(النصاب بخير مادام الطماع موجودا)…مقولة شعبية شديدة الواقعية،تنسجم مع وقع الحياة وتطورها، فمهما تعددت طرق النصب، وواكبت سباق التفوق العلمى والتكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من مسميات التطور والحداثة، تظل تلك المقولة شاهدة على أخطاء النفس البشرية وضعفها!
لم يتعلم ضعاف النفوس من نكبات توظيف الأموال،وخطايا الوقوع فى براثن (المستريح) وهو التوصيف الأحدث لمرتكب جريمة توظيف الأموال، وأثبتت الضربات الأمنية الأخيرة فى عدد من المحافظات المصرية لوأد ظاهرة النصب الإلكتروني، أن بعضنا لا يتعلم من أخطاء الماضى، لكن يتوق لخوض غمار المغامرة حتى يذوق بنفسه مرارة الخسارة !
مواقع مراهنات دولية مشبوهة تتخذ من الفضاء الإلكترونى مسرحا لعملياتها، وجدت ضالتها فى عدد من محافظات مصر، واستهدف وكلاؤها شرائح اجتماعية بعينها من البسطاء والعاطلين والباحثين عن الربح السريع، بشراء خطوط الهاتف المحمول الخاصة بهم،المفعل عليها محافظ مالية إلكترونية، واستخدام تلك المحافظ فى عمليات سحب وإيداع أموال المراهنات، ثم تحويل تلك المبالغ إلى عملات رقمية مشفرة لمصلحة تلك المواقع بالخارج.
المنصات الإلكترونية المتخصصة فى مراهنات كرة القدم تمثل قمة جبل الجليد فى عالم النصب الإلكترونى، بالرغم من نيل بعض تلك المنصات السمة القانونية فى بعض البلدان، لكن يكفى احتيال منصة لمراهنات كرة القدم فى مارس الماضى على نحو 70 ألفا من مستخدميها فى مصر، بعد أن جمعت منهم ما يقرب من نصف مليار جنيه،للتدليل على خطورة تلك التطبيقات اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا أيضا، كون أن الأطماع التى تثيرها تلك المنصات بمنح مستخدميها مبالغ رمزية فى البداية لإغرائهم للمشاركة لاحقا بمبالغ أكبر، ربما يدفع هؤلاء لارتكاب جرائم لجمع الأموال، وهو نفس السلوك الجنائى غير المستبعد من جانب من يخسر أمواله فى تلك المنصات ! حجم تغول مواقع المراهنات التى تبلغ أرباحها السنوية مليارات الدولارات، يشى بأننا نواجه تهديدا حقيقيا يداهم مجتمعنا، ولن تكون المواجهة الأمنية كافية، نظرا لقدرة الكيانات الضخمة التى تدير تلك المنصات على المناورة واستلهام طرق مستحدثة للولوج إلى مستخدميها، وهو ما يحتم إيجاد آلية قانونية وتشريعية للتعامل مع القضايا الخاصة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى.
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: