رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

المناظرات السياسية فى الانتخابات الأمريكية

تشهد الولايات المتحدة فى الخامس من نوفمبر 2024 الانتخابات الرئاسية التى تجرى كل أربع سنوات بين اثنين من المرشحين أحدهما عن الحزب الجمهوري، والآخر عن الحزب الديمقراطى ويبدأ الاستعداد للانتخابات الرئاسية الأمريكية قبل فترة طويلة من موعدها الرسمي، حيث يحاول كل مرشح حشد الدعم والتأييد من قطاعات الناخبين فى مختلف الولايات الأمريكية خصوصا فى الولايات التى يطلق عليها الولايات المتأرجحة أى التى لا يكون معروفا مسبقا اتجاهها التصويتى بمعنى أنها فى حالات معينة تناصر مرشح الحزب الجمهوري، وفى حالات أخرى ناصرت مرشح الحزب الديمقراطي، ولذلك فإن المرشح الرئاسى يبذل المزيد من الجهد والنشاط فى مثل هذه الولايات أكثر مما يبذله من جهد فى الولايات المؤكد فوزه فيها، ولعل من أهم هذه الولايات المتأرجحة بنسلفانيا، وجورجيا، وأريزونا، وميتشجان ونيفادا والتى يمكن إذا توجهت إلى أحد المرشحين للرئاسة أن تحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية.

وتشهد الولايات المتحدة قبل إجراء الانتخابات عدة مناظرات انتخابية بين مرشحى الحزبين وتحظى بدرجة كبيرة من المتابعة والاهتمام سواء من الناخبين الأمريكيين والرأى العام الأمريكي، أو من دول العالم المختلفة وذلك للتعرف على سياسات وتوجهات كل مرشح وموقفه من القضايا الدولية المختلفة فى العالم، وقد أثبتت التجارب السابقة لهذه المناظرات الانتخابية فى الولايات المتحدة أن المرشح الذى يتمكن من الأداء الجيد فى هذه المناظرات ، وقدرته على تقديم أفكاره وسياساته بشكل جيد تتزايد فرصه فى الفوز، بينما على العكس من ذلك فإن المرشح الذى لا يكون مقنعا فى المناظرة للرأى العام تتراجع فرصه فى الفوز وهذا ما تثبته خبرة أكثر من ستة عقود من الإنتخابات الأمريكية ودور المناظرات الانتخابية فى حسم نتيجة الإنتخابات، وأرجع بعض المرشحين للرئاسة الأمريكية عدم فوزهم أو فشلهم فى الفوز بالانتخابات إلى طبيعة الأداء فى المناظرات الانتخابية، وتتناول المناظرات الانتخابية العديد من القضايا المهمة الداخلية والخارجية والاقتصادية والسياسية والتطورات الدولية والموقف الأمريكى من القضايا المهمة فى العالم وبحيث يتم تقييم الأداء للمرشح الرئاسى بشكل دقيق، والحكم على مدى قدرته على قيادة الولايات المتحدة خلال فترة رئاسية قدرها 4 سنوات، ويمكن القول إن تأثير المناظرات الانتخابية يرتبط بعاملين على درجة كبيرة من الأهمية أولهما التأثير على موقف الولايات المتأرجحة بمعنى أن الأداء الجيد لمرشح معين فى المناظرة يمكنه من اجتذاب تأييد هذه الولايات المتأرجحة مما يزيد من فرصه فى الفوز، و ثانيهما أن المرشح الرئاسى الذى يجيد استغلال هذه المناظرة لصالحه يستطيع اكتساب تأييد الناخبين المترددين، أى الذين لم يحسموا موقفهم من تأييد المرشح الجمهورى أو الديمقراطى ابتداء ولكن أداء المرشح فى المناظرة يمكن أن يجعلهم يتجهون إليه بالتأييد فى حالة أن يكون أداؤه جيدا، أو ينصرفون عنه إذا لم يقتنعوا بهذا الأداء.

وشهدت الولايات المتحدة المناظرة الانتخابية الأولى فى هذا السباق الانتخابى الرئاسى فى يوليو الماضى بين الرئيس بايدن الديمقراطى والسيد ترامب الرئيس السابق والمرشح عن الحزب الجمهورى والذى لم يتمكن فيه الرئيس بايدن من تحقيق الأداء المطلوب وتفوق عليه السيد ترامب، وربما كان ذلك أحد العوامل الهامة التى أدت إلى انسحاب الرئيس بايدن من خوض الإنتخابات الرئاسية للمرة الثانية فى 2024 وحلت محله السيدة كامالا هاريس نائبة الرئيس كمرشحة للحزب الديمقراطى بعد أن حصلت على تأييد المؤتمر القومى للحزب الديمقراطي، وأجريت المناظرة الانتخابية الثانية فى العاشر من سبتمبر 2024 بينها وبين مرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب وهى المشاركة الأولى لها فى مناظرة انتخابية رئاسية، واستطاعت السيدة هاريس أن تعطى صورة جيدة كمرشحة رئاسية، حيث تطرقت إلى عدة قضايا مهمة فى المناظرة واستطاعت أن تقف بندية للمرشح الرئاسى السيد ترامب الذى خاض عدة مناظرات رئاسية سابقة، وتأتى أهمية هذه المناظرة من كونها تأتى قبل قرابة ثمانية أسابيع من اجراء الإنتخابات الرئاسية، إضافة إلى التقارب الكبير بين المرشحين الرئاسيين وفقا لاستطلاعات الرأى العام، وقد ركزت السيدة هاريس على فكرة وحدة المجتمع الأمريكي، و احترام الحقوق الفردية بما فيها حق الإجهاض، واتهمت ترامب بأن سياساته الاقتصادية فى فترة رئاسته أثرت سلبيا على الاقتصاد الأمريكى وجعلت الولايات المتحدة تعانى درجة من البطالة غير معروفة منذ الكساد الكبير، وتعهدت هاريس بمعالجة ارتفاع تكاليف الإسكان، ومساعدة المشروعات التجارية الصغيرة والأسرة، وانتقدت موقف ترامب والحزب الجمهورى بشأن أفغانستان.

واتسمت أفكار ترامب فى المناظرة بالمبالغة مثل اتهامه هاريس بكراهية اسرائيل، وأن إسرائيل لن تكون موجودة خلال سنتين إذا فازت هاريس، كما اتهمها بالضعف فى شئون الأمن القومي، وبالفشل فى منع الحرب بين روسيا وأوكرانيا من خلال المفاوضات قبل الغزو الروسى لأوكرانيا، وأن ذلك أدى إلى تحمل الولايات المتحدة أعباء كبيرة مقارنة بالحلفاء الغربيين، ويمكن القول إن الأداء الجيد للسيدة هاريس فى المناظرة يمكن أن يؤثر إيجابيا على موقفها فى الإنتخابات الرئاسية وعلى موقف الحزب الديمقراطى إذا ترجم ذلك باكتساب تأييد الولايات المتأرجحة والمترددين فى التصويت، وهو ما يعكس أهمية المناظرات السياسية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكي.


لمزيد من مقالات د.إكرام بدرالدين

رابط دائم: