غبار ونيران ودخان كثيف يهب على سوريا، فما كاد يتوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، حتى انطلقت التنظيمات المسلحة من إدلب السورية المتاخمة لتركيا لتحتل مدينة حلب، ثانى أكبر المدن السورية، فى يومين فقط. وهى المدينة الكبيرة التى يزيد عدد سكانها على ثلاثة ملايين، اضطر معظمهم إلى النزوح. والملفت أن المسلحين هذه المرة كانوا يقودون مدرعات حديثة، ويستخدمون الطائرات المسيرة المتطورة بكثافة، ومعهم صواريخ مضادة للمدرعات، بما يؤكد أنهم تلقوا تدريبًا مكثفًا، ومساعدات كبيرة من دول إقليمية ودولية.
وتدخلت روسيا بطلب إيقاف المهاجمين التزاما باتفاق سوتشى الذى تم التوصل إليه فى روسيا بمشاركة إيران إلى جانب روسيا وتركيا. كما زار وزير الخارجية الإيرانى، عباس عراقجى، تركيا، والتقى بنظيره هاكان فيدان، واتضح وجود خلافات واسعة بين إيران وتركيا لم تتمكن المباحثات من تضييق الفجوة. وكان وزير الخارجية الإيرانى يصف التنظيمات المسلحة بالإرهابيين، بينما يصفهم الوزير التركى بأنهم معارضة معتدلة. حتى اتصال الرئيس الروسى بوتين بالرئيس التركى أردوغان لم يُسفر عن نتيجة على الأرض، فقد استمرت التنظيمات المسلحة فى الزحف على محافظة حماة السورية.
والقتال ما زال على أشده، وزاد من المخاوف تحرك مجموعات كردية فى شرق سوريا، وحدثت اشتباكات قوية فى دير الزور. وهنا علينا أن نقلق من تفجر حرب أوسع بين قوى إقليمية ودولية متواجدة فى سوريا. فهناك الولايات المتحدة فى عدد من القواعد فى شمال وجنوب سوريا، وقاعدة ضخمة للقوات الروسية فى الغرب، وقوات إيرانية حول دمشق. وكذلك تتدخل إسرائيل بضربات جوية، وتقارير تؤكد وجود مقاتلين أجانب من جنسيات متعددة، بينهم أوكرانيون.
لقد تحدث مسئولون أتراك عن الحقوق التركية فى حلب والشمال السوري. وتبذل دول عربية جهودًا دبلوماسية مكثفة لإيقاف الحرب فى سوريا، ولديها مخاوف كبيرة تتعلق بسيادة سوريا على أراضيها، وكذلك مخاوف أكبر من توسع الحرب، التى يمكن أن تكون ساحة لصراع عالمى شديد الضراوة، سيهز أمن المنطقة والعالم.
ويُذكر أنه يتم استخدام مجموعات موصوفة بالإرهابية من الأمم المتحدة، واستخدام مجموعات مسلحة كأدوات تلحق ضررًا جسيمًا بالأمن الإقليمى والدولى، فهى جماعات غير منضبطة، ولا يمكن محاسبة دولها، ولا التنبؤ بحركتها، وهذا يشكل خطرًا جسيمًا.
وعلينا فى مصر أن نكون على أهبة الاستعداد للأوضاع المتوترة، التى يمكن أن تتحول إلى فوضى هائلة تقوض الدول والمجتمعات. ولذلك علينا أن نعزز وحدتنا الوطنية، وأن نصطف معًا لمواجهة تلك المخاطر الجسيمة المحيطة بنا. فالوحدة الوطنية هى الضمان من كل تلك المخاطر، التى آمل ألا تتمدد، وأن تتمكن الجهود الدبلوماسية من احتوائها.
لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت رابط دائم: