رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

أسئلة وإجابات فى رحلة البرازيل

راودتنى الأسئلة كثيرا، وأنا فى رحلتى الطويلة من القاهرة إلى المدينة البرازيلية الساحرة ريو دى جانيرو، واحترت فى الإجابة على نقاط ربما تشغل بال كثيرين مثلي، ألا وهي: لماذا مصر على رأس المدعوين إلى قمة مجموعة العشرين بالبرازيل؟.. وماذا فعلت مصر فى سنواتها الأخيرة لتكون ضيفا بين الدول صاحبة أكبر 20 اقتصادا فى العالم، و85% من الناتج المحلى الإجمالى العالمي؟.

شاهدت وتابعت مصر بين هذا التجمع الاقتصادى الضخم، الذى ناقش على مدار يومين تشكيل تحالف للحدّ من الجوع والفقر، وإصلاح منظمات دولية كالأمم المتحدة، بحيث تمنح الدول النامية مزيدا من الثقل، إضافة إلى تمويل مشروعات الطاقة الخضراء فى البلاد الفقيرة.. مصر حاضرة بقوة فى منتدى للتعاون الاقتصادى والمالى بين هذه الدول ومنظمات وجهات دولية تلعب دورا رئيسا فى الاقتصاد والتجارة فى العالم، بعد أن كانت المجموعة قاصرة على السبع الكبار قبل ربع قرن من الزمان، وبعد رفع المشاركة إلى مستوى الرؤساء.

وأدركت من داخل هذا التجمع الكبير والمهم فى البرازيل ــ فى ظل ظروف شديدة الحساسية، على رأسها عودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بما له من مواقف فى مثل هذه القضايا، وملف المناخ، والحرب الدائرة فى غزة ولبنان، والحرب الروسية ــ الأوكرانية ــ مدى تقدير العالم كله للدور والثقل المصرى إقليميا وعالميا، وعرفت أنه ليس مستغربا أن تكون «أم الدنيا» حاضرة فى القمة التاسعة عشرة لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، تحت عنوان «بناء عالم عادل وكوكب مستدام»، بمشاركة الدول الأعضاء، بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبي.

وتشارك مصر فى اجتماعات قمة مجموعة العشرين للمرة الثانية على التوالي، بعد المشاركة فى اجتماعات القمة السابقة بالهند، وهو ما يؤكد أنها صوت الدول النامية، وعضو مؤثر فى الأسرة الدولية، إضافة إلى اتزان سياستها الخارجية، وثوابتها التى تدعو إلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، ودعواتها للصمود فى مواجهة أزمات مستقبلية، ورؤيتها فى ضرورة إجراء إصلاحات جذرية فى النظام الاقتصادى الدولي، سواء المالى أو النقدى أو التجاري؛ من أجل الوصول إلى نظام اقتصادى أكثر اتزانا وعدالة وفعالية، يسهم فى تعزيز قدرات الدول النامية، إضافة إلى الروابط السياسية والاقتصادية التى تجمع مصر بكل دول المجموعة، ومنها البرازيل التى استضافت القمة، وتؤمن بأن مصر جسر للتواصل بين دول العالم فى كل القارات، ووجودها ضروري، وفى صالح مجموعة العشرين نفسها، وأيضا الدول صاحبة الاقتصادات الناشئة فى آسيا وإفريقيا.


وفى ردهات وقاعات القمة لمست كيف يقدر العالم مصر، وأدركت حجم الجهد الكبير الذى يبذله الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى وضع مصر فى المكانة التى تستحقها، ومن هنا كانت لقاءات الرئيس الثنائية المتعددة، وعلى رأسها الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا، سعيا لتعميق العلاقات الثنائية، وتقوية أواصر الصداقة التى تجمع بين البلدين، وترسيخ السلام، وتعزيز مسارات التكامل الإقليمى الذى يتشاركان فيه، ودفع التجارة والتعاون بين دول الجنوب العالمي، وتدشين شراكة إستراتيجية، وتعظيم الحوار والتفاهم من خلال تكثيف العلاقات الدبلوماسية واللقاءات الثنائية وتبادل الزيارات بين المسئولين الرفيعى المستوى من البلدين والقطاعات الوطنية الأخرى، والتركيز على احتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لكلا البلدين، والسعى لتحقيق المنفعة المتبادلة، وتكثيف التعاون فى المجالات السياسية والدبلوماسية ومجالات السلام والأمن والدفاع والاقتصاد والتجارة والاستثمار والبيئة والزراعة والعلوم والتعليم والتعاون التنموى والثقافى والرياضى والسياحى.

وجاءت كلمة الرئيس السيسى أمام القمة واضحة، وصريحة، ووضع بها قادة العالم أمام مسئولياتهم عندما قال: «لا يمكن أن نتحدث عن عدم المساواة دون التطرق للأوضاع المأساوية فى فلسطين ولبنان، جراء الحرب الإسرائيلية التى تجرى بسبب افتقاد العالم للفعل المؤثر لوقفها، وفى هذا السياق تشدد مصر على ضرورة الوقف الفورى لتلك المأساة اللاإنسانية، وإنقاذ المدنيين ممن يعانون أوضاعا معيشية كارثية، بالإضافة إلى وقف التصعيد وتوسع رقعة الصراع».

وانتصر الرئيس للظروف المريرة التى تمر بها عدة دول، وقدم تشريحا دقيقا للقضايا التى تواجه الدول النامية والإفريقيةعندما قال: «إن مواجهة التحديات الراهنة، وعلى رأسها تفاقم الصراعات، وتزايد الفجوة التنموية والرقمية والمعرفية، ونقص التمويل، ومعضلة الديون فى الدول النامية، فضلا عن عدم الوفاء بمساعدات التنمية الرسمية وتمويل المناخ إنما يتطلب حشد الإرادة السياسية، لإعادة النظر فى النهج الدولى الحالي، وتجديد الالتزام بأهداف التنمية المستدامة، وتؤمن مصر، بأنه لا سبيل لمكافحة الجوع والفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة إلا بإقامة شراكات دولية متوازنة مع الدول النامية، تتضمن توفير التمويل الميسر للتنمية، ونقل وتوطين التكنولوجيا والأدوات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى دعم جهود تحقيق الأمن الغذائي، وتجدد مصر دعوتها لتدشين مركز عالمى لتخزين وتوزيع الحبوب والمواد الغذائية على أرضها، لضمان أمن الغذاء، وتعزيز سلاسل الإمداد ذات الصلة».

وقدّم لهم الرئيس السيسى أرقام التجربة المصرية، وأضاف: « نشير إلى جهودنا الوطنية الحثيثة فى مجال التنمية البشرية، ومن ضمنها مشروع «حياة كريمة» العملاق، الذى يهدف لتحسين مستوى معيشة نصف سكان مصر فى المناطق الريفية، يتم تطوير جميع مناحى حياتهم، بداية بالبنية التحتية، ووصولا لمستوى الخدمات العامة وفرص العمل».

وفى رحلة العودة إلى القاهرة، أيقنت مدى النجاح الكبير الذى حققته مشاركة مصر فى هذه القمة العالمية، والحضور القوى للرئيس السيسى وسط القادة والزعماء، ويمكن أن أوجز المكاسب فى النقاط التالية:

1 ــ مصر لها رؤية شاملة فى معالجة القضايا العالمية.

2 ــ الدولة المصرية تتمتع بدور محوري، كقائد وشريك دولى فعال، وصوت الدول الإفريقية والنامية على الساحة الدولية.

3 ــ المشاركة فى القمة حققت نجاحا فى تعزيز العلاقات مع الدول الكبرى، وتعظيم العلاقات الثنائية، وفتح أسواق استثمارية جديدة.

4 ــ القمة كانت فرصة كبيرة واستثنائية للترويج للفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر، وفتح آفاق جديدة أمام المشروعات القومية.

5 ــ التواجد المصرى فى هذا التجمع العالمى يعكس الأهمية الملحة والمتزايدة لدور مصر الإقليمى والدولى فى ظل التحديات الراهنة.

***

تؤمن مصر بأنه لا سبيل لمكافحة الجوع والفقر، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلا بإقامة شراكات دولية متوازنة مع الدول النامية، تتضمن توفير التمويل الميسر للتنمية، ونقل وتوطين التكنولوجيا، بالإضافة إلى دعم جهود تحقيق الأمن الغذائى

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب من ريو دى جانيرو

رابط دائم: