مع تصاعد الأحداث وحدتها فى منطقة الشرق الأوسط، وارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين عن مدنهم وقراهم للهرب من جحيم القصف، تزايدت الحاجة لتحركات سريعة من مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ومقرها مدينة جنيف الدولية، لتوفير اللازم استجابة لتدفق اللبنانيين والسوريين عبر الحدود بين البلدين، بالتعاون مع الهلال الأحمر العربى السورى بخبراته التى تمتد لأكثر من 13 عاما.
وطبقًا لما ذكره إيفو فرايسن، ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى لبنان التى فقدت بالفعل اثنين من موظفيها فى الأحداث الأخيرة، فإن المفوضية كانت تستعد للسيناريو الحالى منذ ما يقرب من عام، إلا أن الصدمة تمثلت فى وصول عدد الضحايا فى يوم واحد (23 سبتمبر) إلى ما يعادل نصف من فقدتهم لبنان فى الحرب التى استمرت 34 يومًا بين إسرائيل ولبنان عام 2006. وقد أدى تفجر الوضع الحالى إلى تسجيل 118 ألف نازح جديد فى الأيام الخمسة الأولى، بينهم من نزح بالفعل للمرة الثانية أو الثالثة، مما يجعل من الصعب تحديد أرقام دقيقة فى ظل بدء محاولات بعض اللاجئين والنازحين الوصول إلى قبرص وأوروبا عبر القوارب غير النظامية أو الرسمية. وفى ظل الأوضاع، جددت المفوضية مطالبها بضرورة ضبط النفس فى مواجهة الفارين من جحيم الصراع، كما أصدرت أحدث إرشاداتها القانونية بشأن الطريقة التى ينبغى للدول أن تعامل بها طالبى اللجوء الذين وصلوا إلى حدودها بطريقة غير نظامية.
وأفادت إليزابيث تان، مديرة الحماية الدولية فى مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، بإنه بموجب المادة 31 من اتفاقية اللاجئين، لا يحق للدول, المستقبلة معاقبة طالبى اللجوء لمجرد دخولهم إلى بلد ما بشكل غير قانوني، إذا استوفوا متطلبات معينة.
وتنص اتفاقية اللاجئين على أنه لا يجوز معاقبة طالبى اللجوء على دخولهم غير النظامى أو التورط فى عمليات التهريب طالما تم استيفاء ثلاثة شروط، ألا وهى تقديم أنفسهم بصورة «مباشرة» و«سريعة» للسلطات المسئولة وإظهار «سبب وجيه لدخولهم» حتى لو شاركوا أو وجدوا فى تنظيم أو مساعدة، أو تسهيل دخولهم أو إقامة غير قانونية أو قانونية أو دخول غير قانونى أو إقامة غير قانونية لهم أو لغيرهم، مادامو هم الذين يتم تهريبهم، أو اتخذوا هذه الإجراءات لتأمين دخولهم أو دخول أسرهم أو غيرهم لأسباب إنسانية.
يأتى ذلك استكمالا لدور المفوضية فى مواجهة تداعيات انفجار قنبلة اللاجئين فى عدة أماكن من العالم فى ظل خبراتها السابقة منذ بدأت العمل فى ديسمبر عام 1950 ، حيث تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة التى منحتها ولاية مدتها ثلاث سنوات لاستكمال مهمتها، على أن تُحل بعد ذلك وهو ما لم يحدث على مدار 74 عامًا، وهو ما ينطبق على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى (الأونروا) التى أنشئت عام 1949، وبدأت عملها عام 1950، لتلبية احتياجات نحو 750 ألف لاجئ فلسطيني، ارتفع عددهم ليصل إلى نحو 5 ملايين لاجئ فى غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، والأردن، ولبنان، وسوريا. وقد واصلت المفوضية عملها وقدمت خدماتها فى أزمات النزوح واللجوء دون تمييز فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وفى أوروبا فى أثناء حرب البلقان، ويبلغ طاقم عمل المفوضية أكثر من 18000 موظف فى 132 دولة لمساعدة الملايين من اللاجئين والعائدين والمشردين داخليا وعديمى الجنسية، مع وجود ما يقدر بنحو 281 مليون مهاجر فى جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع عدد النازحين بسبب الصراع والعنف والكوارث وغيرها من الأسباب إلى أعلى مستوياته فى السجلات الحديثة، حيث وصل إلى 117 مليونًا، طبقا لإحصائيات المنظمة الدولية للهجرة فى مايو الماضي.
الجدير بالذكر أن مصر
قد أطلقت مؤخرا مبادرة وبرنامجا مشتركًا لدعم وتلبية الاحتياجات الأساسية فى الصحة والتعليم وتعزيز القدرة على الصمود والحماية للاجئين والمهاجرين وطالبى اللجوء، وذلك بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة ومنظمة الصحة العالمية واليونسيف بمتابعة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفى ظل سماح مصر بدمج المهاجرين واللاجئين فى المجتمع المصرى من خلال سياسة عدم إقامة المخيمات، وتوفير الخدمات الأساسية.
يأتى ذلك فى إطار الشراكة الاستراتيجية التى تم اعتمادها فى مارس الماضى بين الاتحاد الأوروبى والحكومة المصرية التى نصت على تعهد الجانبين بحماية حقوق المهاجرين واللاجئين، حيث يدعم البرنامج التزام مصر فى إطار شبكة الأمم المتحدة للهجرة كواحدة من 25 دولة رائدة فى الاتفاق العالمى من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية وكذلك التزام مصر بالميثاق العالمى بشأن اللاجئين.
رابط دائم: