منذ سنوات، ومنطقة الشرق الأوسط تتعرض لتحديات إقليمية ودولية متتالية، ولا تزال تتابع دون فرصة لالتقاط الأنفاس، تاركة العديد من التداعيات والآثار، ليس على مصر وحدها، ولكن على معظم دول العالم، وهو الأمر المثبط لكل الخطط الاقتصادية، وينال من حظوظ التنمية والنهضة، ويؤثر على الاقتصاديات الناشئة، ومن هنا لم تتوقف الدولة المصرية عن البحث عن البدائل فى كل مكان تبدو فيه بارقة أمل، وتبنت خطوات جريئة، من أجل توفير بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتمكين القطاع الخاص.
ووسط ما يدور حولنا فى الشرق الأوسط من تدمير وتخريب، وسقوط دول دون سابق إنذار، يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على المضى قدما فى تحقيق معدلات التنمية التى تناسب الجمهورية الجديدة، وتليق بتاريخ وحضارة المصريين، متجاوزا كل العقبات والحواجز بعزيمة لا تلين، وأمل لا يغيب، ويظهر ذلك جليا فى النجاح الكبير الذى حققته جولته الأوروبية التى انتهت منذ ساعات، وزار خلالها الرئيس دول الدنمارك والنرويج وأيرلندا، وشهدت لقاءات مع الملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات ومسئولى الشركات ورجال الأعمال والبرلمانيين.

ولعلى لا أبالغ إذا قلت إن هذه الجولة جاءت فى وقتها، وتوقفت عند نقطتين فى غاية الأهمية، أولاهما أنها الزيارة الأولى لرئيس مصرى إلى الدنمارك والنرويج، وثانيتهما الحفاوة البالغة التى استقبل بها الأوروبيون الرئيس، إضافة إلى الترحيب الكبير من الجاليات المصرية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التقدير للرئيس السيسى، كزعيم له رؤيته، نجح فى قيادة بلاده إلى بر الأمان، كما يعكس الثقل السياسى لمصر، كدولة محورية، لها دورها وتأثيرها إقليميا ودوليا، وظهر ذلك فى إجراء مراسم استقبال رسمية رفيعة المستوى، وضيافة مميزة قبل لقاء الرئيس مع الملك فريدريك العاشر ملك الدنمارك، قبل الانتقال إلى قصر أمالينبورج، بما يعكس تقدير مملكة الدنمارك لمكانة مصر وقيادتها، على نحو ما كشفت «زيارة الدولة» التى شهدت حضور عدد من رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين لعدد من الشركات المصرية والدنماركية، والمشاركة فى المؤتمر الاقتصادى المصرى ــ الدنماركى.
وحرص الرئيس السيسى على أن ينقل للجانب الدنماركي، مدى نجاح الاقتصاد المصرى رغم الصعوبات الشديدة، وتحسن المؤشرات الاقتصادية، وارتفاع التصنيف الائتماني، وأستطيع أن أرصد العديد من الإيجابيات للمباحثات، ومنها:
◙ توقيع إعلان مشترك لترفيع مستوى العلاقات المصرية- الدنماركية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، بما يشمله من تعميق التعاون بين القطاع الخاص مـن الجانبين فى مجالات، على رأسها الشحن والنقل البحرى، والطاقة النظيفة والمتجددة والخضراء.
◙ تشكيل مجلس الأعمال المصرى ــ الدنماركى.. كنقطة انطلاق للكيانات الاقتصادية والتجارية الدنماركية، ومهمته الاطلاع على الإمكانات الاستثمارية بمصر، وزيادة حجم الاستثمارات الدنماركية.
◙ التنسيق فى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومواصلة تعزيز العلاقات الثنائية، وبالأخص فى المجال الاقتصادى والاستثماري، والتوقيع على مذكرات تفاهم.
◙ استعراض الجهود المصرية للوقف الفورى للحرب فى قطاع غزة، والتوافق على أهمية تضافر الجهود لمنع انزلاق المنطقة لمواجهة إقليمية واسعة النطاق، وأهمية إقامة دولة فلسطينية، لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة، وكذلك وقف إطلاق النار فى لبنان، والوضع فى سوريا والسودان، وأمن البحر الأحمر، والحرب الروسية ــ الأوكرانية.
وفى إجراء غير مسبوق بالعاصمة النرويجية أوسلو، أقيم للرئيس حفل شاى غير رسمى بدعوة من يوناس جار ستور رئيس الوزراء النرويجي، عكس تقدير النرويج للرئيس ولمصر، رغم وصول الرئيس خلال عطلة نهاية الأسبوع هناك.
وخرجت زيارة الرئيس للنرويج، والتى التقى خلالها الملك هارالد الخامس ملك النرويج، بعدة مكاسب، أحدد منها على سبيل الرصد لا الحصر:
◙ الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتعزيز التعاون على مستوى قطاع الأعمال وغرف التجارة والصناعة، إلى جانب رفع مستوى التبادل التجاري.
◙ تأكيد اهتمام مصر بالاستثمار والتوسع فى إنتاج الطاقة الخضراء، والترحيب بالتعاون بين البلدين فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.
◙ توافق الجانبين على أهمية تنسيق المواقف إزاء القضايا الإقليمية والدولية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم لتدشين آلية للتشاور السياسي.
◙ الارتقاء بالعلاقات الثنائية، وتنسيق المواقف فى المحافل الدولية فى الموضوعات محل الاهتمام المشترك، وتعزيز العلاقات البرلمانية، بما يخدم مصالحهما المشتركة، وتعزيز الاستثمارات النرويجية فى القطاعات ذات الأولوية، والتنسيق فيما يتعلق بعدة ظواهر، مثل: تغير المناخ، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية.
◙ مناقشة الأوضاع فى القارة الإفريقية، وجهود تعزيز السلم والأمن، وبصفة خاصة فى السودان والصومال، واستعراض فرص التعاون الثلاثى فى إفريقيا، وما تمتلكه الشركات المصرية من خبرات.
◙ حرص البلدين على تعميق مختلف أوجه التعاون الثنائي، سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وتعزيز دور القطاع الخاص فى قيادة التنمية الاقتصادية.
وفى أيرلندا، التقى الرئيس السيسى، نظيره الأيرلندي «مايكل هيجينز»، ورئيس الوزراء «سايمون هاريس»، فى ختام الجولة الأوروبية، بعد تحقيق العديد من المكاسب فى العاصمة دبلن، منها:
◙ مواصلة العمل لتعزيز العلاقات الثنائية، وزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات، وزيادة انخراط الشركات الأيرلندية فى السوق المصرية.
◙ مناقشة الأوضاع فى الشرق الأوسط، والدور المصرى فى الوساطة لوقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة دون شروط أو عراقيل.
◙ توافق الجانبين على اتخاذ خطوات ملموسة للاستفادة من الخبرات التكنولوجية الأيرلندية فى قطاعات الصناعة والاتصالات، والزراعة والبيئة.
وفى النهاية أستطيع أن أقول إن الزيارة الأوروبية التاريخية، كان لها أهميتها على المستويين السياسى والاقتصادي، وأسفرت عن توقيع اتفاقيات متعددة، وعكست رغبة الدول الثلاث فى ضخ استثمارات كبيرة فى الاقتصاد المصري، بفضل الاستقرار السياسى والاقتصادى الذى حققته مصر، والذى جعل من بلدنا وجهة استثمارية، رغم الاضطرابات بالمنطقة، وهو ما يعنى أن جولة الرئيس جاءت فى توقيت مناسب، وبعثت برسالة إلى الداخل والخارج، بأن مصر ماضية فى طريقها، لا يوقفها شيء، ولا ينال منها أحد، فى وجود قائد يبذل أقصى ما فى وسعه، لتوفير حياة كريمة للمصريين، وتمهيد الأرض أمام الأجيال الجديدة... وتحيا مصر.
***
أستطيع أن أقول إن الزيارة الأوروبية التاريخية كان لها أهميتها على المستويين السياسى والاقتصادى، وأسفرت عن توقيع اتفاقيات متعددة، وعكست رغبة الدول الثلاث فى ضخ استثمارات كبيرة فى الاقتصاد المصرى، بفضل الاستقرار السياسى والاقتصادى الذى حققته مصر
[email protected]لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب رابط دائم: