تقول الأحداث من حولنا، إن مصر تواجه، كغيرها من دول المنطقة، بل والعالم كله، واحدة من أصعب الفترات، لأنه نادرا ما تجتمع كل هذه الظروف والصعوبات والمعوقات في وقت واحد، بينما واحدة منها فقط قادرة على شل الحركة.
رغم ذلك تصر الدولة المصرية على المضي قدما فيما تنتهجه من خطط للإصلاح على جميع المسارات. ويغالط نفسه من يظن أننا لا نتأثر بما يحدث في غزة والسودان وليبيا وسوريا واليمن، بل وما تشهده الحرب الروسية- الأوكرانية، إضافة إلى تعنت الجانب الإثيوبي فيما يتعلق بالأمن المائي، فهي حواجز تقف في وجه الاقتصاديات، بالإضافة إلى التداعيات الإنسانية لها.
وإذا كانت الدولة المصرية، تترقب وتتابع ما تشهده الأوضاع الإقليمية والدولية من تطورات وتغييرات غير مسبوقة، فإنها لم تتخل يوما عن سياساتها وثوابتها التي تستند إلى التوازن والاعتدال، وتمسكها بضرورة إنهاء الأزمات بالحوار، وتجنب المخاطر، وعدم الانزلاق إلى بؤر الصراع، حرصا على استقرار المنطقة وأمانها، ولكنها في الوقت نفسه، تعد نفسها على أفضل ما يكون لما يمكن أن تأتي به الأيام، من منطلق قراءة القيادة السياسية للأحداث، وما تخطط له دول المنطقة، فكان قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، بإنشاء مقر القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهو المقر الذي يظن البعض أنه يخص القوات المسلحة وحدها، في حين أن الحقيقة غير ذلك، وقرار الإنشاء يستند إلى المفهوم الأشمل للقيادة الإستراتيجية، الذي يتجاوز إدارة القوات المسلحة، ليتضمن منشآت الدولة ومؤسساتها، أو بمعنى أدق قيادة الدولة وليس إدارة القوات المسلحة فقط، وهو ما يعني أن الدولة تسير في إطار خطة إستراتيجية لتنظيم إدارة الدولة، وتحقيق التنمية، والتعامل السريع مع الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها، ومدى تأثير ذلك على الأمن القومي المصري، في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث.

ويشهد الجميع للرئيس السيسى، حرصه على أن تمتلك مصر القدرة والقوة، التي تمكنها من الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات الشعب، وهو ما كان يستحيل تحقيقه لولا تعظيم قدرات كل مؤسسات الدولة وأجهزتها، وتكثيف جهود التنمية الشاملة في كل ربوع البلاد، وإقامة الطرق والمحاور والكباري والأنفاق التي ضخت دماء التطوير والنهضة في كل أركان الوطن وبقاعه من القاهرة، إلى المحافظات حتى النائية والحدودية منها، ولولا ذلك ما كانت الدولة المصرية في كامل قوتها وجاهزيتها، وبصفة خاصة القوت المسلحة والشرطة المدنية، لمواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية، وبناء دولة قوية تكون عصية أمام أي معتدٍ.
وما من شك في أننا قطعنا شوطا طويلا وكبيرا في الإصلاح الاقتصادي، ننتظر بشائره قريبا، رغم ما وقف في طريقنا من عراقيل وصعوبات، ليست بأيدينا، وإنما فرضتها ظروف مختلفة، ولا أكون مبالغا إذا قلت إن الفترة الحرجة الصعبة مرت، وأدعو جميع المصريين للتفاؤل بما هو قادم، لأننا ــ بالفعل ــ نسير على الطريق الصحيح، كما خططت له ورسمته الدولة، بدليل ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري، بما حققه من تطور في وقت قياسي، وتتوقع له الدخول في قائمة أفضل اقتصاديات العالم.
إن ما تشهده المنطقة من تصاعد غريب وسريع ومفاجئ للأحداث، يهدد بموجات لجوء جديدة، وينفخ في رماد الإرهاب، ويمهد الأرض أمام الشائعات المغرضة التي تحاول يائسة كسر الثقة بين الدولة والشعب، ونشر القلق والإحباط، وهو ما يتطلب منا جميعا أن نتمسك بوحدتنا، والوقوف بصلابة أمام التحديات والتكتلات، من أجل أن تستقر الدولة، وتنتهي الإصلاحات الاقتصادية وتتحقق التنمية المنشودة، ويرتفع مستوى الخدمات، وتتغير حياة المواطنين إلى الأفضل، وهو الشغل الشاغل للدولة، ولكن هذا يرتبط أولا وأخيرا بما يقرره أبناء الوطن، إما البناء، وإما الهدم، ولو ظل المصريون على قلب رجل واحد، وحرصوا على أن يواجهوا هذه الظروف الصعبة يدا واحدة مع الجيش العظيم والشرطة الباسلة، فلن يتمكن منا أحد، ولن ينال منا أعداؤنا، وسنحقق ما نصبو إليه، وسنتصدى للعدوان، وسنهزم الإرهاب، وسنقضي على الجماعات والخلايا النائمة، وسنقاوم التحدي الداخلي، وستظل مصر آمنة، وما حدث منذ عام 2011 وحتى الآن يؤكد ذلك، ويبرهن على أن التفاف المصريين وترابطهم ووقوفهم إلى جانب الجيش والمؤسسات والشرطة المدنية هو ما حمى البلاد، وهذا يعكس مدى تأثير الإرادة الشعبية، ووعي المصريين، وتفهمهم للأحداث، في الحفاظ على الدولة، فأصبحوا الحصن الأول.
إن الموقف ــ باختصار ــ يضع الدولة المصرية في اختبار صعب، وإذا كانت القيادة قرأت المستقبل، وأعدت كل شيء لهذا اليوم، واستطاعت أن توفر كل مقومات المواجهة، والتعامل مع ما طرأ من تغييرات، وحافظت على دولة المؤسسات التي يحميها جيش قوي ووطني، تساعده في الداخل شرطة يقظة وأمينة، ومؤسسات تعرف ما لها وما عليها، وتخدم الدولة بكل ما أوتيت من علم وخبرة وتدريب، فإن الرهان ــ وإن نجح فيه بجدارة في سابق السنوات ــ على الشعب الواعي الفاهم، الذي يقدر خطورة الموقف والتي تقترب منا رويدا رويدا، ويعلم تمام العلم، أعداء الوطن الذين يريدونها فوضى، لا تأتى فقط على ما تحقق من إنجازات كانت في الوقت القريب أحلاما، ولكن أيضا يريدون العودة بنا سنوات إلى الوراء، وهو ثمن غالٍ للغاية، ينال من حظوظ الأجيال الجديدة، ويقضي على آمالها وطموحاتها وحقها في حياة حرة كريمة.
وقد آن الأوان لكي يتصدى المصريون لهواة العيش في الظلام، الذين ينسجون خيوط اليأس، ويستغلون الأوضاع الاقتصادية، في إثارة الفتن، ووضع الفواصل بين الحكومة والشعب، وزيادة المسافات بين كل الأطراف، لأهدافهم ومصالحهم الضيقة، دون أدنى مراعاة لمصلحة الوطن والمواطنين، الذين كانوا على مستوى المسئولية، فيما مرت به البلاد من أحداث، ووضعوا أياديهم متشابكة، وتصدوا لكل محاولات الانحراف بمسيرة الوطن، واليوم دورهم أكبر من ذي قبل، ومسئوليتهم أعظم في ظل ما يدور في الإقليم من تصعيد خطير، في محاولة لإعادة رسم الخريطة، لصالح قوى أخرى تريد أن تهيمن على المنطقة، وتفرض سيطرتها، وتحقق أطماعها المريضة.. والشعب يدرك هذا، وهو واع لما يخطط له دعاة التخريب، ولذلك أستطيع أن أقول إن السفينة ستواصل الإبحار إلى بر الأمان مع القائد والزعيم الذي حقق لمصر ما وعد به، ولا يزال يصر على الرسو بها على شاطئ الدول المتقدمة من خلال جمهورية جديدة نفخر بها جميعا.
***
يشهد الجميع للرئيس السيسى، حرصه على أن تمتلك مصر القدرة والقوة، التي تمكنها من الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات الشعب، وهو ما كان يستحيل تحقيقه لولا تعظيم قدرات كل مؤسسات الدولة وأجهزتها، وتكثيف جهود التنمية الشاملة
[email protected]لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب رابط دائم: