رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

عبقرية الجيش المصرى فى الحرب والسلام

فى الساعة الثانية من ظهر يوم السبت 6 أكتوبر 1973، الموافق 10 رمضان 1393 هجرية، وبتنسيق مع سوريا، وبتخطيط لفترة طويلة مع الأشقاء العرب، كانت الشرارة، ضد جيش الاحتلال الإسرائيلى الذى أشاع أنه لا يقهر، فإذا بهيبته تنكسر، وبعار الهزيمة يلاحقه، وبصدمة الضربة المصرية القوية المفاجئة تفقده صوابه واتزانه، وأوهامه تتبدد، والقلعة العسكرية المنيعة التى تشدق بها تصبح مباحة لمقاتلين عظماء، اقتحموا قناة السويس، واجتاحوا حصون خط بارليف، فبدت الأمور، وكأن زلزالا ضرب إسرائيل، فقلبها رأسا على عقب.

51 عاما مرت على هذا اليوم العظيم الذى خلده التاريخ، ولم لا وهو حدث فريد، بل نقطة تحول فى مسار الصراع العربى الإسرائيلي.. إنه من أعظم أيام مصر ــ بحق ــ بحثته ودرسته العسكرية العالمية، وتوصلت إلى أنه انطوى على عبقرية نادرة فى تاريخ الجيوش، وحرص آباؤنا وأجدادنا على حفظ أسراره وحكاياته وتضحياته، ولا نمل نحن، نعلم أولادنا ما حدث من إعجاز، رفع رءوسنا إلى عنان السماء، وستتعاقب الأجيال، جيلا بعد جيل، تسبر أغوار الملحمة البطولية، التى اقتنع العدو بعدها أن السلام العادل، هو السبيل الوحيد لإتاحة الفرصة للتنمية والتقدم والاستقرار فى المنطقة، ومعها تطور أداء مصر السياسي، واستعاد المصريون الثقة فى النفس.


وشهد العالم لنا، وأشاد بالأداء العسكرى الرفيع والمبدع الذى فاق كل التوقعات الدولية والإسرائيلية، ولعظمة العمل الإستراتيجى المصري، حتى إن صحيفة «واشنطن بوست» كتبت: «إن المصريين حققوا نصرا نفسيا على إسرائيل، استعادة مصر السيطرة على قناة السويس .. انتصار لمصر لا مثيل له.. الحرب كانت الأكثر ضراوة التى تم شنها منذ حرب 1948»، وقالها الخبراء العسكريون: إن حرب أكتوبر، غيرت مجرى التاريخ بالنسبة لمصر وبالنسبة للشرق الأوسط بأسره، تحولت إلى رمز لثورة الإنسان وتجاوزه لواقعه المؤلم، فأصبحت روح هذه الحرب المقدسة، نبراسا ومصباحا يضيء الطريق، ويبدد ظلام اليأس، ويرسم خريطة جديدة، خطوطها من العزة والكرامة.

ووصف الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الاحتفال بهذه الذكرى الخالدة، ما حدث بدقة متناهية، ولخصه فى كلمات قصيرة قال فيها: «رؤية ثاقبة لقيادة الدولة المصرية خلال فترة حرب أكتوبر وما تلاها، تجاوزت عصرها وظروفها وحالة المنطقة آنذاك، وقاتلت، وانتصرت وسعت من أجل استعادة الأرض وتحقيق السلام».

وقال الرئيس فى كلمته، خلال حضوره «تفتيش حرب» الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميداني، بمحافظة الإسماعيلية: «الدولة المصرية حققت النصر فى أكتوبر 1973، رغم فارق الإمكانيات، بالإرادة والرؤية العبقرية التى سبقت عصرها، وحققت لمصر السلام حتى الآن».

وعبر تاريخه لم يكن جيش مصر، إلا منتصرا للسلام، حريصا ومشاركا فى البناء والتنمية، مؤمنا بأن الحرب هى الاستثناء، وهو ما فعله الرئيس الراحل محمد أنور السادات صاحب قرارى الحرب والسلام، ولا تزال تلك هى رؤية القيادة المصرية، والتى أكدها الرئيس السيسى، عندما قال: «ليس لدينا فى مصر، ولا القوات المسلحة ولا الدولة المصرية أو أى مؤسسة من مؤسساتنا، أجندة خفية تجاه أحد».

وتبنت مصر إستراتيجية السلام لحماية حدودها وأرضها، ولديها موقف ثابت لا يتغير تجاه قضية عادلة، وهى القضية الفلسطينية، وكانت القوات المسلحة بكل قوتها حريصة على أن تكون هذه القوة رشيدة تتسم فى تعاملها بالتوازن الشديد، كما أن العقيدة العسكرية المصرية تقوم على الحفاظ على الأمن والاستقرار وحدود الدولة وحماية مصالحها القومية.

وفى شهر الانتصارات والمجد، يتجدد وعد الرئيس بأن القوات المسلحة يقظة ومنتبهة ومستعدة ومدربة وأمينة وشريفة، فلا خوف أبدا، رغم ما تشهده المنطقة من اضطراب، يوشك أن يتحول إلى حرب شاملة، ولعل هذا الوعد المستمر هو ما حرص عليه الرئيس السيسى، عندما قال: «إن مصر عزيزة بأبنائها، قوية بمؤسساتها، شامخة بقواتها المسلحة، وفخورة بتضحيات أبنائها».

وأضاف، فى حفل تخرج الكليات العسكرية «اسمحوا لى أن أتوجه بالتحية والتقدير للقوات المسلحة المصرية، تلك المؤسسة الوطنية العريقة، التى لم ولن تتخلف يوما، عن التصدى لتحمل المسئولية، مهما ثقلت، وتأدية الأمانة، مهما بلغت».

إن رسالة الطمأنة للمصريين، كانت واضحة وجلية خلال تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميدانى بمحافظة الإسماعيلية، والذى أظهر مدى التطور الذى وصلت له الفرقة السادسة المدرعة التى تعد جزءا أصيلا من الجيش الثانى الميداني، وأبرز الأسلحة التى تمتلكها الآن، والتى تعكس قوة مصر وقدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

وإذا كان الجيش المصري، أذهل العالم كله فى حرب تحرير الأرض، وغسل أحزان الهزيمة، والتى لولاها ما فرض السلام الذى يريده القائم على الحق والعدل، فإنه أبدع فى مجال البناء والتنمية فى معركة لا تقل جهدا وتضحيات عن الحرب، بعد أن مهد أرض سيناء الحبيبة، وطهرها من الإرهاب، مع الشرطة المصرية الباسلة، وكان التتويج الذى يبعث على الأمل والسعادة والفخر بالكفاح والمثابرة المصرية، بعودة حركة قطارات السكة الحديد إلى منطقة سيناء من جديد، بعد توقف استمر لأكثر من 50 عاما عن التشغيل، وانطلقت القطارات، وسط فرحة غامرة، على خط سكة حديد الفردان ــ بئر العبد بطول 100 كيلو متر.

خاضت مصر الحرب عندما أصبحت ضرورة ملحة لاسترداد الأرض، وواقعا لا مناص منه لحماية الأمن القومي، وانتصرت بعد أن دحرت العدوان فى يوم مشهود رفعت له العسكرية العالمية القبعة، احتراما وتقديرا، ورفع معه الشعب المصرى رأسه، بعد أن وقف فى ظهر جيشه، وتحمل مسئولياته فى هذا الوقت، وقدم تضحياته دون حساب على كل المستويات، وتجمل بالوعى الكامل، والإدراك الشديد لكل ما يدور حوله من حوادث، ولم يستطع أحد الميل به، أو إخراجه عن خط مصلحة الوطن ومستقبل أبنائه.

وفرضت مصر السلام، الذى كان بعيد المنال لولا الانتصار فى الحرب، وتغيير موازين القوى فى المنطقة، وهو السلام الذى فتح الطريق أمام قطار إعادة الإعمار والبناء والتنمية والتقدم، والأخذ بكل أساليب الحضارة الحديثة، ولا يزال جيش مصر يؤدى دوره بكل أمانة وإخلاص، فى معركة شرسة مع ميراث مثقل بالهموم، وظروف إقليمية ودولية غاية فى الصعوبة... فكل التحية والتقدير لهذا الجيش العظيم فى ذكرى الاحتفالات بحرب عودة الروح إلى وطن غالٍ وعزيز.

 

 

***

إذا كان الجيش المصرى أذهل العالم كله فى حرب تحرير الأرض، وغسل أحزان الهزيمة، والتى لولاها ما فرض السلام الذى يريده، القائم على الحق والعدل، فإنه أبدع فى مجال البناء والتنمية

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب

رابط دائم: