كثيرا ما نلحظ، فى هذه الأيام، أن البعض ممن يتحدثون فى الاقتصاد، يعبرون عن انطباعات، أو يعيدون تكرار معلومات مبتورة منقوصة، سمعوها من هنا أو هناك، أو قرأوها فى وسائل التواصل الاجتماعي. والحقيقة هى أن فهم الأمور الاقتصادية ليس أمرا سهلا، لا على المواطن البسيط، ولاحتى على المثقف العادى غير الدارس لأسرار الاقتصاد وخفاياه. وليس من شك فى أن الوضع الاقتصادى فى مصر الآن معقد جدا، ويحتوى على آلاف التفاصيل الصغيرة، التى يجب دراستها بعناية قبل إصدار أى حكم. وعلى سبيل المثال، فإن المتحدث فى الاقتصاد لابد أن يكون على علم بالحجم الهائل للتحديات الراهنة التى تواجهها مصر حاليا، خاصة التحديات والأزمات السياسية المحيطة بنا، لأن هذه الارتباكات السياسية تترك تأثيرها حتما على الاقتصاد. وهنا يمكن التذكير مثلا بانخفاض عائدات قناة السويس بما يقارب النصف، وكذلك تأثيرات الحرب الدائرة الآن فى غزة ولبنان على السياحة، وأيضا المخاطر التى تتعرض لها حركة النقل فى البحر الأحمر بسبب الهجمات التى تتعرض لها السفن، مما يعطل حركة التبادل التجارى، ومن ثم ترتفع أسعار السلع والبضائع. إن كل هذا بالتأكيد يترك أثره على الاقتصاد المصري.
ومع ذلك، فإن أى شخص موضوعى، ويفكر بهدوء، حتما سيعترف بأن مصر نجحت فى تجاوز، والتعامل مع كل هذه التحديات. وهنا فإنه يكون من الضرورى الاستعانة بشهادة شخص متخصص فى الاقتصاد وفاهم لأبعاده وخباياه. وطبعا فإن مديرة صندوق النقد الدولى السيدة كريستالينا جورجيفا، يمكن أن تكون هذا الشخص، فماذا قالت؟ لقد صرحت مديرة الصندوق، خلال زيارتها مصر قبل أيام، بأن القيادة السياسية، والحكومة والمواطنين، فى مصر، أظهروا جميعا قوة ملحوظة فى ذلك الوقت الذى تمر به المنطقة. ولم تكتف جورجيفا بهذه الشهادة، بل استعرضت بعض مؤشرات النجاح الاقتصادى المصري. ومن بين هذه المؤشرات، نجاح مصر فى تحقيق نظام سعر صرف مرن، ورفعت من دور القطاع الخاص فى الاقتصاد، وكنتيجة لذلك تم توفير فرص عمل كثيرة بالقطاع الخاص، خاصة للشباب.
وإذا عدنا إلى الأرقام، فإن هناك توقعات بأن يرتفع معدل النمو إلى أربعة واثنين بالعشرة فى المائة فى العام المالى الحالى 2024/2025 وكذلك انخفاض معدل التضخم إلى 16%.
وإضافة إلى ذلك، انخفض حجم الدين الخارجى لأجهزة الموازنة بنحو 4 مليارات دولار، كما انخفض الدين الداخلى، وتم تحقيق فائض بالموازنة بقيمة 90 مليار جنيه فى الربع الأول من العام المالى الحالي.
ماذا يعنى كل هذا؟ يعنى ببساطة أن الاقتصاد المصرى يسير فى الطريق الصحيح نحو التحسن والانطلاق إلى الأمام.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: