رغم كل التداعيات الإنسانية الفادحة للحرب التى تشنها إسرائيل فى قطاع غزة، ورغم كل الجهود التى بذلت من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ما زالت إسرائيل مصرة على المضى قدماً فى عملياتها العسكرية داخل القطاع. وقد أسفر هذا العدوان حتى الآن عن استشهاد أكثر من 43 ألف فلسطينى وإصابة ما يزيد على 102 ألف آخرين، وفقاً لآخر التقديرات. إن ذلك فى مجمله يطرح دلالات عديدة يتمثل أبرزها فى أن إسرائيل تسعى إلى كسب مزيد من الوقت من أجل تنفيذ الأجندة التى يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو والائتلاف اليمينى الذى يقود الحكومة الحالية. هذه الأجندة هى التى تدفع تل أبيب حتى الآن إلى تنفيذ مزيد من العمليات العسكرية داخل قطاع غزة، على غرار تنفيذ عملية برية داخل مخيم جباليا، للمرة الثالثة خلال شهور قليلة، وهو المخيم الذى يضم أكثر من 165 ألف فلسطينى يقيمون على مساحة تصل إلى 1٫5 كيلو متر فقط. كما أنها هى الدافع وراء استمرار العمليات العسكرية فى لبنان، والتى تهدد بدورها بنشوب أزمة إنسانية لا تبدو هينة. فضلاً عن أنها تُحفِّز إسرائيل على محاولة توسيع نطاق الحرب الحالية لتشمل دولاً أخرى فى المنطقة، مثل إيران، التى ما زالت تهدد بتوجيه ضربة عسكرية جديدة ضد إسرائيل رداً على الهجمات التى شنتها الأخيرة داخل إيران فى 26 أكتوبر الفائت. من دون شك، فإن ذلك ربما يؤدى إلى الدخول فى دائرة من الرد العسكرى والرد المضاد، وربما التحول إلى حرب إقليمية واسعة النطاق من شأنها أن تفاقم من حالة عدم الاستقرار التى بدأت تفرض بدورها تداعيات سلبية على أمن المنطقة بشكل عام. من هنا، فإن الحل يكمن فى وقف آلة الحرب الإسرائيلية التى ما زالت ترتكب انتهاكات فادحة فى قطاع غزة وتهدد بتكرار المأساة فى لبنان. وتمثل المقاربة المصرية نقطة الانطلاق فى هذا الصدد، عبر العمل على الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ومواصلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، كخطوة سوف تسهم فى تهيئة المجال أمام البحث فى سبل إنهاء هذا الصراع عبر العمل على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
لمزيد من مقالات رأى رابط دائم: