رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

وزارة جديدة وتحديات قديمة

شهدت مصر مؤخرا تقدم الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء باستقالته من منصبه وتكليفه من السيد الرئيس بتشكيل حكومة جديدة، مما يعنى الاستمرارية فى منصب رئاسة الوزراء مع إدخال تعديلات على مناصب وزارية يتم إعلانها عقب انتهاء التشكيل الوزارى الجديد، وقد استمر الدكتور مصطفى مدبولى فى منصب رئيس مجلس الوزراء قرابة ست سنوات بدأت فى عام 2018 حيث يعتبر ثالث رئيس مجلس وزراء فى عهد الرئيس السيسى، وذلك بعد وزارة المهندس إبراهيم محلب (2014-2015)، ووزارة د.شريف إسماعيل (2015-2018)، وشهدت السنوات التى تولى فيها الدكتور مدبولى عدة تغيرات وزارية سواء بالنسبة لأشخاص الوزراء، أو بالنسبة لمسميات الوزارات المختلفة، ويمكن اعتبار الوزارة التى تشكلت برئاسته فى عام 2022 من أكثر الوزارات اتساعا فى التغيرات الوزارية حيث شهدت تغيرا فى 13 حقيبة وزارية.

ويعكس استمرارية شخص رئيس مجلس الوزراء رغم ما يحدث من تغيرات فى الحقائب الوزارية، وأشخاص الوزراء أحد مؤشرات الاستقرار المؤسسى على مستوى الوزارة، وخصوصا أن الحكومة قد واجهت العديد من المصاعب والتحديات خلال هذه السنوات، سواء على المستوى الاقتصادى، أو على المستوى الأمنى، وعلى مستوى السياسة الخارجية والتحديات التى شهدها الإقليم والعالم التى انعكست بالضرورة على مصر، فقد شهدت هذه السنوات أزمة كورونا والتى طرحت آثارها السلبية الخطيرة على العالم ككل، وهو ما كان يفرض بالضرورة اتخاذ الترتيبات اللازمة لمواجهة هذه الأزمة الصحية التى اجتاحت العالم وطرحت آثارها الخطيرة على الاقتصاد، ومن هذه الأزمات أيضا الحرب فى أوكرانيا والتى أثرت على العالم ككل، وعلى مصر بالضرورة من الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية، كما كان للملفات الساخنة التى تشهدها عدة دول عربية، وخصوصا دول الجوار لمصر، تداعياتها المؤثرة والتى تطلبت اتخاذ اجراءات مهمة من جانب الحكومة لمواجهة آثارها، كما ظهرت أيضا خلال هذه السنوات تحديات أخرى متعددة مثل تحدى الإرهاب، والهجرة غير المشروعة، وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى مصر فرارا من الحروب والصراعات الداخلية التى تشهدها دولهم، كما طرحت تطورات القضية الفلسطينية والحروب الوحشية التى تشنها إسرائيل على الأشقاء الفلسطينيين آثارها أيضا على الأمن القومى المصرى، وعلى الاقتصاد، ولعل الخطورة أن هذه التحديات كانت متزامنة، أى تحدث معا وفى نفس الوقت، واستطاعت الحكومة أن تتعامل مع هذه الأزمات وما طرحته من تداعيات، ويلاحظ أن هذه الأزمات مازالت مستمرة وهو ما يتطلب تكثيف الجهود للمواجهة من الحكومة الجديدة إضافة إلى تنفيذ التكليفات الرئاسية التى تقوم بها الحكومة القادمة، والمتمثلة فى مواصلة ملف الإصلاح الاقتصادى ومواجهة التضخم، والحد من ارتفاع الأسعار وضبط الأسواق، واجتذاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وترسيخ مفاهيم المواطنة، والسلام المجتمعى، كما يمكن القول إن التحدى التنموى من أهم التحديات التى تواجه الحكومة الجديدة ويعبر عن تحد مزدوج يتمثل فى تحقيق التنمية فى حد ذاتها، إضافة إلى التحدى الذى يمثله عنصر الزمن أى الوقت أو الفترة الزمنية التى تتحقق فيها التنمية، وكانت الفترة الزمنية قصيرة كان ذلك أفضل.

ويمكن النظر أيضا إلى الإنسان وتطوير قدراته والاهتمام به من خلال السياسات الاجتماعية خصوصا سياسات التعليم، والصحة، والتدريب، وتنمية المهارات، والوعى باعتبارها من المهام الرئيسية الملقاة على عاتق الحكومة الجديدة، فالإنسان فى النهاية هو الهدف من عملية التنمية، وهو أداة تحقيق التنمية، بمعنى أن التنمية لن تتحقق تلقائيا، وانما تتحقق من خلال الإنسان الذى يملك القدرة والكفاءة، والتدريب، كما أن ثمار وعوائد التنمية تتساقط على الإنسان باعتباره الهدف من هذه العملية التنموية، ويعتبر الوعى وتنميته من القضايا والتحديات الرئيسية لمواجهة حروب الجيل الرابع التى لا تعتمد على المواجهة العسكرية المباشرة بين الجيوش النظامية، بل تعتمد على الأفكار المغلوطة، والشائعات المغرضة، ومحاولة إيقاع الفرقة بين فئات المجتمع وبعضهم البعض، وبينهم وبين مؤسسات الدولة والسعى إلى تحقيق التآكل الذاتى ،بحيث تأتى الهزيمة من الداخل، ولذلك فإن النجاح فى مواجهة هذا النمط من الحروب يتطلب تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة لتحقيق هذا الهدف، وقد يكون من أهم التحديات التى تواجه الحكومة الجديدة وهى أن يشعر المواطن بالتحسن فى معيشته اليومية، لأن ذلك هو ما يهم المواطن فى أى دولة، وتنجح هذه الحكومة الجديدة فى مواجهة هذه التحديات بقدر ما يتوافر لديها من استراتيجية متكاملة تعمل على تنفيذها وفقا لتوقيتات زمنية معينة، وبطابع مؤسسى أى لا يتأثر بما يحدث من تغيرات فى أشخاص الوزراء على سبيل المثال، بل تعمل الحكومة ككل فى إطار منظومة واحدة متجانسة وفى إطار من المكاشفة والمصارحة والشفافية لتحقيق طموحات وتوقعات المواطن المصرى.

-----------------------

 أستاذ العلوم السياسية


لمزيد من مقالات د. إكرام بدرالدين

رابط دائم: