رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

الشعب الواعى والسم القاتل

ليس هناك استثمار أفضل، ولا أكثر نجاحا من الاستثمار فى الإنسان، بل إن بناء الدول والتقدم الحضاري، واستمراره يقوم فى الأساس على دور الإنسان، يقول لنا التاريخ إن نهضة الدول، ليس ببنائها وثرواتها المادية فقط، بل بمدى مساهمة الإنسان فى المشروع الوطني، فهو وحده القادر على انتشالها من الخطر، وإنقاذها من التدمير، ورفعها إلى القمة، والابتعاد بها عن القاع.

وكم من بناء متين وصلب وصامد على مر التاريخ، سقط، لمجرد أن الشعب خلفه لم يكن واعيا بأهمية وطنه ومكتسباته، ولا مدركا لحجم الخطر الذى يحدق به، ولا يحول بينه وبين أعدائه الذين ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض عليه، وتحويل البناء، الذى ظنه الجميع بمنأى عن الخطر، إلى حطام وأطلال لن يفيد البكاء عليها بعد فوات الأوان، ومن هنا تبرز أهمية مسئولية بناء الوطن، وغلق الثغرات، والوقوف فى وجه المؤامرات، حتى لا تضيع الفرصة، ويتوارى المشروع النهضوي، أو يتدحرج فى مسار عكسي، وتغلب حسابات الولاءات والأجندات الفئوية، والسبب من وجهة نظري، غياب الوعي، وضعف مقاومة الأكاذيب والشائعات التى تجد بيئة صالحة، فتهوى البلاد إلى هوة سحيقة، بعد أن كان الطموح نهوضا بلا سقف.

ليس مطلوبا أكثر من شراكة فى الوطن، يكون شعارها الانتماء والولاء، وتغليب المصلحة الوطنية، والسعى إلى كل ما يعود بالنفع، وما أشد حاجتنا إلى تفعيل وتنشيط الحس الوطنى إذا أردنا النهضة المستدامة، وليس هناك أهم من التوقف عن لغو المقاهى والمجالس، ومتابعة كل الأخبار السلبية، وأن نتنافس فى الإنجازات، والإخلاص فى العمل من أجل زيادة الإنتاج، وأن نتذكر دائما أننا نعمل للوطن ولأنفسنا، وأن نعتبر ذلك قيمة ورسالة، وكلها أشياء بسيطة للغاية، ولا كلفة لها، ولكن لها تأثير كبير فى التصدى لدعوى الإحباط واليأس.


وأعتقد ــ بل أجزم ــ أن الشعب المصرى عنده من الوعى ما يكفى لأن يستوعب ما يحاك ضد الدولة المصرية منذ سنوات، وما يتم تدبيره فى الخفاء، ليخرج سريعا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حافلا بالكثير من الشائعات والأكاذيب والافتراءات، وممزوجا بجزء بسيط من الحقائق، بهدف الخداع، وإيقاع الشعب، الذى هو صمام الأمان، فى الشراك، وفى ذلك يجتمع كل الكارهين لاستقرار الدولة المصرية، من أجهزة استخبارات وجماعات، ودول، كل ما يهمهم ألا تكون مصر فى وضع أفضل، بل تقع فيما سقط فيه من حولنا، بل إنها كانت الهدف الأول، ولكن رجال جيش مصر العظيم وشرطتها، نجحوا فى التصدى لهذا الشر، وإيقاف معاول الهدم، ورفع فئوس البناء والتنمية، وهو ما كان بعيد المنال لولا وقوف الشعب سندا ودعما وحائلا دون أى اختراق، واليوم الدور أكبر وأهم فى ظل انفجار المنطقة الذى لا يتوقف ولا يرحم، وحرص الخصوم على ألا يتوقفوا عن مؤامراتهم، ونصب فخاخهم التى لن يسقط فيها إلا هم وكل مريدى البلد الآمن المسالم بالشر اليوم قبل غدٍ.

نحن ــ المصريون ــ مطالبون بأن نحافظ على ما حققناه فى السنوات الأخيرة، وأن نتمسك باستمرار الأمن والأمان، والأهم أن نحذر ألف مرة، وأن نتحسس مواضع أقدامنا، فما يحاك لمصر يحتاج إلى عيون يقظة، وقلوب مفتوحة، وآذان صاغية، وألا نركن إلى قوة الجيش والشرطة فقط، فنحن «الشعب» معهما نشكل الحصن الأول، والدرع الواقية التى تحول بيننا وبين الخطر الذى يقترب من أبوابنا.

وتوقفت كثيرا عند ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال حضوره اختبارات كشف الهيئة للطلبة والطالبات الجدد المتقدمين للالتحاق بأكاديمية الشرطة للعام الدراسى الحالى 2024 -2025، وإجرائه حوارا مفتوحا معهم، وحرصه على إشراك الشعب ــ كعادته ــ فى شئون الوطن، وما يمر به من أحداث، وما يتم إنجازه من عمل وبناء وتنمية، عندما قال: «حساب شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، عند بداية تنفيذ مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة كان صفرا فى البنوك، ووصل رصيدها حاليا إلى 80 مليار جنيه، كما أن الشركة لديها أراض وأموال عند المطورين العقاريين نظير بيع أراض لهم بقيمة تتراوح ما بين 150 و 160 مليار جنيه، وما تم فى العاصمة الإدارية الجديدة ينطبق أيضا على ما تم فى العلمين والمنيا وبنى سويف الجديدة والمنصورة الجديدة، لأن موازنة الحكومة لا تستطيع تحمل ما حدث فى هذه المدن، ولو بنسبة 10% مما يتم عمله بالمسار التقليدي».

وتابع الرئيس: «استطعنا تعظيم قيمة الأرض بتحويلها من أرض لا تساوى شيئا إلى قيمة مضافة، تسهم فى الحصول على مبالغ مالية كبيرة، تمكنا من خلالها من بناء وتكبير بلدنا وتغيير أحوالنا، وتوفير فرص العمل للكثير من المواطنين».

وصارح الرئيس السيسى، المواطنين بالأوضاع، عندما قال: «الدولة بحاجة إلى مبلغ يتراوح ما بين تريليون إلى تريليونى دولار سنويا، للصرف على التعليم والصحة والدفاع والداخلية والاستثمار، فى الوقت الذى يبلغ فيه الناتج المحلى الإجمالى ما بين 16 و18 تريليون جنيه، ودولة بحجم مصر عدد سكانها 120 مليون نسمة لا تتعدى الموازنة العامة فيها 3 تريليونات جنيه، يتم وبمنتهى الصراحة بدفع نصف هذا المبلغ كفوائد دين محلى للبنوك».

ونرى من حولنا، أن الدولة تسلك مسارات غير تقليدية فى تنفيذ مشروعات قومية، تهدف فى المقام الأول إلى جذب المزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية، وهو ما كان يستحيل حدوثه، لولا إنشاء البنية الأساسية اللازمة والجاهزة التى تشجع على الاستثمار.

وأخلص من رسالتى هذه، إلى أن مصر مستهدفة، إن لم تكن أول المستهدفين والمطلوبين، عند بداية إعادة ترسيم إقليم الشرق الأوسط بأحداث 2011، والخروج من الأزمة، والوصول إلى بر الأمان، لا يعنى أنه تم التغاضى عن استكمال المخطط، بل زاد الرهان عليه فى ضوء ما حدث من تغييرات وتطورات غير مسبوقة، تمهد الطريق، وتزيل ما كان صعبا وعصيا من العوائق، وهو ما يضع الشعب أمام مسئولياته ووطنيته فى الحفاظ على الدولة، ومساعدتها على مواصلة العبور إلى «جمهورية جديدة» مختلفة فى كل شيء، وليس مطلوبا أكثر من كشف الألاعيب، وعدم الانسياق وراء عدو ما بين معلن وخفي، يحاول أن يستغل الظروف الاقتصادية الصعبة بخبث شديد، ولكنهم نسوا أنهم يخاطبون شعبا ناضجا، يرى الأمور على وجهها الصحيح، لا المغلف بسم قاتل، يزيد معه الإصرار على الصبر والتحمل حتى تؤتى النهضة ثمارها المرجوة.

***

نحن ــ المصريون ــ مطالبون بأن نحافظ على ما حققناه فى السنوات الأخيرة، وأن نتمسك باستمرار الأمن والأمان، والأهم أن نحذر ألف مرة، وأن نتحسس مواضع أقدامنا، فما يحاك لمصر يحتاج إلى عيون يقظة، وقلوب مفتوحة، وآذان صاغية، وألا نركن إلى قوة الجيش والشرطة فقط، فنحن «الشعب» معهما نشكل الحصن الأول

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجـد منير يكتب

رابط دائم: