رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

حكومة الجمهورية الجديدة

جاء تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسي، للدكتور مصطفى مدبولي، بتشكيل حكومة جديدة واضحا وشاملا ومحدداً، وقف على كل التفاصيل، وأجاب على كل الأسئلة فى هذه الفترة العصيبة من عمر إقليم الشرق الأوسط بأكمله، والذى يشهد تطورات سريعة متلاحقة، ويتطلب توخى أقصى درجات اليقظة والحذر فى شتى المناحي.

وأتت رؤية الرئيس السيسى جلية، تحمل أهدافا دقيقة وذات أهمية بالغة، عندما وجه فى تكليفه، بتشكيل وزارة من ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة؛ للحفاظ على محددات الأمن القومي، ووضع ملف بناء الإنسان على رأس قائمة الأولويات، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وتطوير ملفات الثقافة والوعى الوطني، والخطاب الدينى المعتدل، والاستمرار فى مسار الإصلاح الاقتصادي، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار، والتضخم، وضبط الأسواق.

باختصار، هى خارطة طريق، وخط سير مباشر؛ لإحداث تطوير حقيقى وشامل فى شتى القطاعات، ولكن هل هذا يعنى أن الحكومة التى تقوم الآن بتسيير الأعمال قصّرت فى المهمة التى أسندت إليها قبل 6 سنوات؟

الإجابة، بالتأكيد، بالنفي؛ فلم تقصر الحكومة التى أتمت دورها على أكمل وجه: أدت عملها بكل كفاءة وأمانة وإخلاص، امتصت صدمات كانت كفيلة بالقضاء على الأخضر واليابس، على رأسها تفشى فيروس كورونا «كوفيد ــ19»، والحرب الروسية- الأوكرانية، وحرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى على غزة، والتى أثرت تأثيرا مباشرا، وتركت أثرا سلبيا فى اقتصاديات العديد من الدول.

واستطاعت الحكومة، بتوجيهات رئاسية، قطع شوط كبير، وبمعدلات تنفيذ عالية فى مشروع «حياة كريمة»، وحققت نجاحات اقتصادية، برغم الظروف الصعبة، والتيارات غير المواتية خارجيا، وكللت كل ذلك بصفقة استثمارية تاريخية فى رأس الحكمة، تعد بداية انفراجة، كما تبنت برنامجا طموحا للإصلاح الاقتصادي، يضمن ضبط الإنفاق الحكومي، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وخفض العجز فى الموازنة العامة، وتطوير البنية التحتية للنقل والطرق، وإنشاء المشروعات الصناعية والزراعية.

وواجهت الحكومة تحديات جسيمة، فى مقدمتها الزيادة السكانية المطردة، ومع ذلك أنجزت مشروعات عملاقة فى زمن قياسي، مثل إنشاء 30 مدينة جديدة، على رأسها العاصمة الإدارية، بالإضافة إلى المحاولات الجادة لتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية العالمية.

وإذا كانت الحكومة السابقة أدت دورها دون انتقاص، وتعاملت مع الملف الاقتصادى بجرأة واحترافية، فإنه مع استمرار بعض الوزراء فى مناصبهم لفترة طويلة، وضرورة الدفع بدماء وأفكار جديدة، تظل الحاجة ملحة للتغيير؛ طلبا لنقلة نوعية فى المشوار الطويل، ويأتى فى المقدمة الملف الاقتصادي، وما يتطلبه من إحداث توازن فى رصيد الاحتياطى النقدي، وجذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل فاتورة الاستيراد، عن طريق المزيد من التطوير الصناعى والنهوض الزراعي، بما يحقق رؤية «مصر 2030».

التغيير أمر طبيعى تفرضه الحاجة إلى تطوير أداء بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية فى ظل الدخول إلى جمهورية جديدة، وأيضا لمواجهة التحديات المتلاحقة.


ويقدر الرئيس السيسي، ضرورة مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، واتخاذ كل الاحتياطات اللازمة للتعامل مع كل المخاطر التى تهدد المنطقة بأكملها؛ ما يتطلب حكومة متناغمة، ذات قدرات خاصة، تستطيع بالدرجة الأولى استكمال إنجازات الملف الاقتصادي، والسير بخطوات واسعة نحو الحماية الاجتماعية، وما يتم تقديمه للفئات الأكثر احتياجا، وصون الأمن الاقتصادى والمالى والغذائى بوصفه جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي.

وتحريك الأمور فى الحكومة إجراء ضروري؛ ليس فقط مع بداية دورة رئاسية جديدة، لكن أيضا من أجل السعى الحثيث نحو تحقيق الرؤية المصرية فى المشروعات الزراعية، والتصنيع الغذائي، وتحسين المدخلات السياحية، وتحقيق التعافى الشامل، وتخفيف الأعباء عن المواطنين الذين تحملوا فواتير الإصلاح الاقتصادى، من منطلق الإيمان الكامل بأن البلاد تتغير للأفضل، وتسير بخطى سريعة نحو قائمة الدول المتقدمة ذات القدرات العالية على ملاحقة التطورات المذهلة والتكنولوجيا المتقدمة.

ومن بين الوزراء من أدى دوره فى إطار المنظومة الشاملة، ولكن تتطلب الأمور فى موقعه التغيير لبث روح جديدة، وإنجاز دفعة قوية؛ لتحقيق أقصى درجات الاستفادة، ومنهم من تتطلب ملفات وزارته ومشروعاتها، أن يواصل المشاركة فى البناء والتنمية، وتحقيق الأهداف المرسومة من قبل القيادة السياسية، وتلك هى فلسفة التغيير فى هذه الفترة الصعبة من حياة الوطن.

ولعلى لا أبالغ، إذا قلت إن المشوار لا يزال طويلا، ويحتاج إلى المزيد من الوقت، والكثير من الصبر، كما أن الأجندة مزدحمة بالسطور التى تحمل المزيد من الإنجازات للوطن والمواطنين، وهو ما يبعث على ضرورة أن يظل التكاتف بالقوة نفسها، من أجل أن تستمر عجلة العمل والإنتاج والتطوير فى الدوران فى هذه الظروف المقيدة والمعطلة.

ومنذ أن كلفه الرئيس السيسى بتشكيل الحكومة الأولى فى يونيو 2018، وكان قبلها وزيرا للإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لم يدخر الدكتور مصطفى مدبولى جهدا؛ فى سبيل إحداث تطوير شامل ومتكامل فى كل أركان الدولة المصرية؛ بدعم ومساندة من القيادة السياسية، ولم تعجزه الهزات العنيفة التى رجت المنطقة، بل والعالم كله، واستمر يؤدى عمله وسط أمواج عالية، وحقق إنجازات كبيرة فى كل الملفات التى أسندها إليه الرئيس؛ ومن هنا كان القرار الحكيم بإعادة تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، تستكمل ما تم إنجازه، وتعالج كل أوجه القصور، وتساير كل المستجدات، وتستفيد بكل أبناء الوطن، من القادرين على الإبداع كل فى مجاله.

ومما لا شك فيه، أن تجديد الثقة فى الدكتور مدبولي، قرار رشيد، له أسبابه المنطقية وحكمته، كما أن الاستفادة بعناصر جديدة فى الحكومة ضرورة فى هذه المرحلة، وانتهاء خدمة البعض لا يقلل أبداً مما قدموه، وهنا لا بد من الإشارة إلى حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى الدائم على مصلحة البلاد، وعدم ترك الأمور للصدفة، وإصراره الكبير على تحدى كل الظروف من أجل جمهورية قوية، كما وجب توجيه الشكر لكل الذين انتهت أدوارهم فى السلطة التنفيذية، مع كل الدعم لكل من يتقدم لمسئولية جديدة، ومهمة مقدسة فى وطن يسعى لمكان لائق بين الأمم.

***

ولعلى لا أبالغ إذا قلت إن المشوار لا يزال طويلا، ويحتاج إلى المزيد من الوقت، والكثير من الصبر، كما أن الأجندة مزدحمة بالسطور التى تحمل المزيد من الإنجازات للوطن والمواطنين

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب

رابط دائم: