رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

فى المواجهة
أيام 1980

ما انطباعك إذا استيقظت عصرا،لتكتشف أنك لا تزال تعيش فى منزل أسرتك بالحى القديم،رائحة الطعام الشهى تتسرب من المطبخ حيث توجد والدتك المنهمكة فى إعداد الغداء، بينما عاد والدك للتو من عمله وشرع فى تغيير ملابسه قبيل أن تلتئم الأسرة على المائدة، ويعلو صياح إخوتك تفاعلا مع فيلم الظهيرة (إسماعيل ياسين فى الطيران)،بينما تزين الحائط (نتيجة) كتب عليها 1980 !

ذكريات لن تهفو إليها سوى قلوب الأجيال القديمة، التى سئمت مظاهر التحضر(العولمة والرقمنة والسوشيال ميديا)،والاختراعات التى تتحفنا بالجديد على مدار الساعة. فالشكوى الدارجة بين هؤلاء:ضياع الشغف تجاه مغريات الحياة بصرف النظر عن سهولة أو صعوبة اقتنائها، فلم تعد عطايا عصر العلم والتكنولوجيا تثير الاهتمام، وبات معظمهم رهينة لحالة إنسانية بريئة يطلق عليها (نوستالجيا) أو(الحنين للماضي)،وأبسط تفسير لتوصيف تلك الحالة،هو الشوق لأيام كان القلب فيها سعيدا.

تنتاب معظمنا(أصحاب القلوب البريئة) حالة متدرجة فى سخونتها حسب طباع كل شخص،من الحنين للماضي،فتتذكر أمك وأباك وبيتك القديم، شقاوة الصبا ومغامراتك مع رفاقك، أما السوشيال ميديا فهى تنزعك من حاضرك حين تنشر مقاطع قديمة من برامج إذاعية أو تليفزيونية أو إعلانات شهيرة، فتتمنى من فرط الحنين أن تستبدل الحاضر بالماضى الجميل. من يصمد أمام ذكريات (أبلة فضيلة) التى كانت تؤنسك بينما تتناول إفطارك،من يكتم ضحكة صافية تنتزعها من همومك حين تصطدم بمقطع لـ(بقلظ وماما نجوى)،وتهفو ذاكرتنا إلى برامج الزمن الجميل كـ(عالم السينما)، (تاكسى السهرة)، (اخترنا لك)، (عالم الحيوان) وغيرها من الكنوز التى تشهد لماسبيرو بأنها كانت قلعة الإنتاج التليفزيونى فى المنطقة آنذاك.

لكن الإغراق فى الحنين إلى الماضى قد يسقطك فى بئر إدمان استرجاع الذكريات ومقارنتها بواقعك،ما قد يدفعك لحالة من الانسحاب من حاضرك فتصبح عاجزا عن اتخاذ القرارات الصحيحة كلما واجهت تحديات. ولنقف أمام بلاغة اعتراف بأنه لو لم يكن الماضى جميلاً،لما شعرنا بالحنين لأيامه، لكن هذا لا ينفى أننا نتبع أحيانا سلوكا انتقائيا فى استدعاء ذكرياتنا، بانتقاء الإيجابيات وتجاهل السلبيات، فالبعض قد يرى الماضى جميلا،والبعض الآخر قد يجد فى استرجاعه استدعاء لذكريات الألم والحرمان!

[email protected]
لمزيد من مقالات شريف عابدين

رابط دائم: