لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، حظيت بجلسة ودية وثلة من المقدرين مع الصديق الدكتور «بدر عبدالعاطي» وزير الخارجية والهجرة، وعدت منها مسرورا.. لفتنى بشدة احتفاء الوزير بأستاذه العلامة الدكتور «أحمد يوسف أحمد» أستاذ العلوم السياسيّة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسيّة. نموذج ومثال لتواضع الوزير بين يدى شيخه ومعلمه، وكأنه يكافئه بتفوقه، لسان حاله، ما أنا عليه من حسن صنيعك شيخى الجليل، هذا من غرسك الطيب. وكان لقاؤهما دافئا، والدكتور يوسف يعتريه خجل من إطراء الوزير.. يظل المعلم على تواضعه نموذجا لتلميذه النجيب. من علمنى حرفا .. تجسدت المقولة أمام ناظري، فاستملحتها من الوزير الأصيل، ابن الأصول ينزل الكرام منازلهم، ويعترف بفضلهم، والاعتراف بالفضل فضيلة، ومأثور عن الإمام «أحمد بن حنبل» رحمه الله قوله، «ما بتُّ منذ ثلاثين سنةً إلا وأنا أدعو للشافعى وأستغفر له!»، وقال الشافعى رحمه الله: «الحر مَن راعى وداد لحظة، وانتمى لمَن أفاده لفظة».. ومنهما نتعلم تبجيل العلماء، وهم ورثة الأنبياء.
قم للمعلم وفه تبجيلا، لفتنى تواضع الوزير، من تواضع لله رفعه، يشعرك الدكتور بدر فى كل لحظة أنه هو من يتعلم منك، ويراجع عليك، ويختار لفظه بدقة ، ويزن كلمه بميزان الذهب، لسان الدبلوماسى حصانه، ما بالك برأس الدبلوماسية المصرية، الحرف له ثمن، يختم عادة حكيه، هذا فقط للتنوير على الأحداث، والتنوير من مفردات الحالة الحوارية الدبلوماسية. فى محل الترحيب بصديق العمر الجميل الدكتور «بدر عبدالعاطي» وزير خارجية المحروسة بإذن ربها، مستوجب الشكر للوزير سامح شكري، الدكتور عبدالعاطى خير خلف لخير سلف، مدرسة الدبلوماسية المصرية العريقة ولادة، وأن تعدوا عظماءها لا تحصوهم، وكل منهم فارس يذود عن الحياض المقدسة بدبلوماسية واقعية لا تحلق فى الفراغ. ترحيبى بالوزير بدر البدور الساطع فى سماء الدبلوماسية المصرية، متأخر قليلا، تريثت حتى تنزاح حمى البدايات المصحوبة دائما بالشك والتشكيك، وحتى تهبط الموجة العاتية التى ضربت وجوها مقدرة فى حكومة المهندس مصطفى مدبولى الثانية.
وتريثت فى شكر الوزير شكرى على سابقة أعماله الدبلوماسية الطيبة، فى ظل حملة كراهية من منابر عدائية، ممسوسة إخوانيا تناولت بالسوء مواقف رجل محترم حمل تكليفا وطنيا بالدفاع عن الحياض الخارجية للوطن، وخاض وسفراء مصر جميعا معارك دبلوماسية شرسة للدفاع عن الحقوق المصرية التاريخية فى مياه النيل ومياه البحر. الوزير شكرى من مدرسة الدبلوماسية الشرسة فى الدفاع عن المصالح الوطنية، كان إذا تحدث بلغة ما فى توقيت ما فى سياق ما، لا تقبل كلماته القسمة على اثنين، والثقة كل الثقة متوافرة كانت فى طروحاته، وأنها على وقتها وفى محلها. الوزير عبدالعاطى على الدرب يسير، لسان الخارجية المصرية زرب، فصيح، قوى فى الحق، وما يصدر عن وزير الخارجية ليس للاستهلاك المحلى بل رسائل محددة فى توقيتات محددة وفق توجيهات محددة من قيادة سياسية تخوض واحدة من أشرس معارك مصر الوجودية.
وزير الخارجية فى السياق المصري، خطه مرسوم، وحركته محسوبة، وكلماته توزن بالذهب، وفق منطلقات دولة كبيرة وازنة فى محيطها العربى والإقليمى والعالمي. على مدار ثلاث ساعات سمعت من الوزير بدر ما يدخره فى الشئون الخارجية، الوزير لا ينطق عن هواه، ومعبر حرفيا عن موقف مصرى ثابت، خلاصته الحفاظ على الدولة الوطنية، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، واحترام السيادة الوطنية ومنها حرمة الحدود. ما فهمته من جملة حوارات الوزير بدر مع الحضور الكريم، يترجم دبلوماسية وطنية منطوقة بالحرف فى توقيت حرج، وتشكل مخرجا من نفق الأزمات المستحكمة إقليميا. مصر باتت مرجعا عالميا معتمدا فى تفكيك الأزمات الأقليمية ذات المردود العالمي، سيما فى غزة والسودان، والاعتماد دوليا على خبرة وحنكة وقدرة الدبلوماسية المصرية فى التواصل الإيجابى والفعال مع أطراف الأزمات، ثقة فى نصاعة الموقف المصري، وحيويته، وقدرته على كسب ثقة الأطراف المتناحرة جميعا.
السفير بدر عبدالعاطى وزير بدرجة دكتور علاقات دبلوماسية ، رجل دولة مسئول سياسيا ، ليس ناشطا سياسيا باحثا عن لايك على فيس بوك، ورجال الدولة قدرهم يحملون أوزار المراهقين سياسيا، والفضاء الإلكترونى يعج بهم..
لمزيد من مقالات حمدى رزق رابط دائم: