رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

الاعتراف بدولة فلسطين.. الدلالات والتوقعات

باعتراف سلوفينيا رسميا بدولة فلسطين، يوم الثلاثاء الماضى، يرتفع عدد الدول المعترفة بها إلى 148 من أصل 193 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة، ويعد ذلك تحولا تاريخيا فى الموقف الدولى الفعلى من القضية الفلسطينية خاصة بعدما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10 مايو الماضى قرارا بأحقية فلسطين فى العضوية الكاملة. ولهذا التغير فى الموقف الدولى دلالات وتوقعات تستحق الرصد والمتابعة.

تعتبر سلوفينيا رابع دولة أوروبية تعترف بدولة فلسطين خلال الأيام القليلة الماضية، بعد اعتراف إسبانيا والنرويج وأيرلندا بها، فى 28 مايو الماضى، ليرتفع عدد الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى المعترفة بفلسطين إلى 12 من أصل 27 دولة . وهو ما يعتبر ثغرة فى جدار الصد الأوروبى للحقوق الفلسطينية، علاوة على تفكك الموقف الأوروبى الداعم لإسرائيل، وتحوله الى المزيد من الاقتناع بضرورة حل الدولتين.

وقد رحبت مصر، والدول العربية بهذه الاعترافات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن اعتراف سلوفينيا بدولة فلسطين خطوة مهمة ومُقدرة لدعم حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة فى إقامة دولته المستقلة، وتعزيز الجهود الدولية الرامية لتنفيذ حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

وتأتى هذه الاعترافات فى سياق حرب الإبادة الجماعية التى تشنها إسرائيل على الفلسطينيين أمام سمع وبصر العالم.. ولكل ذلك دلالات وتأثيرات عديدة، من أبرزها:

أولا: إن اتساع دائرة الاعتراف بدولة فلسطين سوف يُعزز مطلبها للعضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، وتوسيع المشاركة فى المنظمات والهيئات الدولية ومن ثم يمنح فلسطين امتيازات وحقوقا إضافية تعزز مكانتها الدولية.

ثانيا: تغير الرؤية الأوروبية لحل الدولتين التى طالما تمسكت بآلية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين كسبيل وحيد لقيام دولة فلسطين، فمنذ التوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993 وما تلاه من قيام حكم ذاتى فلسطينى فى غزة وأريحا، ليشمل الضفة الغربية، لم يتمكن الفلسطينيون، من خلال المفاوضات، من الحصول على أى شكل من أشكال السيادة الحقيقية على أرضهم، وقد وصلت هذه المفاوضات إلى طريق مسدود. ومن ثم أصبح هناك اقتناع أوروبى وعالمى بحتمية قيام الدولتين بغض النظر عن التحكمات الإسرائيلية.

ثالثا : تآكل ملكية الولايات المتحدة لأوراق عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية. خاصة بعدما أدرك العالم تحول الطرف الأمريكى من وسيط فى المفاوضات بين الطرفين إلى شريك فى العدوان على فلسطين، من خلال دعم إسرائيل بالمال والسلاح وبالفيتو فى مجلس الامن.. ومن ثم فإن الفرصة مهيأة أمام دخول قوى دولية أخرى، فى مقدمتها الاتحاد الأوروبى وروسيا والصين للتأثير بفاعلية فى مجريات عملية السلام .

رابعا: تبلور رغبة قوية لدى المجتمع الدولى فى إنصاف الشعب الفلسطينى ونيل حقوقه المشروعة، على سبيل المثال أكد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، خلال الأيام القليلة الماضية، أن اتساع دائرة الدول التى اعترفت بدولة فلسطين، يشير إلى تنامى الموقف العالمى المؤيد للتوصل إلى حل مستعجل للقضية الفلسطينية، كشرط أساسى لتحقيق الاستقرار الطويل الأمد فى الشرق الأوسط.

خامسا: تعميق عزلة إسرائيل، وتعزيز التعاطف الدولى مع المأساة الإنسانية، التى يتكبدها سكان غزة جراء العدوان الصهيونى الغاشم وعمليات الإبادة الجماعية الممنهجة لسكان القطاع، مما كشف عن الوجه القبيح لإسرائيل، لتصبح دولة مارقة ومعزولة، خاصة بعد اكتشاف زيف الرواية للصراع. وفى ظل تزايد الاعترافات بدولة فلسطين سوف تتراجع تأثير السردية الإسرائيلية للصراع، وتتعزز الرواية العربية.

سادسا: يترتب على هذه الاعترافات إنشاء سفارات ومكاتب دبلوماسية كاملة لدولة فلسطين فى الدول التى اعترفت بها، مما يفضى إلى بناء علاقات وحضور قوى، وإن كان ذلك يظل فى نطاق السياسة الناعمة أكثر من كونه استخداما قانونيا. لكنه فى نهاية المطاف سيحدث ضغطا أخلاقيا ودبلوماسيا مؤثرا.

سابعا: تعزيز وضعية الأراضى الفلسطينية المُحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، لأن هذه الاعترافات مبنية على القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن فلسطين.

ثامنا: تحفز هذا الاعترافات بعض الدول الأخرى لتبنى نفس الموقف، حيث تعتزم دول مثل لوكسمبورج والبرتغال وبلجيكا الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى المستقبل القريب.. ومن ثم يمكن القول ببدء العد التنازلى لقيام دولة فلسطين بشرط توحيد الصف الفلسطينى.


لمزيد من مقالات د. محمد يونس

رابط دائم: