أيام قليلة ويغادر الرئيس الأمريكى بايدن البيت الأبيض، هذه المغادرة لاشك تلقى ارتياحا لدى غالبية دول العالم، خاصة دول وشعوب الشرق الأوسط، التى ترى فى شخص بايدن أسوأ رؤساء الولايات المتحدة، وأكبرهم تراجعا فى صفحات التاريخ بسبب جرمه المشهود فى الستة عشر شهرا الماضية، عبر مشاركته المباشرة ومسئوليته الأولى فى قتل وإصابة وفقدان أكثر من 170 ألف فلسطينى، منهم 46 ألف قتيل بدم بارد على المباشر فى حرب إبادة عنصرية، و110 آلاف مصاب، و15 ألف مفقود تحت الركام منذ الثامن من أكتوبر 2023، الرجل لم يحرك ساكنا، بل على العكس وفر الدعم اللوجستى والعسكرى والاستخباراتى والمالى والسياسى، لأسوأ أشرار العالم حكومة اليمين المتطرف فى إسرائيل، فرسخ الرجل عنصرا مؤكدا وطاغيا فى معادلة المؤامرة الأمريكية ضد الفلسطينيين وقضيتهم، فاستحق بايدن عن جدارة لقب الرئيس والسياسى الأسوأ فى صفحات التاريخ، حيث نجح دون مداراة وحسابات العقل والمنطق السياسى فى أن يسجل خروجه من التاريخ عبر الأبواب الخلفية.
كل هذه النهايات لحياة وتاريخ بايدن الأسوأ لم تكتب وتسجل فى التاريخ من فراغ، بل هناك عقود حافلة بالممارسات السلبية فى تاريخ الرجل، خاصة فى مناطق الشرق الأوسط بداية من الحرب والغزو الأمريكى للعراق وسنواته الطويلة فى رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى، وتكريس القبول والضغوط لأجل ضرب واحتلال العراق، وحتى عندما تولى منصب نائب الرئيس أوباما لثمانى سنوات، حضر الى العراق مرات كثيرة، أوصى جنود الاحتلال الأمريكى بقوة القبضة الباطشة بالعراقيين واستباحة أرضهم ونسائهم عبر قوات البلاك ووتر، وكرس لسنوات الاحتلال والقتل والبطش بكل عراقى، والتزم بنمط السياسات المتحفزة لإشعال الحروب وتأجيجها بين الناتو وروسيا فى حرب أوكرانيا، وسعى للتحريض الدولى ضد روسيا باشعال جذوة الحرب وامتدادها لأكثر من ثلاث سنوات، بدلا من طرح مقاربات لوقفها، وتقديم مبادرات سلمية وتفعيل طاولات الحوار، بل سعى لتقديم الأسلحة ومكونات الحرب الشاملة للأوكرانيين وحلفاء أمريكا فى الغرب والناتو لإطالة أمد هذه الحرب، وجر ويلات الخراب والتراجع لاقتصادات مناطق عديدة فى العالم، جراء الانكماش وتعطيل إمدادات سلاسل التوريد والتجارة الدولية، والنتيجة ان سياسة التصعيد التى تبناها بالضغط على حلفائه فى الناتو، وتقديم الأسلحة الأمريكية ومليارات الدولارات لأوكرانيا، قد ذهبت هباء وضاعت لسببين الأول ان روسيا انتصرت ومازالت محتفظة بالمناطق التى استقطعتها من أوكرانيا، وراكمت الخسائر ضد أوكرانيا وأراضيها بفعل التفوق والانتصارات الروسية، ثانيا وصول ترامب الى البيت الأبيض سينسف كل هذه الاستراتيجيات الأمريكية بشأن تعاطى بايدن مع أزمة أوكرانيا، حيث أعلنها الرئيس القادم للبيت الأبيض وقف الحرب واللقاء مع الرئيس الروسى بوتين لإنهاء القتال فى الحال، والضغط على الرئيس الأوكرانى زيلينسكى للقبول بالاستحقاقات الروسية الأخيرة فى أوكرانيا، ناهيك عن وقف تقديم الأسلحة والأموال لأوكرانيا وقطعها مباشرة، وهذا يكشف سوء فعل وسذاجة تعاطى بايدن مع أوكرانيا منذ اليوم الأول.
أما ثالثة الأثافى على فشل بايدن، فهو حجم الجرم والارتكابات المباشرة وغير المباشرة التى أقدم عليها خلال حرب غزة الأخيرة، بوصفها المأساة الأكثر وحشية وبؤسا فى القرن الحادى والعشرين، حيث جعل الرجل الشرق الأوسط والعالم يمشى على رءوس السنابك لأكثر من 15 شهرا بفعل فواجع الموت ومآسى المجازر وحروب الإبادات المتواصلة التى وفرها بايدن للاحتلال الإسرائيلى، وحفنة القتلى النازيين المغامرين بمستقبل الإقليم، حيث عطل بايدن استخدام كل أدوات وقنوات الضغط الأمريكى ووقف عاجزا عن ردع حملات القتل الإسرائيلية، بل من أسف وفر الحاضنة العسكرية والاستخباراتية والمالية والدبلوماسية والسياسية لنيتانياهو وإسرائيل، ليس فقط فى حفلات القتل اليومية فى غزة، بل عبر التدخل والتعطيل لنسف وإلغاء قرارات الادانة فى مجلس الأمن، ومنع صدور قرارات دولية لوقف المقتلة اليومية هناك، وأكثر من ذلك لجأ الى التدخل والضغط على أصدقاء وحلفاء أمريكا فى أوروبا لمنع إدانة وتجريم إسرائيل أو عقابها، وسعى لتسخيف ورفض وإلغاء قرارات الجنائية الدولية ومحكمة العدل الأممية، ومنع وصول أيادى العدالة الدولية للملاحقة والتعقب والقبض على قاتل العصر نيتانياهو ووزراء وقادة جيش الاحتلال، فاستحق بايدن عظيم الأخطاء وعديم المجد فى صفحات التاريخ ،حيث سيؤرخ رجالات التاريخ، ان هذا الرجل كان الأسوأ والمشارك فى جرائم القتل والدم، بفعل فقدان رجاحة العقل الذى غاب عنه، ورهاناته الخاسرة للاستمرار والبقاء فى البيت الأبيض لفترة ثانية، وتوفير قوة الدفع من اللوبى اليهودى، وعكس رياح بايدن قالت الاقدار كلمتها، ومنع من استكمال حملته الانتخابية، بسبب سوء فعلته بتأييد حرب نيتانياهو والخلل الصحى والعقلى الذى ألم به، وأوقف زحفه وأمله بالبقاء رئيسا لفترة ثانية، وهو الأمر نفسه الذى انعكس بالسلب بسبب مواقفه الضبابية وأدائه الباهت على بديله فى الانتخابات كامالا هاريس، فحدث لها هذا السقوط المروع بسبب سوء أفعال وسياسات رئيسها بايدن التى حصدتها، فخسر سنوات عمره السياسية، وخرج من أبواب وفصول التاريخ والى الأبد، وتكفيه صرخات قتلى غزة التى ستقضى وتؤرق مضجعه كل ساعة.
هذه كانت لحظة مصارحة ومكاشفة من كاتب مصرى وعربى، أراد ان تصل إليكم فى لحظات الأفول والمغادرة للبيت الأبيض، واضعا فى الاعتبارات حجم الغضب والقطيعة والامتعاض لشخصكم والتى سوف يسجلها التاريخ بغضب وعدم أريحية.
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: