رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

ضوء فى نهاية نفق حرب غزة

لأول مرة منذ ثمانية أشهر على اندلاع حرب الإبادة الشاملة التى أقدمت عليها حكومة العنصريين الجدد فى تل أبيب على قطاع غزة، بات هناك اقتناع بأنه آن الأوان لوقف تلك الحرب الملعونة، خاصة بعد ارتفاع أرقام القتلى لنحو 46 ألف شهيد بينهم عشرة آلاف مفقود تحت الركام، وأكثر من ٣6 ألفا قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية فى سلسلة مذابح إجرامية، تتجاوز من حيث الوحشية والانتهاكات ما سطرته من حيث البشاعة الحرب العالمية الثانية، ناهيك عن ١٠٠ ألف من المصابين نصف أعدادهم يعانون إصابات جسيمة وعاهات هى والموت سيان تصاحبهم حتى نهايات حياتهم، ربما يكون بروز بداية الضوء فى نفق نهاية تلك الحرب، هو ما أعلنه الرئيس الأمريكى بايدن فى الأيام الماضية عن خطة إسرائيلية جديدة، لإنهاء القتال ووقف الحرب والبدء فى معاودة ماراثون المفاوضات المتعثرة والمتوقفة منذ آخر جولة فى القاهرة بداية مايو الماضى، وربما تكون هناك بعض الآمال التى يمكن التعاطى معها بشأن فرص نجاح هذه الجولة القادمة، خاصة ان ردود أفعال الجانبين إسرائيل وحماس على طرح الرئيس بايدن، بها بعض الإيجابية التى يمكن البناء عليها.

وبشكل مباشر وصريح أقول إن هناك أسبابا عديدة ربما تلعب دورا ضاغطا من اجل إنجاح مفاوضات التهدئة القادمة، خاصة ان ما طرحته إسرائيل من خطة، وأعلن عنها وقدمها بايدن هى نفس الخطة والمقاربة التى قدمها الجانب المصرى طيلة الأشهر الثلاثة منذ مفاوضات شهر رمضان هنا فى القاهرة، مع بعض التباين الطفيف فى المصطلحات اللغوية عند الصياغة التى أدخلتها تل أبيب برعاية أمريكية، حيث المراحل الثلاث طبقا للطرح المصرى هو نفسه ما تتضمنه خطة إسرائيل المعدلة، وبالتالى الأساس متوافر للبناء عليه ووضع الآلية التنفيذية لترجمة ودخول خطط المراحل الثلاث حيّز التنفيذ بآلية يتفق عليها الجميع عبر ضمانات خطية إسرائيلية هذه المرة، تلزم تل أبيب بالتنفيذ الكامل بدلا من سياسة التهرب والتنصل التى كان يتبعها نيتانياهو فى آخر لحظة بشأن كل توافق يتم التوصل له فى مفاوضات القاهرة، والإيعاز لوفده بعدم الالتزام بأى استحقاقات، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار ان العودة للمفاوضات لن تبدأ من نقطة الصفر، لسبب جوهرى وهو ان هناك حلولا وتوافقات على العديد من القضايا كان قد تم التوصل إليها فى مفاوضات القاهرة والدوحة طيلة الأشهر الستة الماضية، منذ تاريخ هدنة الأسبوع فى نهاية نوفمبر الماضى ونجحت يومها القاهرة فى تبادل سجناء وأسرى بين إسرائيل وحماس، وبالتالى إذا حدث الضغط الأمريكى والقبول الإسرائيلى هذه المرة، وفى ضوء ما قبلت به حماس مما جاء فى خطاب بايدن الأخير وحديثها عن النظر بايجابية، واستعدادها للتعامل بشكل إيجابى مع أى مقترح يؤدى لوقف إطلاق النار، هذا من ناحية، أما الجانب الآخر لتزايد فرص النجاح والتفاؤل النسبى، ان حكومة الحرب فى تل أبيب قد وصلت لنهايات حربها فى غزة، وأصبح هناك اقتناع لدى زعيم القتلة فى تل أبيب نيتانياهو انه لن يستطيع تحقيق أهداف حربه فى غزة، بعد كل ما فعله من نسف وإبادة للحجر والبشر، سواء ما يتعلق بعودة الأسرى والمحتجزين لدى حماس، بجانب اضطرابات الأوضاع الداخلية فى إسرائيل وحالة العزلة الدولية التى تعيشها إسرائيل، وتزايد خسائرها على المستوى الدولى، والملاحقات الجنائية الدولية لشخصه ووزير دفاعه، ناهيك عن قرارات محكمة العدل الدولية بالإدانات الكاملة والكاشفة والفاضحة لإسرائيل، إضافة لمواقف دول العالم الرافضة والمستاءة من تصرفات النازيين الجدد فى تل أبيب، مما أدى بالبعض منها لقطع العلاقات مع إسرائيل، واعتراف البعض الآخر خاصة فى الاتحاد الأوروبى بالدولة الفلسطينية، رغم أنف إسرائيل ونيتانياهو وضغوط الولايات المتحدة.

إضافة لكل هذه الاعتبارات هناك أسباب جوهرية أخرى، تتعلق ببنية العلاقات المصرية - الإسرائيلية، التى شكلت عنصرا ضاغطا فى تاريخ هذه العلاقات، حيث لأول مرة منذ اتفاق كامب ديفيد عام ١٩٧٩، تشهد تلك العلاقات حالة من التوتر الشديد، بسبب مجمل المواقف المصرية الرادعة لسياسات إسرائيل برفض التهجير أو تصفية القضية، ورفض تهديد الأمن الإقليمى لشعوب ودوّل الإقليم من قبل تل أبيب ومغامرات نيتانياهو، حيث مجمل الرسائل المصرية خلال الشهور الماضية لعب دورا بارزا فى منع نيتانياهو من تجاوز الخطوط الحمراء التى رسمتها مصر، وآخرها عدم القبول والتعاطى مع اى تمركز عسكرى إسرائيلى فى معبر رفح من الجانب الفلسطينى، وهو ما دفع الرئيس بايدن للطلب من القاهرة باستضافة مفاوضات ثلاثية مصرية - أمريكية - إسرائيلية، هذا الأسبوع لبحث ترتيبات طلبتها مصر لإعادة تشغيل معبر رفح، وضرورة انسحاب قوات الاحتلال من المعبر، والقبول بكل الاقتراحات المصرية وقواعد التفاوض التى قدمتها القاهرة، لضمان إنهاء الحرب ووقف القتال والانسحاب الإسرائيلى عبر «خريطة طريق» وضعتها مصر منذ مؤتمر القاهرة للسلام فى أكتوبر الماضى، وبالتالى فى ضوء كل هذه المعطيات هناك فرصة للحل وإنهاء الحرب، وتنفيذ الهدنة بمراحلها الثلاث بشرط الالتزام الإسرائيلى الكامل والأمين، بكل ما سيتم التوصل إليه لاحقا هنا فى القاهرة من اتفاقيات، عندها فقط يمكن ان نرى بيقين بداية الضوء فى نهاية نفق حرب غزة.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: