فى العلاقات الدولية تغيب الإنسانية وتحضر الرسميات واللغة الدبلوماسية وتفرض المصالح كلمتها وواقعيتها.
خرجت معظم دول العالم من الأزمات الخانقة التى اعتصرتها طوال العقود الماضية،سواء كانت أوبئة أو تقلبات اقتصادية أو سياسية أو مناخية أو حروبا،وهى أكثر انكفاء على ذاتها،تعيد ترتيب علاقاتها مع الخارج على أساس المصالح والمكاسب الوطنية.
مصر دائما كانت الاستثناء،تهرع لنجدة الملهوف،وترفض ابتلاع الكبير للصغير،تسعى للتوفيق بين الفرقاء،تجمع الإخوة الأعداء على موائد الحوار لتبصرهم بعواقب الاقتتال وثمن سفك دماء أبناء الوطن الواحد.
جبهات القتال ومنصات الصراع تشتعل من حولنا،فى السودان وغزة ولبنان وليبيا وغيرها،ومصر دائما حاضرة لإخماد حرائق نفخ فيها جنرالات الحروب والطامعون فى السلطة وتجار السلاح والخونة، والمرتزقة من كل نوع،ولم يعتد طالبو الإغاثة والملهوفون من مصر تململا ولا تباطؤا،فهى دائما الكبيرة،الحاضرة مهما تعاظمت أزمات الداخل.
مصر وحدها من تقدم مصالح العرب على مصلحتها،ولا تزال تدفع ثمن حروب كبرى أثرت سلبا على أداء اقتصادها وخططها التنموية،ومصر أيضا من يصوب إليها اللوم والمسئولية لعدم قيامها (منفردة) بالرد على تهديدات تلوح بالمنطقة، دون إبداء التقدير الكافى لدورها الاستثنائى فى تقديم الدعم السياسى والاقتصادى والإنسانى لقضايا العرب، واستغلال نفوذها الإقليمى والدولى لتجنيب منطقتها ويلات أكبر.
من حق المقاومة أينما كانت استخدام كل القوة ضد المحتل لاستعادة الأرض والحقوق،لكن رفع السلاح يجب أن يقترن بوضع أهداف سياسية وعسكرية محددة، وأن لا تنحصر الغاية منه فى مجرد لفت الأنظار أو الانتقام مع وضع تقدير عملياتى مسبق لحجم رد الفعل المضاد حفاظا على مكتسبات سابقة.لهذا مع مصر كل الحق فى عدم الانجرار لمحاولات البعض إلقاءها فى آتون حروب لم تشارك فى الإعداد لها أو وضع أهدافها ولا يوجد حتى إجماع عليها ما بين أبناء الوطن الواحد! ما سبق كان محور إجاباتى عن تساؤلات تتعلق بمواقف مصرية من أزمات إقليمية سابقة وحاضرة،خلال جلسة حوار جمعتنى ببعض المؤثرين وقادة الرأى من ضيوف مصر الذين لجأوا إليها طلبا للأمان،هربا من أوطان قسمتها الحروب والنزاعات،وحمى الله مصر .
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: