رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

صناعة مزدهرة.. غد أفضل

عانت الصناعة فى الدول النامية، ومنها مصر بطبيعة الحال، صعوبات عديدة، بسبب ما كانت تواجهه من تعقيدات، وما يصادفها من أزمات، حتى جاءت اللحظة الفارقة قبل سنوات، عندما تفشى فيروس كورونا «كوفيد ــ 19»، ومن بعده انطلقت شرارة الحروب والصراعات، وأزمة المناخ، وهو ما أثر على سلاسل الإمداد، ونال من التنمية الاقتصادية، ولعل هذا ما دفع إلى الاهتمام بالصناعة، من أجل دعم الاقتصاد، وتعزيز الاستثمار، وزيادة الإنتاجية، وإيجاد فرص عمل، والقضاء على الفقر، وتحقيق الأهداف الإنمائية.

تلعب الصناعة دورا رئيسا فى تحقيق التنمية المستدامة، طبقا لأجندة الأمم المتحدة، وشهدت مصر نهضة صناعية فى القرن التاسع عشر، وازدهرت صناعات المنسوجات والسكر والزيوت، بوصفها المرتكز الأساسى للنمو الاقتصادى، فكانت خطوات حماية الصناعة الوطنية من تحديات جمة، من أجل تشغيل الأيدى العاملة، وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، والانتقال إلى مرحلة الاقتصاد الصناعى المتطور، الذى يهدف إلى التصدير، وتقليل الواردات، والاندماج فى سلاسل التوريد العالمية، ومواكبة التغيرات التكنولوجية.

وواجهت الدولة المصرية تحديات غير مسبوقة فى العام المنتهى، ولكنها استطاعت تجاوزها، واقترن الاقتصاد بمؤشرات إيجابية فى العام الحالى، بعد أن تم الوفاء بكل الالتزامات، وهو ما يبشر بالأمل، خاصة بعد البدء فى تنفيذ إستراتيجية صناعية، يأتى فى مقدمتها مشروع الغزل والنسيج، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى، على أن يتم استكمال المرحلتين الثانية والثالثة فى عام 2025 وأوائل عام 2026، وتم إنفاق نحو 56 مليار جنيه، مع الحرص على دخول القطاع الخاص بالمشاركة، من أجل تحقيق النجاح واستدامته.

ولم تبخل الدولة المصرية، أو تدخر جهدا فى عملية إحياء أصولها التاريخية، التى يمتد عمرها لما يقرب من 100 عام، والتى تدهورت لسنوات، بعد أن كانت تمثل 40% من قوة الاقتصاد فى مرحلة سابقة، وسيأتى اليوم الذى يتوقف فيه تصدير القطن المصرى خاما، ويتم استخدامه فى الصناعة الوطنية، وعندما يتحقق المستهدف نكون قدمنا ملحمة عظيمة فى إحياء صناعة لها مكانتها الخاصة فى قلب كل مصرى، ظل يفخر بها منذ زمن طويل.

وقريبا، وبحلول عام 2026 ستشهد السوق ــ على سبيل المثال ــ إنتاج 50 ألف سيارة كمرحلة أولى، يليها إنتاج 100 ألف سيارة فى السنة، فى إطار توطين هذه الصناعة الإستراتيجية، إضافة إلى مبادرة دعم الصناعة بقيمة 30 مليار جنيه على مدار السنوات الخمس المقبلة، والتى تأتى ضمن 3 مبادرات تعمل بالتوازى، واحدة أطلقها البنك المركزى لتمويل قطاعات الصناعة لشراء المعدات والآلات، لتلبية احتياجات الشركات الصناعية، ومبادرة إنشاء صندوق لمساعدة المصانع المتعثرة، بالإضافة إلى هذا تطوير عدد من الشركات الوطنية، ومنها شركة النصر للسيارات، وشركة النصر للمسبوكات، لتحقيق أفضل جدوى اقتصادية.


تحتل الصناعة أولوية مطلقة على سلم اهتمامات الدولة المصرية، بوصفها رافعة للاقتصاد والتنمية

وتقدم الدولة العديد من الحوافز الاستثمارية، من أجل إيجاد حلول جذرية وفورية لكل التحديات التى تواجه الاستثمارات الصناعية، ورفع الأعباء عنها، إضافة إلى تنفيذ خطة لتوطين وتعميق الصناعة المحلية، وإطلاق خريطة استثمارية شاملة وديناميكية، فى صورة مشروعات قابلة للتمويل موزعة على كل المحافظات.

وقدمت الحكومة، برنامجا يقوم على بناء اقتصاد تنافسى جاذب للاستثمارات، من أجل تطوير الصناعة الوطنية كإحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية، تضمن تحسين بيئة الأعمال، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، لدعم المستثمرين المحليين والأجانب، وتشجيع الابتكار والتكنولوجيا فى قطاع الصناعة، إضافة إلى مبادرات تعزيز قدرات الصناعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة تنافسيتها فى الأسواق المحلية والدولية، وتم تركيز الجهود على تحديث البنية التحتية الصناعية، وتوفير التدريب اللازم للعمال، بل جعلته الدولة المصرية، من أولوياتها، لتعزيز التكنولوجيا والابتكار.

ويحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على متابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتنمية الصناعة، والرؤية المستقبلية التى تتبناها الدولة لرفع معدلات نمو هذا القطاع، ونصيبه من الناتج المحلى الإجمالى، وزيادة حجم وجودة الصادرات الصناعية، ومستجدات الجهود الجارية لإنشاء تجمعات ومناطق صناعية متكاملة، ودعم الصناعات التحويلية، وقائمة المجالات ذات الأولوية، التى تمتلك مصر فيها قاعدة تصنيعية، وفرصا ومزايا تنافسية، على المستويين الإقليمى والعالمى.

وتبنت الدولة إستراتيجية شاملة لتطوير الموارد البشرية، وتوفير الدعم المالى والفنى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتم إنشاء عدد من المناطق الصناعية الحديثة والمتكاملة، والمشروعات الصناعية الكبرى، وعلى رأسها الصناعات الحربية والتحويلية، والتصنيع الغذائى، والمنسوجات، والمعادن، والكيماويات، واهتمت بالاستثمار الصناعى منذ عام 2015 ، وفقا لرؤية التنمية المستدامة 2030، والتى ارتكزت على تنمية القطاع الصناعي، وزيادة مساهمته فى الناتج المحلى، وحرصت على توطين عدة صناعات، وهى السيارات الكهربائية، والرقائق الإلكترونية، والمركبات، والصناعات المغذية، وتكنولوجيا الفضاء، وتحليل ومعالجة المياه، والوحدات المتحركة للسكك الحديدية، والبطاريات، والهيدروجين الأخضر، والدواء، والمعلومات، والصناعات الرقمية، والأمن السيبراني، والصحة الرقمية، والطاقة الخضراء والمتجددة، والصناعات المعتمدة على تقنيات الثورة الصناعية.

وأستطيع أن أقول إن الدولة كانت جادة من اللحظة الأولى فى تنفيذ إستراتيجية شاملة للنهوض بالقطاع الصناعى، انطلاقا من الإيمان الكامل بأنه قاطرة التنمية خلال المرحلة المقبلة، حتى تغطى احتياجات السوق المصرية من كل المنتجات، مع الوضع فى الاعتبار أن القطاع الخاص شريك أساسى فى المشروعات التنموية، وهناك حرص دائم على تقييم أداء القطاع الصناعى، من واقع تقارير المؤسسات الدولية، ومراجعة التجارب الدولية الناجحة.

ولا أبالغ إذا قلت إننا فى خانة الإنجازات، ولا شك فى أن القطاع الصناعى تطور بشكل لافت فى السنوات الأخيرة، حتى أصبح لدينا قاعدة صناعية لا تتوافر لدول كثيرة، وهى نقطة انطلاق كبيرة، تعطى الأمل فى غد أفضل، يبشر بإحياء وتشجيع الصناعة الوطنية وتطويرها، لتسترد مكانتها القديمة التى تؤهلها للمنافسة فى الأسواق الكبرى، وتوفير المنتج المحلى، وزيادة الصادرات، مما يقلل من فجوة الاستيراد، كما يزيد فرص العمل، ويخفض معدلات البطالة، يستقطب المستثمر الأجنبى، ويرفع الناتج القومى الإجمالى للدولة، وهو ما كان مستحيلا لو لم تبادر الدولة المصرية بدورها فى توطين الصناعات، وتوفير الأراضى الصناعية والمواد الخام، وتقديم المزيد من التسهيلات، وتخفيف الإجراءات، والاهتمام برأس المال البشرى، بتطوير التعليم الفنى وتوفير الدورات التدريبية، حتى أصبحت عندنا الأرض الجاهزة لقطاع صناعى حديث يليق بالجمهورية الجديدة.

***

  • غد أفضل، يبشر بإحياء وتشجيع الصناعة الوطنية وتطويرها، لتسترد مكانتها القديمة التى تؤهلها للمنافسة فى الأسواق الكبرى، وتوفير المنتج المحلى، وزيادة الصادرات، مما يقلل من فجوة الاستيراد، كما يزيد فرص العمل، ويستقطب المستثمر الأجنبى، ويرفع الناتج القومى الإجمالى
[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب

رابط دائم: