رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

صفعة قضائية لإسرائيل

تسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو وزعيم حماس يحيى السنوار بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ناجمة عن هجوم حماس على إسرائيل فى أكتوبر والغزو اللاحق لغزة من قبل القوات الإسرائيلية. الاعتقالات تشمل يوآف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلى، وكذلك محمد دياب إبراهيم المصرى الشهير بـ محمد الضيف، قائد الجناح العسكرى لحماس وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحماس.

قادة حماس متهمون بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية… بما فى ذلك القتل واحتجاز الرهائن والتعذيب. أما الإسرائيليون فمتهمون بالتسبب فى الإبادة والمجاعة والحرمان من إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمدا.

وهذه قضية منفصلة عن تلك التى رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية التى تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية فى حربها على غزة. يقع مقر كلٍ من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية فى لاهاى، لكنهما يخدمان أغراضًا مختلفة.

ورغم أن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا عضوتين فى المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن حماس، كمجموعة فلسطينية، عضو فيها، وبالتالى فإن المحكمة الجنائية الدولية تتمتع بالولاية القضائية على الجهات الفاعلة فى غزة والأراضى الفلسطينية الأخرى.

إن الاتهامات الموجهة ضد إسرائيل لم تحدث من قبل، وهو السبب الذى جعل الضجة ضد المحكمة الجنائية الدولية من قبل أولئك الذين يدعمون إسرائيل تصم الآذان. وأعرب نيتانياهو عن سخطه، قائلاً إن «القرار الذى اتخذه المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بطلب إصدار أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل المنتخبين ديمقراطياً هو انتهاك أخلاقى ذو أبعاد تاريخية».

كما تم استخدام ورقة معاداة السامية من قبل المشرِّعين الإسرائيليين والأمريكيين، الذين سعوا إلى نزع الشرعية عن المحكمة الجنائية الدولية، معتبرين أن إسرائيل دولة ديمقراطية لا ينبغى اتهامها أبدًا بارتكاب مثل هذه الجرائم، منتقدين المحكمة الجنائية الدولية بوضع حماس على قدم المساواة مع حكومة منتخبة. ولا أرى عيباً فى هذا إذا كانت تلك الحكومة تستخدم وسائل مثل التجويع والإبادة الجماعية لتحقيق أهدافها العسكرية.

لنقف لحظة عند أقاويل أعضاء الكونجرس الأمريكى. قال عضو الكونجرس الأمريكى آندى بار إن «المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطة شرعية للتعدى على الحق السيادى لدولة ديمقراطية فى الدفاع عن نفسها ضد الإرهابيين. يجب على الولايات المتحدة أن تدافع عن حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس، وأن تفرض عقوبات فورية على مسئولى المحكمة الجنائية الدولية». للتذكرة تلقى بار أكثر من 250 ألف دولار من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل فى الولايات المتحدة.

اما إليز ستيفانيك وهى عضو آخر فى الكونجرس فقالت إن المحكمة الجنائية الدولية هى محكمة غير شرعية تعمل على مراوغة دولة مسالمة تحمى حقها فى الوجود... يجب على الكونجرس أن يقر مشروع القانون الخاص بى، وهو قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية الذى سيعاقب أعضاء المحكمة الجنائية الدولية الذين اتخذوا هذا القرار غير الديمقراطى الذى لا أساس له من الصحة. إذا كنت تتساءل فقد تلقت ستيفانيك ما يقرب من 600 ألف دولار من اللوبى المؤيد لإسرائيل.

أما السيناتور ليندسى جراهام فقال، فى حالة هياج، إن المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تذهب إلى الجحيم. وقد تلقى جراهام أكثر من مليون دولار من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل.

إن اتهام الجانبين يعيد ذكريات جائزة نوبل للسلام التى تقاسمها الرئيس المصرى السابق أنور السادات مع رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحيم بيجن فى السبعينيات. كانت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل نتيجة لمبادرة السادات ومساعيه، ولكن لأسباب غير معروفة للعالم، كان لا بد من ضم بيجن أيضاً للجائزة. ونحن نشهد ميلاً مماثلاً هنا فى التحرك لمساواة الجانبين، لكنها خطوة محسوبة من قبل المحكمة الجنائية الدولية لتوجيه اتهامات متساوية لكليهما.

وهى أيضًا خطوة مهمة، لأنها المرة الأولى التى يتم فيها إصدار مثل هذه الاتهامات ضد حليف للولايات المتحدة. وقال كريم خان المدعى العام: لا أحد فوق القانون، حتى وإن وبّخه أحد كبار القادة قائلا إن المحكمة الجنائية الدولية مبنية من أجل إفريقيا والبلطجية مثل بوتين.

إذا أصدرت المحكمة أوامر اعتقال، فعلى أى دولة عضو إلقاء القبض على المتهمين وتسليمهم إلى لاهاى. وبالتالى فإن نيتانياهو وجالانت سيجدان صعوبة بالغة فى السفر إلى الدول الأعضاء فى المحكمة الدولية.

من غير المرجح أن تغير الاتهامات الوضع الراهن. إن كلا الجانبين ملتزمان لمسارهما. نيتانياهو عازم على مواصلة الهجوم على غزة على الرغم من الضغوط الدولية، وحماس تحتفظ بالرهائن كمصدر وحيد للضغط على إسرائيل.

ولا يسعنا إلا أن نأمل فى تحقيق العدالة.


لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى

رابط دائم: