لقاء الدكتور مصطفى مدبولى، الإثنين الماضى، مع كوكبة من مثقفى الأمة المصرية ومفكريها، جاء ليؤكد من جديد، الحقيقة البديهية، التى يعرفها القاصى والدانى، وهى رغبة القيادة السياسية، بل وتصميمها، على أن يكون الحوار والمناقشة وتبادل الآراء، هى الأعمدة الرئيسية لإدارة شئون الدولة، والحقيقة أن حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على التشاور مع رموز الأمة، كان واضحا منذ توليه مسئولية الحكم، بدليل أنه هو من دعا بنفسه إلى بدء الحوار الوطنى الشامل، الذى تتواصل جلساته حاليا. وقد أعاد الدكتور مدبولى، خلال لقاء الإثنين الماضى، تأكيد الانفتاح على كل الآراء والمقترحات والأفكار، وكذلك الانتقادات البناءة، لأن الهدف الأساسى فى النهاية هو تحقيق المصلحة العامة لكل المواطنين، والوصول إلى المصلحة العامة للدولة، وسط التحديات الهائلة التى تعيشها المنطقة والعالم.
وليس هناك أى موضوع أو قضية محظور فيها النقاش، سواء داخليا أو خارجيا، وكل المحاور مفتوحة، والتحديات مطروحة. وربما يكون من المفيد هنا الإشارة إلى أن الدول الكبيرة، سكانا واقتصادا ومساحة وتاريخا، يكون من الضرورى، بل ومن الحتمى، طرح قضاياها للحوار الداخلى، على كل المستويات، خاصة على المفكرين والمثقفين لماذا؟ لأن هؤلاء المثقفين يرون الصورة من بعيد وبشكل محايد، بعيدا عن الاستغراق فى التفاصيل الصغيرة التى ينشغل بها المسئولون الإداريون.
إن المفكر والمثقف لديهما الوقت الكافى للتحليل بعمق، خاصة فيما يتعلق بالأمور الاقتصادية، وكما نعلم فإن الاقتصاد المصرى ضخم ومتشعب ومتشابك، بالقدر الذى يتطلب مشاركة جميع المحللين المصريين الكبار فى رسم خريطة طريق إدارة هذا الاقتصاد فى المستقبل، ومعلوم للكافة أن سعى مصر حاليا لجذب الاستثمارات الخارجية يستدعى مناقشة سبل وكيفية التعامل مع تلك الاستثمارات.
وهناك جانب آخر، هو أن أهمية هذا التحاور مع الخبراء والمثقفين والمفكرين، يمنح صانع القرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى مساحة أوسع فى التصرف، على اعتبار أن هؤلاء الخبراء، من خارج ديوان الحكومة، يمكنهم تقديم رؤى وتصورات مختلفة، ومن ثم تكون أمام صانع القرار بدائل عديدة يختار من بينهاما يتوافق مع مقتضيات الأمن القومى، ومصلحة المواطنين على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية. وبالفعل لقد رحب المفكرون والمثقفون بهذا اللقاء، وأعربوا عن تقديرهم للقيادة السياسية الساعية دائما إلى تحسين ظروف معيشة المواطن على الرغم من كل المصاعب والتحديات التى تفرضها المرحلة. ويعرف دارسو العلوم السياسية أن صانع القرار السياسى فى العصر الحديث لايعتمد فى اتخاذ قراراته على التنجيم، أو حسن النيات، أو آراء الأصدقاء، وإنما يعتمد على المعلومات المدروسة دراسة مستفيضة متعمقة.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: