رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

الانتخابات الأمريكية وقضايا متعددة

تشهد الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية فى كل سنة كبيسة، أى كل أربعة أعوام حيث تجرى المنافسة بين مرشحى الحزبين الكبيرين أى الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطى، ويمكن وفقا للدستور الأمريكى أن يتولى الرئيس الأمريكى مدتين متتاليتين كحد أقصى، ويتطلب الأمر إجراء تغيير فى شخص الرئيس بالضرورة عقب توليه مدتين رئاسيتين، ويقوم الحزب الذى ينتمى إليه الرئيس بالدفاع عن السياسات المطبقة، بينما يقوم مرشح الحزب المنافس بالهجوم على هذه السياسات وانتقاد أداء الرئيس كما يمكنه طرح بعض الآراء والأفكار الجديدة للتخلص من السلبيات الموجودة من وجهة نظره، ويعتبر العام الحالى 2024 عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتى سيكون موعدها فى 5 نوفمبر المقبل، ويتم الاستعداد لها قبل فترة طويلة نسبيا من موعد الانتخابات، ويمكن الإشارة إلى بعض القضايا المهمة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، وتتمثل في: أولا: قضية الخصوصية: حيث تنطوى الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام على بعض جوانب الخصوصية وهى انسحاب الرئيس الأمريكى الحالى بايدن من السباق الانتخابى وهى ظاهرة غير مألوفة فى النظام الأمريكى، حيث يقوم الرئيس المنتهية ولايته اذا كان فى الفترة الرئاسية الأولى بخوض الانتخابات أمام مرشح الحزب المنافس لتولى فترة رئاسية ثانية يتيحها الدستور الأمريكى للرئيس، وبالنسبة للرئيس بايدن فقد كان ينظر إليه باعتباره مرشح الحزب الديمقراطى ضد السيد ترامب مرشح الحزب الجمهورى وشارك فى المناظرة الانتخابية الأولى ثم أعلن لاحقا عدم ترشحه فى ظاهرة غير مسبوقة فى تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فمن المتصور أن يهزم الرئيس الأمريكى فى الانتخابات الخاصة بالحصول على مدة رئاسية ثانية وهى حالات نادرة وغالبا ما ترتبط ببعض الأحداث والتطورات المفاجئة خصوصا فى المجال الخارجى، كما حدث على سبيل المثال فى هزيمة الرئيس كارتر عام 1980 عندما فشلت محاولة أمريكية لتحرير الرهائن الأمريكيين المحتجزين فى السفارة الأمريكية بطهران وهو ما انعكس سلبيا على الحملة الرئاسية للرئيس كارتر ولم يتمكن من الفوز بفترة رئاسية ثانية، وتأسيسا على ذلك يمكن القول بأنه من المتصور هزيمة الرئيس الأمريكى إذا كان مرشحا لفترة رئاسية ثانية رغم كونها حالات قليلة، ولكن الأمر غير مسبوق أن يعلن الرئيس الأمريكى انسحابه من الترشح لفترة رئاسية ثانية، ويفسر انسحاب الرئيس بايدن ببعض الأسباب أهمها أن أداءه فى المناظرة الانتخابية الأولى مع السيد ترامب لم يكن موفقا، اضافة إلى عامل السن حيث يعتبر من أكبر الرؤساء الأمريكيين سنا، كما أن حالته الصحية والذهنية ربما لم تكن فى أفضل الأحوال، وانخفاض الدعم الذى تلقته حملته الانتخابية من الأموال من المتبرعين كمحاولة للضغط على الرئيس بايدن، ولعل من مظاهر الخصوصية أيضا فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عودة مرشح رئاسى كان يتولى منصب الرئيس للترشح بعد فترة انقطاع قدرها أربعة أعوام. ثانيا: القضايا الداخلية/ وتتنوع القضايا الداخلية بين اقتصادية واجتماعية، حيث يهتم المواطن فى أى نظام سياسى بالجوانب والقضايا الاقتصادية لأنها تنعكس بشكل مباشر على حياته اليومية ومستواه المعيشى وبالتالى يهتم بالسياسات والبرامج الاقتصادية لكل مرشح ومدى الفائدة المتوقع أن تتحقق له من هذه السياسات، فالناخب الأمريكى يوجه درجة كبيرة من الاهتمام إلى قضايا النمو الاقتصادى وتوفير فرص العمالة ومواجهة البطالة، وكيفية التعامل مع المهاجرين لما يمثله ذلك من منافسة للمواطن الأمريكى فى سوق العمالة خصوصا أن المهاجرين يقبلون بمستوى أدنى من الأجور، وبطبيعة الحال فإن ذلك ينعكس بالضرورة على التصويت الانتخابى، وقد يكون للمرشح الجمهورى السيد ترامب ميزة نسبية فى هذا الإطار نظرا لبرامجه وسياساته الاقتصادية خلال فترته الرئاسية والتى وضع فيها قيودا على عملية الهجرة خصوصا من المكسيك، اضافة إلى التخفيضات الضريبية على الأفراد والشركات والتى كان لها تأثيرها على الناخب الأمريكى، وقد يتجه ترامب فى المناظرة الانتخابية القادمة فى أوائل سبتمبر 2024 إلى مزيد من التوضيح لسياساته الاقتصادية التى ينوى اتباعها بهدف اجتذاب مزيد من أصوات الناخبين، كما توجد أيضا بعض القضايا الداخلية التى تنطوى عليها الحملات الانتخابية لمرشحى الرئاسة الأمريكية والتى تؤثر سلبيا أو ايجابيا على الأصوات التى يحصل عليها كل مرشح وتؤثر على احتمالات فوزه مثل قضايا الصحة والتعليم والإجهاض والديمقراطية. ثالثا: القضايا الخارجية/ وهى قضايا مهمة ومتعددة وترتبط بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة وكيفية التعامل مع الأحداث والتداعيات الدولية وما تطرحه من آثار سياسية واقتصادية وأمنية، ولعل من أهم هذه القضايا الحرب التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضى وما طرحته من توترات شديدة فى الشرق الأوسط وتصاعد خطر انجراف أطراف أخرى فى الصراع اذا لم يتم احتواء الموقف فى غزة، حيث شهدت المنطقة ضربات متبادلة بين إيران وإسرائيل، وسلسلة اغتيالات قامت بها إسرائيل ضد قيادات فلسطينية وقيادات فى حزب الله، إضافة إلى التوترات فى منطقة البحر الأحمر وتأثيرها على الاقتصاد الدولى والتجارة العالمية وهو ما تأثرت به الولايات المتحدة بالتأكيد ويضاف إلى ذلك أيضا الحرب بالوكالة بين الولايات المتحدة و إيران، كما أن للمنافسة المحتدمة بين الصين والولايات المتحدة خصوصا من الناحية الاقتصادية والتجارية أهميتها وخطورتها. ويمكن القول إن كيفية التعامل مع هذه القضايا المختلفة سواء كانت داخلية أو خارجية والسياسات التى يطرحها كل مرشح بصددها ومدى اقتناع الناخب الأمريكى بهذه السياسات ستؤثر إلى حد كبير على تحديد الفائز فى الانتخابات الأمريكية المقبلة.

> أستاذ العلوم السياسية

بجامعة القاهرة


لمزيد من مقالات د. إكرام بدرالدين

رابط دائم: