لم يزورنى القلق الذى انتاب البعض كثيرا، عندما صدرت التكليفات الرئاسية بإعادة تكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة واختيار فريق عمل جديد من الوزراء الأكفاء لتولى تنفيذ التكليفات الرئاسية الثمانية، التى حددها الرئيس السيسى للدكتور مدبولى فى التكليف الأخير، البعض كان يحلم ويأمل باختيار شخصية جديدة واسم جديد لتولى المنصب، وكانت حجة هذا الفريق ان الدكتور مدبولى تجاوزت حكومته قرابة الأعوام السبعة. وبالتالى بات الهدف البحث عن دماء جديدة وفريق جديد،وربما يكون قد فات هذا الفريق أن مجمل الثبات والنجاح الذى حققه الاخير ،فى استقرار عمل الحكومة وقيادة الملفات بحكمة واتزان المنوط بها حكومته، خاصة فى ظل تطورت بالغة الصعوبة عبر سيل من الأزمات الدولية والإقليمية لاحصر لها بدأت باكرا مع أزمة كورونا وما أدراك مافعله هذا الوباء الذى ضرب العالم وشل حركته، وكيف كان التعاطى الحكومى لحكومة مدبولى مع هذه الأزمة القاتلة، وكيفية التجاوز الآمن بأقل الخسائر، ثم كانت الآثار اللعينة للحرب الروسية- الأوكرانية، وماجرته من خسائر اقتصادية ومالية وتنموية وتكاليف باهظة على اقتصادات النمو وسلاسل التوريد لدول العالم خاصة فى منطقتنا. وأخيرا كانت الكارثة القاتلة التى أشعلها عصابة من القتلى والسفاحين الإسرائيليين فى غزة واستمرار عداد القتل والإبادة والتدمير على مدى ثمانية أشهر بفعل حرب الإبادة التى تشعلها حكومة النازيين الجدد فى تل أبيب، والتى كان لها الوجه الآخر من تدابير المؤامرات باتجاه الدولة والحدود الشمالية الشرقية عبر تصدير التهجير القسرى للفلسطينيين من غزة الى سيناء وكذلك تصفية القضية الفلسطينية برمتها ومن ثم تصدير الفتن والقلاقل باتجاه مصر، ناهيك عن خلق الأزمات والتوترات المصطنعة باتجاه الأمن القومى المصرى بفعل مكائد وغرائز الشر والأحقاد الإسرائيلية تجاه كل ماهو مصرى، وبالتالى كان أداء حكومة مدبولى صلدا طيلة تفاصيل هذه الحرب يتسم بالاتزان وتوفير موجبات الطمأنينة التى أوجدتها سلسلة مواقف الردع والخطوط الحمراء التى رسمها الرئيس السيسى باتجاه إسرائيل ولجم مغامرات حكومة نيتانياهو منذ اللحظة الأولى لأحداث حرب غزة اللعينة، فعطل قوة الأداء وشكيمة تأثير الفعل المصرى محركات المؤامرات والفوضى وسيناريوهات التشظى التى كانت تخطط لها حكومة التطرّف الصهيونية فى تل أبيب. لم يساورنى القلق أيضا من بقاء الدكتور مدبولى على رأس الحكومة، إن الإبقاء على شخص الرجل كان متعمدا لأسباب عدة أبرزها، أن الرجل خلق حالة من التناغم بين سياسات صانع القرار ورأس الدولة، وتماثل الحكومة فى التنفيذ الأمين والكامل والدقيق لمجمل تلك السياسات والتوجهات، فضلا عن حالة الارتياح التى خلقها مدبولى بالالتزام بحيثيات الدور ومعايير العلاقة مع مؤسسات وهيئات الدولة ،دون افتئات على ادوار بقية المؤسسات ألآخرى، أو تجاوز الأدوار خاصة أننا عانينا كثيرا تلك الأخطاء فى فترات التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة فى حكومات الجنزورى وعاطف عبيد، وخطايا البحث عن أدوار إضافية وتكريس سياسات السيطرة والاستحواذ، دون الالتزام بالاختصاصات الأصيلة لكل طرف فى هرم الدولة، فكانت النتائج يومها كارثية، وبالتالى فاستمرار د.مدبولى يمثل قيمة مضافة لاستمرار الأداء السلس وتوفير استحقاقات الانجاز الحكومى المطلوب، الذى يجب أن يطالع ويتجاوز سقف الطموحات للمواطنين والغالبية الكاسحة من الشعب، التى تراهن على مجمل أداء حكومى احترافى بعد تشكيل الحكومة الجديدة والتى ستؤدى اليمين وتخرج للنور بعد عيد الأضحى المبارك مباشرة وبالتالى هناك توقعات متفائلة أن تكون كل المدة التى استغرقها مدبولى فى فيض واسع من الوقت والمشاورات لاختيار أفضل العناصر للمناصب الوزارية، سينعكس بالإيجاب على دخول كفاءات بارزة خاصة فى تكتل المجموعة الاقتصادية حيث الرهان كبير على وجود عدد من الوزراء أصحاب الخبرة والتراكم المعرفى والأداء الاحترافى لهذا الملف فى المرحلة القادمة، باعتباره سيكون أبا الملفات فى الحكومة الجديدة، خاصة أن فرص النجاح أمام هذه الحكومة وفريق وزراء المجموعة الاقتصادية متوافر ومتاح،لأسباب عدة أبرزها أن كل القضايا المتعلقة بإشكالية البنية التحتية قد تم حلها بالكامل، حيث استطاعت الدولة والقيادة خلال عشر سنوات تأسيس اكبر شبكة إصلاحات فى مجال البنية التحتية، باتت أقرب الى حلم المعجزة، وفى وقت قياسى وبمعدلات أداء ضخم وإنجاز عملاق، كانت تحتاج فى الأعوام والأداء الطبيعى إلى خمسين عاما إضافة أن كل الإصلاحات وطيف واسع من التشريعات وتدشين المشروعات الخاصة بالاستثمار وجذب الطاقات العالمية للاستثمار والبناء للمشروعات العملاقة الدولية قائمة وموجودة ولاتحتاج إلا إلى توفير خريطة طريق للجذب وتحقيق الوثبات والعوائد التى يراهن عليها المصريون فى قادم الأيام على يد هذه الحكومة. مازال يلاحقنى التفاؤل أن الحكومة الجديدة للدكتور مدبولى ستكون مفاجأة فى اختيار الأشخاص والوزراء، وسيكون هناك جيل جديد من أعضاء هذه الحكومة سواء مجاميع فريق برنامج الأداء الاقتصادى والتنموى، أو الرهان على فريق الإنجاز الفريد والاستثنائى فى السياسات الداخلية والخارجية وعلاقات مصر بالإقليم والعالم، يمتلك الأدوات والخبرات والتراكم الاحترافى بالإضافة الى برنامج عمل جديد ،مختلف فى الاختصاص والتفاصيل والأداء، حيث لامناص أمام هذه الحكومة الجديدة المرتقبة فى ضوء رهانات كل المصريين على الانتظار والترقب، إلا تحقيق النجاحات والوثبات والقفزات المتلاحقة على طريق النجاح الشامل، وتطلع الغالبية من المصريين الى عصر جديد من الوفرة الاقتصادية والمالية، تتوازى مع سنوات الصبر والصعاب وتحمل التحديات لأجل الوصول إلى تلك اللحظة، بحكومة جديدة تتولى تحقيق كل الآمال والتطلعات المتلاحقة وتجعل السفر إلى المستقبل الرغد حلم المصريين.
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: