أخاف على سوريا بالقطع، فما يمر به هذا البلد الحبيب لن يكون سهلا وبسيطا بعد ديكتاتورية مقيتة عذبت السوريين.
لقد كانت طلة دريد لحام معبرة جدا، فنحن أمام فنان سورى لا نظير له فى عالمنا العربى، بل العالم.. قلما يجود الزمان بمثله، فقد أشعرتنى طلته بالخوف على كل سورى، وسورية من أن يظلم بعضنا بعضا، أو يقتل، بدلا من أن نعمل معا لترميم الهوة والفجوات، بل تساق الاتهامات جزافا حتى يقتل بعضنا بعضا، ونهيلها حتى على الفنانين والفنانات الذين خُلقوا لكى يقدموا الفنون والإبداع، ويجب أن يكونوا بعيدين عن مناظرات السياسة: مَن مع مَن؟!، وفى هذا الإطار تذكرت أم كلثوم، وعبدالوهاب.. وغيرهما بعد ثورة يوليو 1952، والانتقال من الملكية إلى الجمهورية، كيف كانوا فى حماية النظام الجديد، ويجب ألا نظلمهم بالسياسة: كنت مع من؟، وأنت من تبرر لمن؟.. سؤال مقيت يواجه به بعض السوريين بعضهم بعضا كأنه سلاح للقتل، لدرجة أننى سمعت تعليقا على طلة دريد لحام أزعجنى للغاية، مفاده أن عميد الفنانين السوريين التسعينى، الذى قضى أكثر من نصف عمره فى النظام الأسدى (54 عاما) يطبل للأسدين، يطل الآن ليطبل للقادمين الجدد، ويهيلون التراب على كل سوريا والسوريين، هكذا هم طول عمرهم، ومازالوا بيد الآخرين، وهذا عيب كبير، فقد كان يجب أن يكون السؤال: كيف استطاع هذا الفنان المبدع أن يحمى نفسه، ويقدم فنه فى ظل هذا الوضع المستحيل؟، وكانت طلة دريد لحام: لم أكن مع النظام، ولكننى كنت ضد الفوضى فى بلادى.. ونحن نصدقك أيها الفنان الصادق بقدر ما أحببناك، لأنك فنان مرهف قل نظيره.
لقد تذكرت فيلم «الحدود» فى الثمانينيات، والذى هرب من الرقابة بتبديل سوريا، ولبنان إلى «شرقستان وعربستان»، وكان مبدعا، وعرفنا أنهما بلدان عربيان، وكان فنا أصيلا لا يقدر عليه إلا الفنانون الكبار، فلا تبرر لنفسك يا عميد الفنانين العرب فلست بحاجة لذلك، وكل من يهاجمك يهاجم سوريا نفسها، ويتمنى أن يقتلها، وأنت فنان عظيم لم تقبل أن تُهزم، أو تهزم بلادك سوريا الحبيبة.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: