيكون صعبا ومضنيا على العالم .. وشريكه فى فرنسا الرئيس ماكرون علق الجرس لأقرانه فى أوروبا وطالبهم بسرعة البحث عن جيش أوروبى موحد يحميهم، وكان الأكثر صراحة رئيس الوزراء الفرنسى، حيث خاطب أوروبا عشية دخول ترامب البيت الأبيض، بان عليها انتظار السحق من ترامب، أما فى آسيا فكانت تعليقات العديد من قادتها، يعتريها توقع المجهول الكارثى، الصين وحدها بادلته التحدى مؤكدة ان أى جنوح سياسى أو قرارات اقتصادية وإجراءات جمركية ستقابل بنفس رد الفعل فى الحال، ولسان حال الرئيس الروسى بوتين فى روسيا فور التنصيب يقول لننتظر ونر، ثم عدل البوصلة فى اليوم الخامس بإشارات ترضى غرور نظيره الأمريكى، فقال إنه يثق فى ان ترامب لو كان موجودا فى البيت الأبيض بعد انتخابات 2020، لما وقعت الحرب مع أوكرانيا، أما فى الشرق الأوسط فالغالبية «دوله وشعوبه» ينتظرون الجحيم، وسيناريوهات كارثية، وسنوات من الجمر والنار تنتظر بعض دول المنطقة التى يراها ترامب مارقة، فى إشارة إلى إيران وكامل أذرع محور المقاومة والممانعة، والبعض وأنا منهم أرى أن العائد إلى البيت الأبيض، لن يتوانى عن تمزيق خرائط الإقليم لصالح حليفه إسرائيل، مع نسف الاتفاقيات والمبادرات والقرارات الدولية لأجل تكريس شعار إسرائيل أولا وأخيرا، ولتذهب حقوق العرب إلى الجحيم.

لا مبالغة فى القول إن السيد ترامب يبدو مدفوعا بغريزة الانتقام، غير منضبط، لا يمكن ان تتوقع ردود أفعاله أو نوعية حساباته، الواقع المقروء من خطاب وسياسات الرجل فى الإقليم، يشوبه الغموض، والغوص بالرؤية والتحليل لجوهر أفعاله وتحركاته وخططه القادمة للمنطقة ودولها حرث فى بحر، كل ما هو مؤكد حتى اللحظة قناعة لا تلامس اليقين ان ترامب مصمم على تمرير الصفقة وتبادل الأسرى والمحتجزين بين حماس وإسرائيل، ووقف إطلاق النار حتى المرحلة الثالثة، ولكن ماذا بعد، بالطبع الغموض والتيه، ربما تزداد الهواجس من موجة جديدة من سياسة أكثر تصلبا تزيد من حدة التوترات المتفاقمة أصلا فى منطقة ملتهبة طيلة الوقت، فى المقابل هل ينبئ دخوله البيت الأبيض بتغيير جوهرى فى السياسة الخارجية الأمريكية، كما وعد وتحدث ليجعل إرثه هو إرث السلام، ويكون النصيب الأكبر للشرق الأوسط، مع الأخذ فى الاعتبار ان الرجل يرى فى نفسه أفضل صديق لإسرائيل، وهو القائل أمام المجلس الإسرائيلى - الأمريكى بواشنطن قبل الانتخابات الأمريكية بأيام «سأجعل إسرائيل عظيمة مرة أخري»، وبالتالى كل ما سيقدم عليه هو التناغم مع خيارات حكومة اليمين المتطرف فى إسرائيل، وتقديم هدايا وحوافز لرئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو لتحقيق حلمه، تجريف كل المبادرات الدولية والعربية لاستحقاق حق الدولتين، وتخيير الفلسطينيين ما بين التهجير والحكم الذاتى المحاصر بالضفة الغربية بسياج من المستوطنات، وسجن كبير محاصر فى غزة. وبالتالى كل ذلك متاح وينتظر إخراج الصفقة المثيرة للجدل صفقة القرن التى روج لها صهره جاريد كوشنر فى الولاية الأولى، والتى تكرس القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، مع وضع خطة أمريكية محكمة للسيطرة على قطاع غزة، تصب فى خانة إنهاء أى وجود لحماس أو المقاومة، حيث أعلنها ترامب صراحة انه لن يكون هناك أى حكم لحماس فى غزة مستقبلا، وبالتالى البحث عن صيغة جديدة لإدارة غزة وفقا لسيناريوهات تل أبيب لليوم التالى لغزة، عبر سلطة فلسطينية منقوصة أو بالتعاون بينها وبين شركات أمن وسيطرة أمريكية ورقابة إسرائيلية وفق صيغة يتم اعتمادها بشكل تدريجى، مقابل انسحاب إسرائيلى من القطاع بعد إتمام مراحل الصفقة، وان كان هذا لا ينفى بقاء المقاومة، ولذا سيكون الطريق فى غزة صعبا وطويلا، ولكن المهمة الأصعب والأشد وطأة فى الشرق الأوسط هى ذلك السيناريو الكارثى المتوقع من قبل ترامب المتعلق بالمواجهة الأمريكية - الإسرائيلية مع إيران، خاصة ان الأخيرة لاتزال بالنسبة لترامب العدو اللدود الذى ينبغى القضاء عليه ونزع مخالبه، وبالتالى هناك سيناريوهان للتعامل الأمريكى - الإسرائيلى مع طهران، الأول إصدار ترامب سلسلة من القرارات والإجراءات القاتلة اقتصادية وسياسية وليست عسكرية فى العام الأول من حكمه، بتفعيل سياسة الضغط الأقصى وحصار إيران بجملة من العقوبات لشل الاقتصاد الإيرانى، وقطع أذرعها فى الإقليم، بهدف إجبار طهران على التفاوض وإنهاء برامجها النووية وصواريخها الباليستية، وفى نهاية المطاف تذعن طهران لصفقة مع الولايات المتحدة وبشروط إسرائيلية، لتنتهى أسطورة اليد الطولى لإيران وحلفائها، والسيناريو الثانى إطلاق ترامب يد نيتانياهو لبدء مواجهة عسكرية شاملة مع طهران بغطاء أمريكى لضرب البرنامج النووى ومحطاته، والتعاون معا لتغيير النظام فى إيران، وهذا هو حلم نيتانياهو. وفى كلا السيناريوهين سوف تتحقق نبوءة نيتانياهو بالشرق الأوسط الجديد الذى يطلق فيه العنان لإسرائيل، ولأجل ذلك ستكون فترة ترامب سنوات جمر وسحق ليس لدول الإقليم فقط، بل لغالبية دول العالم وفى الدور أوروبا، التى يرغب سيد البيت الأبيض فى اغلاق الحساب المفتوح معها منذ ولايته الأولى.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: