رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

مسرحية الموت والدم

نعيش «مسرحية» كبيرة!

عندما تشارك ثلاث صحف أمريكية كبرى فى «تحقيق صحفى»، وتسميه «استقصائيا»، وتنشره فى توقيت واحد، عليك أن تتحسس «مسدسك»، كما يقولون!

حدثنى كما تشاء عن مهنية الإعلام الأمريكى و«حلاوته» و«جماله»، ولكن لا تطلب منى أن «أصدق» أن ما يقوله ويكتبه هو «لوجه الله»، وليس موجها بـ«الريموت كونترول» من الغرف المغلقة «إياها» عندهم، التى تخطط و«تهندس» وتقرر سيناريوهات ما سيحدث فى أى مكان بالعالم.

وتجاربنا معه تؤكد ذلك!

صحف «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال» نشرت منذ فترة تحقيقا أو تقريرا مشتركا تضمن ما وُصف بأنه «خبايا» ما جرى ويجرى فى منطقة الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023.

التقرير لا يستند إلى كلام «إنشا»، ولكنه يقول إن مصدره وثائق سرية خطيرة عثرت عليها القوات الإسرائيلية خلال عملياتها فى مدينة خان يونس بقطاع غزة فى يناير الماضى، ووجدتها تحديدا على «هارد» جهاز كمبيوتر تم ضبطه وتفتيشه خلال إحدى المداهمات.

الوثائق تقول، بحسب الصحف الأمريكية الثلاث، إن حماس خططت لعملية «طوفان الأقصى» منذ أكثر من عامين، وإنها حاولت إقناع إيران وحزب الله بالمشاركة، ولكن إيران وحزب الله فضلا وقتها الاكتفاء بدعم العملية من حيث المبدأ فقط، وردا على حماس بأن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، لإعداد الأجواء بشكل جيد لعمل كبير كهذا.

الوثائق تضيف أن حماس ظلت تتجنب التصعيد مع إسرائيل منذ عام 2021، بهدف «تهدئة» قادة تل أبيب، ومنحهم شعورا زائفا بخمول المقاومة، كنوع من الخداع الإستراتيجى، لكن الهجوم تأخر بضعة أعوام انتظارا لإقناع إيران وحزب الله بالمشاركة، عبر توجيه ضربة لمواقع إسرائيلية حساسة بالتزامن مع هجوم حمساوى شامل أطلق عليه اسم «المشروع الكبير»، وهو ما لم يحدث بطبيعة الحال، لتضطر حماس لتنفيذ «المشروع» أو عملية «الطوفان» بمفردها فى خريف 2023، لتبدأ إسرائيل بعد ذلك عملياتها الانتقامية ضد غزة أولا، ثم ضد إيران وحزب الله لاحقا.

وقيل أيضا، بحسب الوثائق نفسها، إن ما حفز حماس على الإسراع بتنفيذ «طوفان الأقصى» بشكل أحادى، شعورها بهشاشة الوضع السياسى الداخلى فى إسرائيل وقتها، وخلافات نيتانياهو مع أعضاء حكومته، كما كانت تريد إفشال محاولات إسرائيلية للتطبيع مع دول عربية أخرى.

طبعا حزب الله وإيران سارعا إلى نفى هذا الكلام، الذى يتناقض مع تصريحات «الراحل» حسن نصر الله نفسه بعد عملية 7 أكتوبر، التى أكد فيها أنه لم يكن يعرف شيئا عن الهجوم الحمساوى، ولم يتشاور معه أحد فى ذلك، وقال وقتها إنه يلتمس العذر لحماس، لإدراكه أهمية عنصر المفاجأة فى هجوم كهذا.

حتى إسرائيل نفسها رفضت التعليق رسميا على ما جاء فى هذه الوثائق «المزعومة».

ليس موضوعنا الآن مصداقية الوثائق، وما إذا كان هناك تنسيق بين حماس وآخرين قبل هجوم 7 أكتوبر، ولا من اتفق مع من، ومن نسق مع من، ومن خذل من.

القضية هى: كيف يمكن أن تعثر قوات إسرائيلية على وثائق مهمة كهذه داخل مكان ما فى خان يونس، وتنشرها صحف أمريكية، ولا تنشرها الصحف الإسرائيلية، وهى التى إذا «عطس» فتحاوى أو حمساوى، صار ذلك «مانشيتا» لها؟!

وما الذى أوصل معلومات خطيرة كهذه إلى وسائل إعلام أمريكية، وجنود الاحتلال وحدهم هم من يهجمون ويعتدون ويفتشون؟

أم أن الوثائق تم تسريبها من تل أبيب إلى واشنطن؟ ومن الذى سربها؟

ولماذا؟!

وهل يعقل أن يعثر الاحتلال على محاضر اجتماعات مخزنة على «هارد» فى جهاز كمبيوتر داخل منزل فى خان يونس، داخل قطاع غزة، ويفشل لأكثر من عام فى الوصول إلى أى من قادة حماس أو المحتجزين الإسرائيليين الذين لا يزالون فى القطاع؟

ولماذا نشر الوثائق فى أمريكا، لا فى إسرائيل؟

هل مصالح إسرائيل وأمريكا «متعارضة» مثلا فيما يتعلق بفكرة الترويج لـ«قصة» تورط إيران وحزب الله فى هجوم 7 أكتوبر؟

هل عدم النشر الإسرائيلى معناه دعم الاتجاه بتوسيع نطاق الحرب إلى لبنان وضرب مواقع حساسة فى إيران، والمضى قدما فى مخطط المناطق العازلة فى غزة ولبنان وسوريا، الذى تحدث عنه نيتانياهو فى أكثر من مناسبة؟

لا أعرف، ولا أحد يعرف.

ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن هذه «العصابة» الثلاثية لا تجتمع إلا إذا كان مسرح العمليات فى الشرق الأوسط يعد لشيء ما.

مرحلة ما بعد هنية ونصر الله والسنوار.

.. وربنا يستر.


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: