مازال البعض من الشركات تتغافل عن الرد على عملائها ظنًا منها أنه بتلك الطريقة قد ينسى الناس مشكلاتهم، ويٌصابون بالملل ويتركون مرادهم، فتضيع الحقائق. منذ فترة ليست بالقصيرة، شاهدت سيدة على إحدى وسائل التواصل الاجتماعى تشكو إحدى محطات تعبئة الوقود، وتتهمها بالغش، وتروى حكايتها مع تلك المحطة، من تواصلها معهم، حتى يتم تعويضها عما لحق بسيارتها من أضرار بسبب غش الوقود، وكما تروى أكدت لهم ما يثبت أنها قامت بتعبئة الوقود من خلال محطتهم وتنهى قصتها بأنهم قالوا: سنأخذ عينة بعد 4 أيام من حدوث الواقعة، وهو ما يجعل العينة غير منضبطة، ولا سيما أن تعبئة المحطة بالوقود تتم كل يوم، ومن ثم قد تغيير نوعية الوقود محل الالتباس.
انتهى الفيديو، ولفت انتباهى أمران، الأول: أنه لو حدث وتصالح الطرفان، هل كنا سنعلم بما حدث، وأنه وقعت حالات غش فى الوقود، كانت من الممكن أن تكون سببًا لخسائر كبيرة لعدد من مرتادى المحطة. الأمر الثانى لو كان ما ترويه السيدة صحيحا، وأنه بالفعل حدثت حالة غش للوقود، سواء بإضافة مياه أو أى شىء آخر من شأنه خداع الناس، والإضرار العمدى بممتلكاتهم، ومن ثم لا بد من التدخل الفورى ليأخذ كل صاحب حقه إذا صدقت الراوية يعود لها قيمة ما تكبدته من خسائر جراء الغش، أو كذبت فتتحمل بقوة القانون ما أجرمته بحق محطة الوقود، والنيل من سمعتها بشكل غير مقبول.
لا أعرف بالتحديد عدد المشاهدات التى حققها الفيديو، ولكنى اطلعت على كل التعليقات، وكلها كانت سلبية للغاية، وتؤكد أن هناك محطات تشتهر بعمليات الغش، وتلك أيضا كارثة، لماذا؟
لأن السكوت على هذه التجاوزات يلبسها ثوب المصداقية، وتمسى حقيقة يتعامل معها الناس. لا ضير إن وُجد إنسان فاسد، فساده لا يعيب الجهة التى يعمل بها، ولكن السكوت عليه وعدم توضيح مثل تلك المواقف بشكل حاسم و فورى، بكل تأكيد يضر بمنظومة كاملة، وليست بفرد فاسد. أمر مشابه، لشخص آخر، ذهب لأحد المستشفيات للعلاج، ولم يجد فى الطوارئ من يستقبله، حتى يقوم باللازم معه، وأمثال تلك الفيديوهات كثيرة، نعلم ما يحدث عند مشاهدتها، ولكن ينتهى بنا المطاف فى تلك اللحظة، دون التأكد من صدق أو كذب الراوى، وهناك عدد منها تصل فيه الأمور للخروج عن السيطرة، فيتحول المكان لساحة معركة وتتوه الحقيقة، ويخسر هذا القطاع المهم جدا جزءا كبيرا من داعميه، رغم أن الأمر لن يتجاوز بعض دقائق، يتم فيها توضيح الحقيقة، حتى تستقيم الأمور.
نوع آخر من الفيديوهات الحديث فيها عن محلات الطعام، وبصرف النظر عن مقدمى الفيديوهات، فالأمر يتعلق هنا بشيئين، الأول: صحة الناس، والثانى: اسم المكان وسمعته، وهنا أرى أنه لا بد من وقف تلك المهازل تماما من خلال الأجهزة المعنية المسئولة عن الرقابة عن تلك الجهات المختلفة.
ففى حالة محطة الوقود لا بد من خروج من يرد على كل تلك الشائعات ليدحضها، أو ليؤكدها ويعتذر للجمهور المتعامل، حفاظا على المنظومة التى يشهد لها عدد كبير جدا من الناس، وإلا لتوقفوا عن تموين سياراتهم بالوقود. أما المستشفيات فأعلم كغيرى أنه يقع على عاتقها مسئولية كبيرة جدا، فرعاية الناس صحيا ليست بالأمر السهل، ولكن كما ذكرت سلفاً، إذا كان هناك فاسد، لا يعنى الأمر أن يلوث كل زملائه بالفساد وهم أبعد عن ذلك تماما. وكذلك الحال مع محلات الطعام، لا بد من البداية وجود تراخيص تسمح لمن يعملون دعاية عن محلات الطعام بحملها، ومن يمتهن تلك المهنة عليه بترخيص لمزاولتها، حتى يمكن محاسبته أولا ضرائبيا، وثانيا لو أخطأ يمكن الرجوع إليه، وأخيرا لو ثبت وجود حالات غش وخداع يمكن التدخل الفورى بشكل قانونى لردع كل من تسول له نفسه غش الناس وخداعهم، والاتجار بصحتهم.
أتابع عن كثب باهتمام شديد ما تفعله الأجهزة المعنية والتابعة لوزارة الداخلية حينما يبث أحدهم فيديو مثيرا للجدل، فيتم على الفور التدخل العاجل، ويتبع ذلك التدخل إعلان الوزارة بشكل شفاف وواضح، ماذا حدث عند بث الفيديو المثير للجدل، وكيف تحركت الوزارة، والنتيجة التى خلصت إليها والأمثلة كثيرة جدا لا حصر لها، عل أشهرها العريس الذى تم خطفه يوم فرحه!
تقول الحكمة الشهيرة: إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب، وتلك الحكمة كانت لظروف مختلفة، تطالب المتناحرين بالهدوء، وأكثرهم عقلا، هو أكثرهم سكوتا.
لكن فى الأمثلة السابقة السكوت يعنى العجز، إذا لم تستطع الدفاع عن نفسك فأنت عاجز، والسبب الأقرب، أنك لا تملك مبررات الدفاع عن نفسك.
خروج الناس لبث الفيديوهات، هكذا بسلاسة، ونشر مشاكلهم دون وجود من يفندها ويرد عليها بالسرعة المطلوبة، سيعطى لصاحب الفيديو المصداقية، وتصبح قصته حقيقة يتناقلها الناس، وفى الأخير، يصبح ما تم الحديث عنه موصوما، سواء كان محطة تموين وقود أو مستشفى أو محل تقديم الأطعمة أو .. إلخ.
إذا كنا أشدنا بالدور الرائع والإيجابى لوزارة الداخلية، فإننى أنتقد وبشدة التراخى غير المفهوم ولا المقبول لمن يمسهم ما يتم بثه دون رد شاف وكاف، مما يسمح بالنيل من سمعتهم دون أن يحركوا ساكنا!! إلا إذا كان ما يتم بثه حقيقة!!
[email protected]لمزيد من مقالات عماد رحيم رابط دائم: