رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

بناء الإنسان من المهد إلى الرشد

نقطة البدء لإنشاء وعى مجتمعى حقيقى فعال وهادف، تأتى من التفكير الجاد فى بناء الإنسان، لأنه بدوره ينمى مداركه، حتى يعمل على إيجاد بيئة جيدة لتكوين محددات قيام مجتمع منتج ووثاب، نحو تحقيق ما يصبو إليه الجيل الحالى، متمنيا رؤيته فى الأبناء.

نشأنا جميعا على قراءة جملة، أرى أنها من أهم الحكم التى يمكن التعامل معها بروية وتعقل شديد، «التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر»، تلك الحكمة المهمة، تحدد أهم مرتكزات التعليم، وهى تنبهنا إلى أن التعليم فى الصغر ليس فقط حجر الأساس لأى منظومة تعليمية ناجحة، ولكنه يبين، أن ما تبنى عليه، هو ما ستحصده فى الختام.

على مدى عقود متكررة، شهد التعليم فى مراحله المختلفة، عددا من التجارب، كان الغرض منها الأخذ بركاب التقدم العلمى، حتى نتمكن من إنتاج جيل متميز علميا، يستطيع أن ينهض بمجتمعنا، ليضعه فى مرتبة تليق بتاريخ بلدنا، فهى نشأت، ثم بدأ التاريخ، وهى من صنعته، ومهدت إلى الحضارات، ولا خلاف أن مصر القديمة، تحمل من تراثها ومجدها ما يتم اكتشافه حتى اليوم، وكل يوم يحمل جديدا مبهرا، يؤكد عظمة المصرى القديم.

وحتى لا نستغرق كثيرا فى استعراض تاريخ التعليم، أجد من الأهمية الاستفادة من نظامنا الحالى الذى يحمل بين طياته مرتكزات صالحة لبناء إنسان متميز على عدد من الأصعدة المتباينة، على رأسها العلم والثقافة.

تباين أشكال التعليم فى مصر، تومئ بأن هناك فرصا متنوعة لكل المصريين لصناعة محتوى جيد، بحسب إمكانات المتعلم، لاسيما أننا نهمل أحد أهم أنواع التعليم، وهو الفنى أو الصناعى كما أفضل أن يطلق عليه، وأحيانا يتم النظر إليه بشكل لا يليق بقيمته ولا مكانته، رغم أن الغرب الذى نقتدى به، ونحرص على الوصول لتقدمه، يتعامل مع هذا النوع من التعليم بحرص واهتمام كبيرين، لأنه من أهم عناصر نهضة الصناعة.

لذلك أتمنى أن تتم الإشارة للتعليم الصناعى، وإلقاء الضوء عليه، وعلى ما يقدمه من فرص واعدة للأبناء، فرص تجعل من يتمسك بها ويتعامل معها بما تستحقه من قيمة، متميزا ماديا، واجتماعيا، حينئذ، سيصبح التعليم الصناعى مقصدا، وقد يكون الأول فى ترتيبات التوجهات الطلابية والأسرية.

عدد غير قليل من الصناعات المهمة فى مصر، أخذت على عاتقها تقديم المساعدات الداعمة لذلك النوع من التعليم، كما ألقت بثقلها على مكوناته، ومن ثم، ترسخ لدى طلاب تلك المراحل، أن هناك فرصة واعدة للعمل فور التخرج، ومما لاشك فيه، أن توافر فرص العمل، أهم الحوافز التى يمكن توفيرها للمتعلم.

من هنا يبدو إيجاد حالات من التناغم بين مكونات النظام التعليمى، كما التناغم بين مكونات اللحن الموسيقى الجيد، مما يؤدىإلى الاستمتاع به، أيضا لابد من أن يكون التناغم التعليمى، مؤاده الاستمتاع به، والوصول لتلك الحالة، يعنى تحقيق أقصى درجات النجاح فى الحصول على متعلم متميز نوعا وكما.

ومن ثم، يبدو التنسيق بين الأهداف المراد تحقيقها، والأدوات المتاحة، متكأ جيدا لتعظيم النتائج المرجوة، ولا يخفى على أحد أننا نملك أدوات جيدة جدا، منها بنية أساسية تعليمية مقبولة، من السهل تنميتها وتطويرها بقليل من الصبر وكثير من الجهد، كذلك لدينا عقول متوهجة، تملك من المهارات ما يتيح لها تقديم خدمات تعليمية رائعة، مع منهج تعليمى حافل بالتقنيات العصرية المتطورة، أضف لما سبق تطعيم المنظومة التعليمة بالحوافز الإيجابية الجاذبة، كالملاعب الرياضية، التى تمكن من ممارسة الرياضات المختلفة وفق آليات مدروسة، تنتج أبطالا فى مجالات مختلفة، وهنا نبرز أجواء للتنافس الشريف.

أيضا من الحوافز الإيجابية، إيجاد بيئة فنية مواتية لحضاراتنا المتفردة، أتذكر فى مدرستى الابتدائية و ما بعدها كانت هناك مادة للتربية الموسيقية، وكنا نمارس العزف على بعض الآلات، وكذلك كانت هناك حصص للرسم، وكانت تلك فرص جميلة لإظهار المواهب التى يتميز بها الطلاب، وكانت فرصة أيضا لتحتل مصر مكانة رائعة بين أشقائها من مجالات فنية كثيرة.

فنجوم الفن القدامى، والرعيل الأقدم، كانوا نجوم مسارح الجامعة، والأمثلة متعددة يأتى أبرزها النجوم عادل إمام، وسعيد صالح، وثلاثى أضواء المسرح ، وكثير غيرهم، صاروا علامات بارزة جدا فى عالم الفن العربى، وصنعوا تاريخا مبهرا، وكانوا أحد أهم أدوات القوة الناعمة لمصر.

من الضرورى التخطيط وفق ما نملك من أدوات ومهارات، لبناء فتى مصرى واع مدرك بشكل جيد لمتطلباته وأحلامه وتطلعاته، وما يستطيع الوصول إليه، منذ المهد، ثم تتزايد الجرعة التعليمية رويدا رويدا، حتى يصل لمرحلة الرشد، مرحلة يتمكن فيها من تحديد مصيره العلمى بشكل جيد، مرحلة اختيار مجال العمل، ثم مرحلة بناء الأسرة، وهى نواة المجتمع.

وإذا صلحت النواة، بكل تأكيد صلح المجتمع، وذلك يأخذنا إلى أن بناء الإنسان هو بناء المجتمع، وهو بكل تأكيد الهدف الأغلى والأسمى.

قادرون على البناء وفق سبل متقدمة، وعلينا أن نحسن اختيار أدوات البناء، كما علينا فى البداية، بناء وعى مجتمعى يؤسس لفكرة بناء الإنسان، وفق المحددات التى نطمح لها، حتى تتحول فكرة البناء من هدف للدولة إلى هدف يسعى المواطن والحكومة جنبا لجنب لتحقيقه.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: