تتشكل الحكومة الجديدة فى فترة مهمة من حيث التوقيت، ومن حيث التطورات المهمة التى شهدها الإقليم والعالم سواء من النواحى السياسية والاقتصادية أو الأمنية، إضافة إلى ما يتوقعه المواطن المصرى من هذه الحكومة فى مجالات مختلفة، إضافة بطبيعة الحال إلى قيام الحكومة بالعمل على تنفيذ التكليفات الرئاسية الموكلة إليها، ويعنى ذلك وجود العديد من المهام التى نتوقع قيام الحكومة الجديدة بتنفيذها فى المرحلة القادمة ويمكن فى هذا الإطار الإشارة إلى المهام الأساسية التالية:
الملف الاقتصادى والتنموى والذى يمكن النظر إليه باعتباره ملفا له الأولوية فى مهام الحكومة الجديدة بمعنى العمل على مواجهة التحديات الاقتصادية، وتحسين جودة الحياة للمواطن المصرى، فقد تأثر الاقتصاد العالمى ببعض القضايا والتطورات والأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والتى انعكست على دول العالم المختلفة ومنها مصر، حيث يمكن الإشارة إلى الأزمة الأوكرانية أو الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاسها على اقتصادات الدول المختلفة، والصراع وتهديد الملاحة فى البحر الأحمر، اضافة إلى التطورات الخطيرة التى تمر بها القضية الفلسطينية، فضلا عن تقلبات أسعار الصرف، وأسعار الطاقة، وزيادة تكلفة الشحن والتأمين وما ترتب على ذلك كله من زيادة معدلات التضخم، وارتفاع الأسعار، ولذلك فإن إحدى المهام الأساسية التى تواجه الحكومة الجديدة هى تخفيف الأعباء الاقتصادية التى تواجه المواطن المصرى وتحسين ظروفه المعيشية فى حياته اليومية، وبحيث يشعر المواطن المصرى بأن هناك عائدا ايجابيا لما تحمله من أعباء خلال عملية الإصلاح الاقتصادى وأن يشعر بثمار التنمية.
ويرتبط بذلك دور مهم للحكومة الجديدة فى مواجهة هذه الأعباء وتحسن الخدمات المقدمة للمواطن من الجهاز الإدارى للدولة وتقليل التعقيدات الإدارية، اضافة إلى زيادة الاهتمام بالمشروعات الإنتاجية والتى تعتمد على كثافة العمالة باعتبار أن العنصر البشرى هو الثروة الحقيقية لمصرولذلك يكون من مهام الحكومة الجديدة العمل على تنمية وتطوير العنصر البشرى وزيادة القدرات والكفاءات والتدريب والاهتمام بالسياسات الاجتماعية المحققة لذلك.
وتعتبر قضية التنمية ـ فى تقديرى من أبرز المهام أمام الحكومة الجديدة ومواجهة تحديات التنمية خصوصا تحدى الموارد اللازمة لتحقيق التنمية اضافة إلى تحدى الزمن أى الفترة الزمنية التى تتحقق فيها عملية التنمية ، وتقليص هذه الفترة إلى أدنى حد ممكن.
ويرتبط بعملية التنمية أيضا بناء الإنسان وزيادة وعيه، فالبشر هم أداة التنمية أى هم الذين يحققون التنمية ويقومون بتنفيذها، وأيضا البشر هم هدف التنمية، ويرتبط بذلك السياسات الإجتماعية ورفع مستوى الوعى لدى المواطن لمواجهة ذلك النمط المستحدث من الحروب وهو حروب الجيل الرابع والذى يسعى إلى أن تأتى الهزيمة من الداخل من خلال الشائعات المغرضة، والأخبار المغلوطة ويعتبر الوعى خط الدفاع الأول ضد هذا النمط من الحروب، وقد يحتاج الأمر إلى إيجاد هيئة أو جهة تقوم بالتنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة لتحقيق هذا الهدف وربما يكون من المفيد فى هذا الصدد إنشاء مجلس أعلى للتثقيف السياسي.
ويمكن أن يكون أيضا من مهام الحكومة الجديدة العمل تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى وبحيث تتحول إلى سياسات ملموسة يشعر بها المواطن، وأيضا تنشيط المشاركة السياسية، وتدعيم دور الأحزاب السياسية، ويرتبط بذلك العمل على اجراء انتخابات المحليات وتكوين المجالس المحلية والمتوقفة منذ فترة طويلة، ويضاف إلى ذلك أيضا تقوية وتدعيم دور الأحزاب كمؤسسات سياسية، وزيادة قدرتها من حيث الوزن، والتأثير وليس فقط من حيث الكم فعدد الأحزاب كبير يتجاوز مائة حزب ولكن الأغلبية الساحقة منها غير معروفة للمواطن المصرى، ولذلك قد يكون من المهام التى تعمل الحكومة على القيام بها العمل على زيادة دور وكفاءة الأحزاب داخل النظام السياسى وقد يتطلب ذلك دمج الأحزاب ذات البرامج والأيديولوجيات المتشابهة فى كيان واحد مما يزيد من قدرة الأحزاب، وتواجدها وتواصلها مع المواطنين، ويساعد على تقوية الأحزاب كمؤسسات سياسية وقدرتها على التواصل مع المواطنين والتعرف على مشاكلهم.
كما تواجه الحكومة أيضا مهمة الحفاظ على أمن الوطن، واستقراره فى ظل العديد من التحديات والتداعيات فى الإقليم والعالم، والعمل على تدعيم الدور المصرى المنفتح على الجميع فى السياسة الخارجية المصرية، والحفاظ على الأمن القومى المصرى، والعمل على تنشيط وتدعيم الدبلوماسية التنموية أى العمل على أن يكون للسياسة الخارجية انعكاسها الإيجابى والمؤثر على الاقتصاد والتنمية وتدعيم المشروعات الإنتاجية، وزيادة الصادرات.
ويمكن القول فى النهاية إن الحكومة الجديدة أمامها العديد من المهام المختلفة وعلى مستويات متعددة وينعكس نجاحها فى تنفيذ هذه المهام ايجابا على الوطن والمواطنين.
-
أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة
لمزيد من مقالات د. إكرام بدرالدين رابط دائم: