إذا أردت أن تعرف الوجه الحقيقى للشرطة المصرية، فعليك أن ترجع للوراء 73 عاما، وتقرأ تاريخ معركة الشرف والأمانة والتضحية والبسالة والتضحية فى موقعة الإسماعيلية عام 1952، عندما رفض أبطال مصر تسليم أسلحتهم، وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزى، وتساقط منهم العشرات بين شهداء وجرحى، دفعوا ثمنا غاليا لحب الوطن والانتماء له والتضحية فى سبيله، بأغلى ما يملك الإنسان، وهو الروح التى تبذل عن رضاء تام وطيب خاطر وقناعة وإيمان، ولبوا الواجب الوطنى دون خوف من القصف البريطانى العنيف، وكان ذلك من بين ما قامت عليه ثورة تحرير مصر.
واكتملت رسالة وفاء رجال الشرطة فى عام 1956، عندما تحركوا سريعا للتعامل مع العدوان الثلاثى، وقاموا بإيواء الفدائيين، وإعداد مخازن للأسلحة والذخيرة والمفرقعات، وحشد الأهالى بالمعسكرات.
وللشرطة المصرية تاريخ طويل من الشرف والعزة والكرامة، مكتوب بأحرف من ذهب خالص، لم يتوقف فقط عند الإسماعيلية، ورفض الإنذار البريطانى، والكفاح ضد العدوان الثلاثي، واستمر دور الرجال بمعدنهم النفيس، وقيمتهم الغالية، ولولا هذا الدور مع جيش مصر العظيم، ما وقفت مصر على قدميها، تبنى نفسها، وتتقدم للأمام، وفى المقدمة من هذه البطولات والإنجازات التصدى للخلايا الإرهابية، والقضاء على البؤر الإجرامية التى كانت تشكل شرا مستطيرا على الدولة المصرية، وتهددها بفوضى تصل بها إلى نهاية طالت جيرانها فى المنطقة، والنتيجة ما نعيشه الآن من أمن وأمان، بعد أن استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يثبت أركان الدولة، ويحافظ عليها من التفكك، ويعزز من قدرات مؤسساتها، فكان الاستقرار.
ولم تكن الشرطة المصرية بعيدة عن انتصارات السادس من أكتوبر عام 1973، بل لعبت دورا كبيرا فى تأمين الجبهة الداخلية، وكانت لها ملاح بطولية من رجال رفعوا شعار النصر أو الشهادة، وسيظل التاريخ شاهدا على ما قامت به الشرطة لخدمة الوطن فى كل المواقف والظروف الوطنية، دون تراجع أو استسلام، من خلال صناعة الأمن، الذى بدونه لن يكون هناك نمو، ولا تقدم، ولا ازدهار، ودربت المقاومة وأمنت خطوط المواصلات، ووفرت المواد الغذائية، وحفظت الأمن والنظام العام، وتصدت للأكاذيب والشائعات، وبثت الطمأنينة فى الجبهة الداخلية للوطن.

طوال تاريخها العامر، ضربت الشرطة المصرية أروع أمثلة الفداء والتضحية والعطاء فى سبيل الوطن
ويتصور البعض أن للشرطة يدا واحدة، تنال من الخارجين على القانون وأعداء الدولة، ويتناسون أن لها دورا إنسانيا عميقا يسير بالتوازى مع دورها فى حفظ الأمن والأمان، ألا وهو الحفاظ على حقوق الإنسان، ودعم جهود الدولة فى الحماية الاجتماعية، وانخرطت فى الكثير من المبادرات لدعم الأكثر احتياجا، مع مد جسور التواصل الاجتماعى مع كل أطياف الشعب، والمشاركة الفعالة مع مؤسسات المجتمع لتوطيد أواصر الثقة بين جهاز الشرطة والمواطنين فى كل المناسبات، ومد يد العون والمساعدة من خلال مبادرة «كلنا واحد» تحت رعاية الرئيس، لدعم منظومة الحماية الاجتماعية، ورفع العبء عن كاهل المصريين البسطاء مع مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» من خلال إطلاق العديد من قوافل المرور والأحوال المدنية مزودة بسيارات الخدمات الإلكترونية المجهزة المتنقلة؛ لتقديم الخدمات الجماهيرية فى كل المحافظات.
ولأنها لاحقت قطار العصر، وسلحت نفسها بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا فى البحث والتحري، فقد استطاعت وزارة الداخلية تجفيف منابع الإرهاب، وتوجيه العديد من الضربات الاستباقية الناجحة للإرهاب وفلوله، وتقليص أدوار من أرادوا بمصر الشر، والتصدى للشائعات بكل أنواعها، وكشف مخططات الوقيعة بينها وبين الشعب، إضافة إلى ملاحقة المخربين فى الاقتصاد المصري.
ويقدر الرئيس السيسى الدور العظيم الذى تقوم به الشرطة، فى الحفاظ على الدولة، ويثمن ما تبذله من جهود جبارة فى التعاون مع القوات المسلحة، فى بناء الدولة، بحفظ الأمن، وإشاعة الاستقرار، وقد عبر عن ذلك فى كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى 72 لعيد الشرطة المصرية، عندما قال: «وقف أبطال من الشرطة المصرية الباسلة ليدافعوا عن كرامة وعزة بلادهم فى الإسماعيلية عام 1952، ويقدموا حياتهم ثمنا غاليا، من أجل كبرياء مصر الوطني؛ إدراكا منهم أن حماية أمن البلاد والمواطنين غاية عليا لا تسمو فوقها غاية، إن ما قدمه هؤلاء الأبطال لبلادهم فى ذلك اليوم تحول لطاقة تحدٍ تسرى فى قلب هذا الوطن لتعيد إليه شبابه وتقربه من يوم استقلاله».
وأضاف الرئيس: «وكما كانت تضحيات أبناء الشرطة فى الإسماعيلية محركا لدوافع الكرامة الوطنية فإن تضحيات الشهداء من رجال القوات المسلحة والشرطة، ومن جميع أبناء الشعب المصرى فى مواجهة الإرهاب خلال الأعوام الأخيرة تأخذ مكانها المستحق على حائط شرف الوطن وبطولاته، فهى تضحيات نقدرها ونجلها، ونتحمل جميعا مسئولية كبرى بأن نقابل كرم الشهداء بكرم، وتضحياتهم بتضحية، وأن نحقق حلمهم بمصر عزيزة وكريمة إلى واقع وحقيقة لأبنائنا وأحفادنا جيلا بعد جيل».
إنهم ــ باختصار ــ رجال يضحون بأرواحهم ودمائهم دفاعا عن الوطن وأرضه وأهله، ضد كل ما يهدده، فى إطار رسالة سامية لا تمنعهم أى ظروف من أدائها، وقد رأينا دورها فيما بين 2011 و2013، وكيف استطاعت أن تحفظ الأمن، رغم ما تعرضت له من المخربين والمتآمرين، وردع كل من سولت له نفسه ترويع الآمنين، وتصدوا لكل محاولات الهدم، ونشر الفوضى، وحماية المنشآت العامة والخاصة، وتأمين أقوات المصريين، ومحاربة الفساد وجرائم التزييف والتزوير ومواجهة الجرائم الاقتصادية، والإضرار بالمال العام والاقتصاد القومي، وحماية قطاعات الكهرباء والمياه والنقل والمواصلات والآثار والمقدسات والمقدرات.
إنه لا ينكر دور الشرطة فى حياة المصريين إلا كل جاحد يريد أن يقلب الموازين، ويشوه الصورة لغرض فى نفسه، أو تنفيذا لأجندة خارجية تسعى بكل جهدها لأن يفلت العيار، وتنتشر الفوضى، ويغيب الأمن والأمان، ويكون المواطن المصرى هو الضحية، ولا يجد معايير الأمن والاستقرار التى تتيح له حياة كريمة، ينعم فيها بالخير، ويأمن على نفسه وماله.
وفى عيدهم الـ73 يستحق رجال الشرطة من كل المصريين التحية والتقدير، وكلمة شكر على ما يقدمونه لخدمة الوطن والمواطنين دون كلل أو ملل، ويلبون نداء الوطن والواجب فى أى لحظة من ليل أو نهار، ولكن هذا قدرهم أن يقدموا الغالى والنفيس، وما أعظمها من مهمة.
سيظل التاريخ شاهدا على ما قامت به الشرطة لخدمة الوطن فى كل المواقف والظروف الوطنية، دون تراجع، أو استسلام، من خلال صناعة الأمن، الذى بدونه لن يكون هناك نمو، ولا تقدم، ولا ازدهار.
[email protected]لمزيد من مقالات ماجد منير يكتب رابط دائم: