يجب أن تتوقف ضمائر الإنسانية طويلا أمام بشاعة وتوحش الصهيونازية التى تعيد إلى الأذهان هجمات التتار وكل الأشكال الوحشية فى العصور القديمة، حيث يشاهد العالم بالصوت والصورة الإبادة الجماعية التى يمارسها العدوان الصهيونى وسط صمت وتخاذل دولى يتغطى بمطالبات متقطعة لوقف إطلاق النار أو بعض عبارات التنديد ..وراء كل ذلك فكر موغل فى العدانية والعنصرية والوحشية يحتاج إلى كشف وتعرية ومواجهة.
فالصهيونازية فكرة متجزرة تحميها قوة باطشة، لابد من دحض هذه الفكرة العنصرية العدائية التى تقوم على الاحتلال واستباحة أرض وكرامة وثروات الاخرين وتستند إلى أساطير مزيفة تم فرضها على العالم بقوة المال والنفوذ، مدعومة بقوة دولية مسيطرة ، تمدها بالسلاح والمال وتوفر لها غطاء دوليا، فضلا عن استغلال نفوذ دبلوماسى واعلامى متغلغل فى ثنايا القوى الدولية الغربية .
كنا قد فصلنا فى مقالين سابقين أوجه التشابه بين النازية والصهيوينة وحذرنا من المآلات التى قد تنتج عنها ومنها قيام حرب عالمية ثالثة او على الأقل حرب إقليمية تهدد أمن وسلامة المنطقة والعالم، مما يتطلب من المجتمع الدولى محاكمة وتجريم الصـهيونية ومحاربتها على كل الأصعدة- كما حدث مع النازية- لحماية البشرية من خطرها.
غير ان هذه العملية ليست أمرا بسيطا ينجز بقرار أو على مدى قصير، وإنما يستلزم خطة لمواجهة الفكر والمزاعم والأساطير التى تقوم عليها الصهيونية، ومن بينها :
-الأساطير التوراتية: فيقوم جانب أساسى من الصهيونازية والإرهاب الإسرائيلى على أساطير منسوبة للتوراة ومنها: «كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون ملكا لكم». (سفر التثنية 11 :24). كما يستحلون قتل الاغيار (غير اليهود) سواء كانوا عسكريين او مدنيين: «وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ.» (تث 20: 13). أليس ذلك يمثل فكرا عنصريا يجب الوقوف ضده وكشفه أمام العالم، وفى هذا السياق استعرض الباحث وجدى نجيب المصري، الأصول التوراتية للإرهاب الإسرائيلى من مختلف جوانبه فى كتابه «البعد التوراتى للإرهاب الإسرائيلي». ويعتمد المؤلف على مصادر علمية لباحثين وكّتاب عالميين من أمثال أرنولد توينبي، وروجيه غارودى وبول فندلى ولياى غاى كار، وتوماس طومسون، فضلا عن آينشتاين وتشومسكى ليوضح كيف اَّتخذت إسرائيل من التوراة ذريعة للاستيلاء على أرض فلسطين، وقتل العرب سواء كانوا عسكريين او مدنيين وحتى لو كانوا أطفالا معتمدين على أسفار يزعمون أنها وردت فى التوراة. ويبين كيف استطاعت اسرائيل إرهاب دول العالم فأخضعتهم لمشيئتها مؤكدة لهم، وبمختلف الطرق، أّنها مشيئة الله، مع الوعيد بالويل لكّل من يخالفها.
والغريب أن ملايين البشر، وعلى مر العصور، سقطوا نتيجة صراع وحروب، وانتهت دول وأمبراطوريات بأكملها كانت مسيطرة على اراض واقاليم شاسعة من العالم لعقود عديدة، ولكنها اختفت اليوم، حدث ذلك – على سبيل المثال- مع الهنود الحمر فى الأمريكتين وللمسلمين فى اسبانيا، فهل يقبل العالم اليوم ان يطالب الهنود الحمر باحتلال الأمريكتين أو يطالب المسلمون باستعادة أسبانيا؟ولماذا فقط تظل الحرب على اليهود لعنة أبدية تلحق من نّفذها، وتستمر حربهم على الكنعانين منذ ثلاثة آلاف سنة؟.
- بدعة معاداة السامية التى حَّرفها الصهاينة وأمعنوا فى استغلالها لمآربهم، فلماذا تحتكر إسرائيل تفسير معنى السامية التى تضم العرب ايضا؟، أما الأغرب فى هذا المضمار فهو اعتبار ان أى نقد للصهيونية معاداة للسامية، وهكذا يصبح رفض العدوان الإسرائيلى على فلسطين معاداة للسامية تستوجب العقاب!
- رفض وضع تعريف دولى للارهاب، حيث تقوم الصهيونية بتضليل العالم بأسلوب ممنهج بهدف الخلط بين حق المقاومة المشروعة للاحتلال بكل الطرق، والذى أقّرته الأمم المتحدة، وبين الإرهاب ، فقد حال النفوذ الصهيونى بمساعدة امريكية دون التوصل إلى تعريف دولى للإرهاب داخل أروقة الأمم المتحدة. وفى ظل هذا التضليل تصبح الضحية التى تقاوم الاحتلال مجرم يوصف بالإهارب بينما يتحول العدوان الإسرئيلى الذى يمارس كافة أشكال الإباداة الجماعية إلى ضحية «من حقها الدفاع عن نفسها»!.. فهل تتبنى منظمة التعاون الإسلامى هذه الخطة لفضح الصهيونازية ضمن مساعيها لحماية المسجد الأقصى التى تأسست المنظمة على إثر إحراقه عام 1969؟
لمزيد من مقالات د. محمد يونس رابط دائم: