صخب وهرج ومرج وتساؤلات حائرة وكلمات مرتعشة فى الصحف المحلية والعالمية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، كأن القادم الجديد لن يحكم البيت الأسود والولايات الأمريكية فقط ولكن سيحكم ويقرر مصائر جميع دول العالم، وهو أمر يصدق بقدر ما امتلكت بلاده من مقومات للنفوذ والتحكم وسمح لها خنوع واستسلام دول ودخولها تحت عباءة حمايتها وسيطرتها والقبول بكل ما يجعلهم توابع للطاغوت والنفوذ الأمريكي، الذى لا راد له بعد الله إلا بالأخذ بجميع مقومات استنهاض القوى الداخلية للأمم، والاستقواء بدعم شعوبها وفتح آفاق الحريات وتعظيم استثمار ثرواتها البشرية، وجعلهم شركاء حقيقيين فى إدارة بلادهم من خلال تمكين أصحاب الخبرات والكفاءات الحقيقية والمواقف الوطنية والتى ترفض وتناهض ما تمارسه الإدارات الأمريكية وأدواتها، وفى مقدمتها الكيان الإرهابى الصهيونى الذراع الأمريكية فى الشرق الأوسط ولا تقبل أن تكون مفاتيح ثباتها واستقرارها وحل أزماتها بأيديهم وبرضاهم وبالدوران فى فلكهم ودعم جرائمهم، وأقرب مثال ما ارتكب فى غزة من حرب إبادة ظلت طوال 15 شهرا تحصد آلاف الشهداء وتسقط آلاف الجرحى وفى مقدمتهم الأطفال والنساء وتدمر البيوت والمستشفيات والمدارس حتى قيل إن قطاع غزة قد يحتاج إلى 350 عاما ليعود إلى ما كان عليه قبل أكتوبر 2023، جاء الرقم فى تقدير للأمم المتحدة وهى واحدة من المؤسسات الدولية التى تحولت الى ألعاب تدار وفق المؤامرات والمخططات الأمريكية .. إن ما أثق فيه أن الرأسمالية المتوحشة لن تستطيع أن تحكم العالم وإلا كان الدمار والخراب هو المصير والنهاية المؤكدة لعالم يحكمه الظلم وافتقاد العدالة وتوحش من يستطيع أن يضغى ويدمر.
وقد مرت أمس الذكرى الثالثة والسبعون لانتصارنا فى معركة على أقوى قوى البغى والاحتلال القديم والذى ورثته الإدارات الأمريكية فى الشرق الأوسط، وهو ذكرى مقاومة وانتصار شرطتنا الوطنية بالإسماعيلية عندما رفضت الاستسلام وتسليم أسلحتها لقوات الاحتلال البريطاني، التى كان قد أطار عقولهم مقاومة الفدائيين وأبناء بورسعيد وما قاموا به من إحراق وتدمير لمعسكراتهم ورفض العمال المصريين التعامل معهم وخدمتهم ووقف إمدادهم بالمواد الغذائية.. وظنوا أنهم بحصارهم محافظة الإسماعيلية بأكثر من سبعة آلاف جندى وضابط بريطانى على العدد المحدود لجنودنا وضباطنا البواسل وأسلحتهم المتواضعة سيفرضون إرادتهم ويستعيدون هيبتهم، ويحفظ التاريخ أن الرد على نداءاتهم بالتسليم من النقيب مصطفى رفعت رحمة الله عليه وعلى جميع من استشهدوا وكانوا 74 شرطيا مصريا و73 جريحا بعد رد الضابط المصرى على الجنرال البريطانى المغرور «إكسهام» إنكم لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة حتى جعلت عظمة المقاومة وتجليات الروح الوطنية قائد الهجوم البريطانى يعترف ببسالة المقاومة والتى ردته وجنوده خائبين وعاجزين عن تنفيذ مخططاتهم لجعل احتلال الإسماعيلية مدخلا للعودة لاحتلال القاهرة مرة أخرى.. وظلت معركة الإسماعيلية نموذجا من أعظم نماذج وطنية الشرطة المصرية وممارسة دورها وشعارها التاريخى أنها فى خدمة الشعب.. أيضاَ كانت ثورة 25 يناير للمطالبة بتغييرات وطنية تنقذ مصر مما أصابها نتيجة جمود وتجمد الحكم لأكثر من ثلاثين عاما لتعود وتواكب ما يحدث فى العالم من متغيرات، وأيضا رفضا لتوريث الحكم، وأيضا لقيام حياة نيابية غير خاضعة للاختيارات والإملاءات وجميع الممارسات التى تستبعد ولا تحترم إرادة الشعب، وللأسف لم يلتفت أغلب الثوار للمتربصين من جماعات سمحت لهم الحريات التى أعطاها لهم النظام بمشاركات نيابية لتنظيم صفوفهم وترتيب وسائلهم، وفى مقدمتها استخدام الدين الحنيف لأغراضهم وتحقيق ما لم يجرؤوا عليه فى أحلامهم وهو اختطاف الثورة، وأن يحكموا مصر فى عام كبيس مهد لغضبة وثورة لا تقل أهمية فى 30/6/2013 ولإعادة تحقيق آمال ثوار 25 يناير 2011، وآمال الأمناء والوطنيين من المصريين كلهم فى فتح الآفاق والحريات وتفعيل جاد وحقيقى لإرادة ومشاركة الشعب فى حكم بلاده، وتحقيق نداء الثوار عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية وإدراك وترشيد إدارة ما تمتلكه مصر من ثروات بشرية وطبيعية تجعلها فى غنى عن اللجوء لشروط وفروض القروض وصناديق التمويل الدولية وضرورة ترتيب الأولويات وحسن إدارة واستثمار الرأسمال البشرى والمعالجة الحكيمة والقادرة على تغيير مفاهيم بالية تحولت الى معتقدات دينية شاركت فى الانفجار السكاني، ووفق آخر إحصاء أن مصر زادت ربع مليون نسمه خلال 72 يوما، من المأمول أيضا قانون للمحليات ينقذ مصر من تحمل مزيد مما كلفها من أخطاء وخطايا وفى مقدمتها ما ضاع من أخصب أراضيها الزراعية والتكاليف الضخمة لاستصلاح الصحراء رغم ما يمثله من أهمية لمضاعفة المساحة المعمورة، ومع مزيد من تحقيق آمال المصريين التى تطلعوا الى تحقيقها بثورتهم السلمية والتى ستظل تثبت أن المصريين شعب يكمن ولا يموت أبدا، وأن ما سال من دماء يتحمل وزره خاطفو الثورة من جماعات إرهابية كما كشفت وأكدت الأيام والأحداث والمحاكمات ... وضرورة إدراك ما تحمل المصريون من أعباء وتكاليف نفسية واقتصادية وإنسانية تفوق قدرة البشر على الاحتمال وتوجب وتفرض التيسير والتخفيف والدعم والإدارة الكفء التى تجعل الحياة أقل ألما وعسرا على جموع وملايين المصريين وتحقق ما قاموا بثورتهم من أجل تحقيقه.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: