رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

الرياضة أمن قومى

أدركت الدولة المصرية منذ ثورة 23 يوليو 1952، أهمية رعاية النشء، من منطلق إدراكها الدور الذى يلعبه الشباب، بوصفه «حجر الزاوية» فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لكن بعد ثورة 30 يونيو 2013، تعاظم اهتمام الدولة بهذا الشأن فى ظل الآمال المعقودة على إعادة بناء شخصية الإنسان المصري؛ من منطلق كونها أداة ووسيلة التنمية وغايتها، إضافة إلى ما تمثله الرياضة من أهمية على المستويين السياسى والاقتصادى.

ويؤدى «الاستثمار الرياضى» دورا لا غنى عنه فى الجانب الاقتصادى عن طريق زيادة القدرة الاستثمارية للأندية والمشروعات الرياضية؛ للمحافظة على قيمة الأصول الحقيقية، وضمان السيولة، وهو استثمار متنوع ما بين البنية التحتية، والطرق، والإنشاءات، والمرافق، وتنظيم الأحداث الرياضية.

وتقول الإحصائيات إن مصر استضافت ما يزيد على 400 فاعلية ومناسبة رياضية إقليمية ودولية فى الفترة بين عامى 2016 و2023، وبدأت منذ عام 2017 فى تشييد مدينة مصر الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهى بمثابة مجمع رياضى عالمى يقع على مساحة أكبر من 3 كيلو مترات مربعة، وتتضمن أكثر من 20 منشأة رياضية ما بين ملاعب وصالات مغطاة وحمامات سباحة، وفنادق، إضافة إلى إقامة شبكة طرق ومحاور وكبارى وأنفاق وأنظمة نقل ذكي، وهى نقلة حضارية وسريعة، تتفوق بها مصر على أكبر المنشآت الرياضية فى العالم، وتتيح لها القدرة على التعامل مع واحدة من الأزمات التى حرمتنا من استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم؛ عندما قرر الاتحاد الدولى «فيفا»، إسنادها إلى القارة الإفريقية فى نسخة 2010، وتلقينا الصدمة فى عام 2004 بالحصول على «صفر» من أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية لـ«فيفا» البالغ عددهم 24 عضوا، وهو ما اضطر وقتها، وزير الشباب، تحت الضغوط الجماهيرية إلى إحالة المسئولين إلى تحقيقات رسمية.

وما أحدثته الدولة من طفرة فى المنشآت الرياضية، والذى يكتمل فى السنوات المقبلة، يفتح باب «الأمل الكبير» فى أن تكون مصر أول دولة عربية وإفريقية تستضيف دورة أوليمبية، بعد أن حازت قطر وجنوب إفريقيا شرف استضافة كأس العالم لكرة القدم، وهو أمر قد يكون حقيقة واقعة فى دورة 2036، وهو لو حدث يحقق نقلة اقتصادية، من الرعاة، وحقوق البث التليفزيوني، وبيع التذاكر، وتتضمن العوائد الاقتصادية ربحا ماديا وترويجيا، وزيادة فى النمو، إضافة إلى خلق فرص عمل، وتنشيط السياحة، إذ تقول الدراسات إن دورة الألعاب الأوليمبية باريس 2024، قد تحقق دفعة اقتصادية بقيمة تتجاوز 11 مليار يورو، فى إطار المكاسب طويلة الأجل.


ومنذ انطلاق الألعاب الأوليمبية لأول مرة فى 1896 فى أثينا اليونانية، ظلت بين أوروبا وأمريكا الشمالية 12 دورة متتالية، ثم خرجت إلى أستراليا فى ملبورن 1956، وأقيمت فى آسيا عدة مرات بداية من طوكيو 1964 باليابان، واستضافتها أمريكا الجنوبية فى ريو دى جانيرو، وبقيت إفريقيا- بسبب القدرة المالية والتنظيمية- بعيدة عن دائرة شرف الاستضافة، رغم محاولات استمرت حوالى 100 عام، منها الطلب المصرى فى 1916، و1936، والطلب الجنوب إفريقى 2004، إضافة إلى وأد فكرة مصرية فى مهدها عام 2008.

وإذا كانت اللجنة الأوليمبية الدولية، لن تعلن عن المدينة الفائزة باستضافة دورة 2036، قبل عام 2027، فإن الفرصة مواتية لاستكمال المنشآت العملاقة فى العاصمة الإدارية الجديدة، والتى أشاد بها رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية توماس باخ، وقال إنها تسير على الطريق الصحيح، وأعطى الأمل، عندما قال إنه يرغب دوما فى أن يرى الأوليمبياد فى مدينة إفريقية، وتبدأ البشائر باستضافة السنغال لأوليمبياد الشباب 2026، بعد أن نظمت جنوب إفريقيا كأس العالم لكرة القدم 2010، ويشارك المغرب فى استضافة مونديال 2030 مع إسبانيا والبرتغال.

والملف الرياضى حاضر دائما أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إطار الجمهورية الجديدة، حيث يعتبرها من الأمن القومى، فكان الاهتمام بالبنية التحتية والمنشآت الرياضية الحديثة، فى العاصمة الإدارية وغيرها، ما بين إنشاءات جديدة وتحديث وتطوير، إضافة إلى الاهتمام بالشأن الرياضي، وإعداد أبطال أوليمبيين، وتكريمهم عند الإنجاز، والشد على أيديهم قبل كل المناسبات الرياضية القارية والإقليمية والدولية، ووصل اهتمام الرئيس بالقطاع الرياضى إلى تدخله بالقرارات التى تعالج الخلل، وتوقف السلبيات، وتعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، فكان القرار الرئاسى بإحالة ملف وفاة أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت الذى فارق الحياة الشهر الماضى إلى النيابة العامة، بعد تحقيقات أجرتها وزارة الشباب والرياضة، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لكشف أى تجاوزات؛ بما يضمن تحقيق العدالة، ومحاسبة من يثبت مخالفته للقانون، بل أمر الرئيس بالتنسيق بين الجهات المعنية لحوكمة الإجراءات الخاصة بسفر الرياضيين للخارج فى أثناء فترة التجنيد، وبما يضمن تسهيل الإجراءات ووضوحها؛ لتحقيق المساواة فى التعامل مع ذوى الشأن.

ولم تضع وزارة الشباب والرياضة، وبدأت على الفور فى تنفيذ توجيهات الرئيس السيسى، فتبنى وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحى المشروع القومى للمواهب والناشئين والبطل الأوليمبى، فى إطار خطة تشمل 11 لعبة، ورأينا من ثمار هذا المشروع أبطالا للقارة الإفريقية، وهو ما يعنى أن الخطط تسير بشكل متوازن وتدريجى، وليس من المنطقى أن نطلق حملات مغرضة على أبطالنا، حتى قبل أن يبدأوا المنافسات، فالبعثة فى باريس 2024 فيها أبطال يتم إعدادهم لدورات تالية بحكم أعمارهم، وما الموافقة على سفرهم إلى باريس إلا لاكتساب الخبرات، إضافة إلى تحقيق ميداليات فى الدورات الأخيرة، بعد سنوات طويلة من العودة بأيدٍ خالية، إضافة إلى أن المشاركة فى الأوليمبياد فى حد ذاتها شرف، وحق لكل لاعب تأهل، وحقق الرقم المطلوب.

وأرى أن عدد الميداليات، ليس المعيار الوحيد لتقييم أى بعثة مشاركة فى الأوليمبياد، وضخامة البعثة المصرية شيء طبيعي، فى ظل أننا أبطال القارة الإفريقية، ويجب أن يتوقف دعاة الفوضى عن جلد الذات، وتصفية الحسابات، فكل شيء تحت الدراسة والرقابة، وسيحاسب كل من أخطأ وتجاوز، وكل من قصّر فى الدور الذى تم إسناده إليه حتى تواصل الرياضة المصرية انطلاقتها على جميع الجبهات، وما يجعلنا مطمئنين أن الرئيس السيسى يتابع بنفسه كل ما يجرى على الأرض، ويعطى القطاع الرياضى أهمية كان يفتقدها فى سنوات طويلة، لم نحقق فيها شيئا، ولم نتقدم خطوة، فمصر على الطريق الصحيح رياضيا، تتلافى الخطأ وتحث الخطى صوب الهدف.

***

ما أحدثته الدولة من طفرة فى المنشآت الرياضية، والذى يكتمل فى السنوات المقبلة، يفتح باب «الأمل الكبير» فى أن تكون مصر أول دولة عربية وإفريقية تستضيف دورة أوليمبية

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب

رابط دائم: