رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

نيتانياهو: سنة ثانية إبادة

عقب اغتيال السنوار ألقى نيتانياهو بيانا مثل بقية بياناته فى الفترة الأخيرة التى يستخدم فيها كلمات وكأنه إله مع الله. قال: «يتعين على حماس إطلاق سراح الأسرى عندها فقط سأتركهم يعيشون». قالها وكأنه إله يحيى ويميت، يقتل من يشاء ويغتال من يشاء ويعفو عمن يشاء. أصبح هذا اتزانه النفسى، لأنه رجل الإبادة الأكبر فى التاريخ. أفضل شىء لتشخيصه هو خطابه الكاشف بالأمم المتحدة بتارخ 22 سبتمبر الماضى. كان خطابا مثل خطاباته أمام الكونجرس مع فارق واحد وهو أنهم وقفوا له 52 مرة تصفيقا وإعجابا فى الكونجرس بينما غادر أكثر من نصف الوفود فى الأمم المتحدة احتجاجا على أقواله وأفعاله وتعاليه. يفسر لنا هذا الخطاب حالته النفسية وحالة التضخم التى تعتريه مؤخرا، وحالة الدعم المبالغ فيه من القوى الغربية، لدرجة أن كثيرين فى الولايات المتحدة يحثونه على ضرب المنشآت النووية الإيرانية وهو الأمر الذى قد يفعله ولن يهمه إشعال النار فى المنطقة وربما العالم.. قال فى خطابه:

«سيداتى وسادتى، منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام خاطب زعيمنا العظيم موسى شعب إسرائيل قبل دخولهم الأرض الموعودة وقال لهم إنهم سيجدون جبلين متقابلين. جبل فيه البركة العظيمة وجبل ستكون فيه اللعنة العظيمة، وأن مصير الشعب سوف يتحدد بالاختيار الذى سيتخذه بين البركة واللعنة. وقد تردد صدى هذا الاختيار عبر العصور، ليس فقط بالنسبة للشعب الإسرائيلى، بل وأيضا بالنسبة للبشرية جمعاء. نحن نواجه مثل هذا الاختيار اليوم وسوف يحدد ما إذا كنا سنتمتع ببركات السلام التاريخى والرخاء والأمل، أو نعانى من لعنة الإرهاب واليأس. عندما تحدثت من على هذا المنبر منذ خمس سنوات حذرت من طغاة طهران. لقد كانوا لعنة على شعبهم وعلى منطقتنا وعلى العالم أجمع. ولكن فى ذلك الوقت تحدثت أيضا عن نعمة عظيمة كنت أراها تلوح فى الأفق.قلت حينها:» إن التهديد المشترك الذى تشكله إيران قد جعل إسرائيل والعديد من الدول العربية أقرب إلى بعضها البعض أكثر من أى وقت مضى فى صداقة لم أر مثلها من قبل فى حياتى، وأن يوما سيأتى قريبا تتمكن فيه إسرائيل من توسيع نطاق السلام ليشمل جيرانها العرب الآخرين. لقد أكدت خلال اجتماعاتى العديدة مع زعماء العالم أن إسرائيل والدول العربية تشتركان فى العديد من المصالح المشتركة، وأننى أعتقد أن هذه المصالح المشتركة العديدة يمكن أن تسرع فى تحقيق سلام أوسع فى منطقتنا. لقد سعيت منذ زمن بعيد إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين، ولكننى أعتقد أيضا أنه ينبغى لنا ألا نمنح الفلسطينيين حق الفيتو ضد معاهدات سلام جديدة مع الدول العربية، فالفلسطينيون قادرون على الاستفادة كثيرا من السلام الأوسع نطاقا فى المنطقة ولابد أن يكونوا جزءا من هذه العملية، ولكن لا ينبغى أن يتمتعوا بحق الفيتو ضد هذه العملية. وعندما يرى الفلسطينيون أن معظم الدول العربية قد تصالحت مع إسرائيل، فإنهم سوف يكونون أكثر ميلا عن التخلى عن أسطورة تدمير إسرائيل، وسيسيرون فى طريق السلام الحقيقى معها فى نهاية الأمر. فى عام 2020 حققنا إنجازا مذهلا وتوصلنا بموجبه خلال أربع أشهر إلى تحقيق أربع معاهدات سلام مع أربعة دول عربية هى الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب. لقد كانت اتفاقيات إبراهيم بمثابة محور للتاريخ، واليوم نرى جميعا بركات تلك الاتفاقيات فى مجالات التجارة والاستثمار مع شركائنا الجدد فى السلام حيث نتعاون فى مجالات التجارة والطاقة والمياه والزراعة والطب والمناخ والعديد من المجالات الأخرى، حيث زار ما يقرب من مليون إسرائيلى دولة الإمارات فى السنوات الثلاث الماضية. لقد أحدثت اتفاقيات إبراهيم تغييرا مهما آخر، فقد أدت إلى تقارب العرب واليهود، حيث نرى ذلك فى حفلات الزفاف اليهودية المتكررة التى تعقد فى دبى وفى تدشين كنيس يهودى فى البحرين وفى الزوار الذين يزورون المتاحف اليهودية فى المغرب، ونرى ذلك أيضا فى الدروس التى تعطى للطلاب العرب حول الهولوكوست فى الإمارات العربية المتحدة. إنى أعتقد أننا على وشك تحقيق سلام تاريخى بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى إنهاء الصراع العربى الإسرائيلى، كما أنه سوف يشجع الدول العربية الأخرى على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وسوف يعزز آفاق السلام مع الفلسطينيين، وسوف يشجع على المصالحة الأوسع بين اليهودية والإسلام، وبين القدس ومكة، وبين أحفاد إسحاق وأحفاد إسماعيل، وكل هذه نعم عظيمة. إن السلام بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية سوف يخلق حقا شرق أوسط جديدا. كما تعلمون، قبل بضع سنوات وقفت هنا حاملا علامة حمراء إشارة إلى اللعنة الكبرى: لعنة إيران النووية، ولكن اليوم أحمل هذه العلامة للإشارة إلى نعمة عظيمة: نعمة الشرق الأوسط الجديد بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وجيراننا الآخرين. ولن نكتفى بإزالة الحواجز بين إسرائيل وجيراننا فحسب، بل سنبنى ممرا جديدا للسلام والازدهار يربط آسيا عبر إسرائيل بأوروبا. إن معاداة السامية لابد أن ترفض أينما ظهرت، سواء على اليسار أو اليمين أو فى قاعات الجامعات أو فى قاعات الأمم المتحدة، ولكى يسود السلام لابد أن يكف الفلسطينيون عن بث الكراهية ضد اليهود وأن يتصالحوا أخيرا مع الدولة اليهودية».

بعد خطابه دخل عليه شخص وهمس فى أذنه شيئا، تبين بعدها أنه أبلغه بالغارة التى استهدفت حسن نصر الله وأودت بحياته، وهو الأمر الذى أصدره قبل سفره لنيويورك.


لمزيد من مقالات د. مصطفى جودة

رابط دائم: