تظل العلاقة بين الناس والحكومة، علاقة تكامل، وليست علاقة تنافس، فالاثنان يركبان نفس المركب، ومن ثم المصلحة تحتم أن تكون المركب فى أفضل حال، وأن يكون ذلك هو الهدف الأسمى الذى يسعى الجميع لتحقيقه.
فمصر ليست الـ «عدة» آلاف من البشر، الذين يشترون فيلات الساحل التى يتجاوز أسعارها قدرات عدة ملايين من المصريين، وليست أيضا، البسطاء الذين يجاهدون لتحقيق أحلامهم و طموحات أبنائهم، من خلال التركيز على الحصول على مستوى تعليمى جيد، يسمح بالحصول على دخول مرتفعة تعين على تحقيق الآمال.
وليست مصر أيضا الفقراء، الذين يعانون لتوفير قوت يومهم أو نفقات حياتهم، وفى إطار ذلك قد نرى مشاهد تدمى القلوب، لساكنى القبور، ورغم قلتهم إلا أنهم جزء من هذا الوطن. كما أنها ليست أبناء الطبقة المتوسطة، التى تعتبر رمانة ميزان المجتمع، فهى التى تضبط الإيقاع بين طبقة ثرية للغاية، تملك كل شئ، الرفاهية فى أبهى صورها، وبين طبقة أقل تكافح على مدار اليوم لتدبير الاحتياجات.
ولكن مصر هى نسيج واحد تتلاحم فيه كل تلك الكتل من أكبرها لأصغرها، فعلى مدار التاريخ، كان النسيج مترابطا، فلكل طبقة اجتماعية أحلامها و آمالها، وهى تعى حجمها و قدراتها، ويعمل أبناء الطبقات الأقل ماديا على الوثوب لطبقة أعلى من خلال مسالك مشروعة، نفرد لها مقالا مقبلا إن شاء الله.
إذا تمكن أحد من تمييز من عمل على إخراج رغيف الخبز بمختلف ألوانه وأنواعه، أو إذا استطاع أحد تمييز من عمل على إخراج قميص ما، من لحظة أن كان قطنا، حتى صار منتجا نهائيا، وقتها يمكن فصل كتل النسيج الواحد عن بعضها.
وبناء عليه، يتضح أن الحكومة تقع عليها أعباء كثيرة، دورها أن تدير الشئون بشكل محترف، فى تلك الظروف العصيبة، لتتحسن الأحوال بالدرجة التى تنال رضا المواطن. والحقيقة أن رضا المواطن ليس بالأمر العسير، فعلى اختلاف الطبقات الاجتماعية واختلاف يسر الحال بينهم، سنجد أن أهم ما يتضرر منه الناس هو ارتفاع الأسعار، بدرجات تفوق قدرات عدد غير قليل من الناس، وبات من الضرورى وضع سبل العلاج وتنويعها، حتى يتيسر على المواطنين قضاء احتياجاتهم بدرجة من اليسر، باتوا يفتقدونها. لذلك فمعرفة لماذا ترتفع أسعار بعض المنتجات، مثل الدواجن، رغم دخول العلف من الجمارك منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، ودورة إنتاج الدواجن، فى حدود الشهرين، أضف لذلك أسعار بيض المائدة، وهو مرتبط تماما بمنظومة إنتاج الدواجن.هناك من خرج علينا بتفسير وجيه، ألا وأن موجة الحرارة كانت سببا فى نفوق عدد من الدواجن، وأنا أسال وماذا حدث قبل موجة الحرارة التى جاءت منذ أقل من أسبوعين، لماذا لم يشعر الناس بتحسن فى سعر الدواجن، ثم تعاود الارتفاع، إذا كان ارتفاع الحرارة سببا فى تقليل كمية المعروض؟ هذا نموذج واحد وهناك عدد غير محدود من النماذج، وهنا يطرح السؤال التالى نفسه، من يعرف الداء «أسباب ارتفاع الأسعار» ومن ثم، يعمل على علاجه، غير الحكومة؟ وأول طرق العلاج، هو كشف أسباب ارتفاع الأسعار، وعلى المواطن أن يتخذ قراراته، وفق أولوياته، حتى يدبر أمره فى إطار المتاح له من إمكانات.
إن أهم الأولويات هو توفير الطعام بتكلفة مقبولة، وبعد هذا الارتفاع الكبير للأسعار أحجم الناس عن الشراء، أملا فى تحسن الأسعار، ولم يحدث ذلك للأسف.
وتستطيع الحكومة تدبير منظومة يتم من خلالها توفير عدد من المنتجات الأساسية بسعر يكون فى متناول البسطاء، قد يكون وجودها كمنتج منافس، أمرا بات مطلوبا بشكل ملح، حتى تلبى طلبات و احتياجات الناس.
وفى سياق متصل، أقترح على الحكومة الجديدة، تطبيق بعض الآليات التى من شأنها تخفيف العبء عن المواطن، وفى ذات الحال تهيئة المجتمع لفكرة ترشيد الإنفاق.
يأتى على رأسها، إذا التزم المواطن بإحدى الشرائح الأقل فى كلفة الكهرباء، لمدة 11 شهرا، يتم دفع الشهر الـ 12 على نفقة الدولة. وهكذا الحال بالنسبة للغاز والمياه.
ثانيا، إذا التزم المواطن أصول المرور، ولم يرتكب مخالفة واحدة، طوال مدة الترخيص، يتم الاتفاق على تخفيض رسوم التجديد بنسبة أقترح ألا تقل عن 50%.
ثالثا، أن تكون رسوم استخراج بطاقة الرقم القومى لأول مرة بتخفيض كبير، يتم الاتفاق عليه، وأيضا يمتد الأمر لاستخراج شهادات الميلاد و ما شابه، المرة الأولى بتخفيض كبير فى الرسوم.
رابعا، الطالب الذى يحصل على درجة الامتياز فى أى عام دراسى، يعفى من الرسوم الدراسية العام الذى يليه، بالنسبة للمدارس الحكومية.
خامسا، طلاب الجامعات الحكومية، من يحصل منهم على درجة الامتياز فى عامه الدراسى يعفى من الرسوم للعام التالى، أو يأخذ تخفيضا قيما من الرسوم، وأضف له، الحصول على اشتراك مجانى من خطوط مترو الأنفاق على سبيل المثال.
الأفكار التى تخفف على المواطن ولن تكلف الدولة شيئا يذكر، كثيرة، ومن المؤكد أن الحكومة لن تبخل بدراسة المقترحات، التى من شأنها أولا التخفيف عن كاهل المواطن، ولكن ثانيا، وهو الأهم، أنها بتلك الكيفية تكسب ثقة المواطن و دعمه، وذلك مكسب لو تعلمون عظيم.
[email protected]لمزيد من مقالات عماد رحيم رابط دائم: