رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

رهانات نيتانياهو.. تبدو خاسرة

منذ طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر الماضى، بدأت منطقة الشرق الأوسط تدخل منعطفا مختلفا تماما عن ماضيها بالكامل، كانت الأوضاع تسير مع رغبة إسرائيل، وتتجه النوايا للاستمرار فى التطبيع وفق رؤى واشتراطات ترتضيها الأطراف، فى سياقات معلنة، وكان نيتانياهو يراهن على قوة إسرائيل الطاغية.

حتى حانت لحظة الطوفان، وتغيرت المعالم وأيضا المفاهيم، فلم تعد إسرائيل هى واحة الديمقراطية فى المنطقة، كما سوقت لنفسها عبر عقود متوالية، وتحولت النظرة إليها بشكل تام، لتصبح دولة احتلال وإبادة، ويتم الترتيب، لوضع رئيس وزرائها على قوائم مجرمى الحرب.

بعد 7 أشهر من ارتكاب إسرائيل كل جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطينى، منها ما شاهدناه من خلال التغطيات الإعلامية المباشرة، ومنها ما اكتشفناه قريبا «المقابر الجماعية» لأعداد كبيرة جدا من الفلسطينيين، من أطفال ونساء وشيوخ، وهى جريمة زلزلت مشاعر الإنسانية، جعلت شبابا فى أعمار الزهور، تخرج عن صمتها، وتعلن بوضوح تام رفضها كل المجازر الإسرائيلية البشعة بحق الشعب الفلسطينى البرىء، بل وتطالب بوضع حد حاسم وسريع لتلك الجرائم، وهو تصرف لم يكن فى الحسبان على الإطلاق خاصة بالنسبة للولايات المتحدة، التى تحرك آلاف من طلاب العشرات من جامعاتها، فى موقف أرخى بظلال متعددة.

يبدو أهمها، ظهور جيل جديد من الشباب، ليس فقط فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن فى عشرات الدول الأوروبية، جيل يدعم الحق فى الحياة الطبيعية، يدعم المساواة بين الناس، جيل يبغض الوحشية، جيل يبنى وعيه على عقلية منفتحة على العالم بكل أطيافه. جيل لم ينجح الإعلام الغربى بكل ما يملك من إمكانات ضخمة، لا ينافسه فيها أحد، فى صناعة وعى الشباب صوب تأييد إسرائيل بشكل مطلق، وتحولت نظرات هؤلاء الشباب لإسرائيل، لنظرات غضب، ولعل الأبرز ما حدث فى معهد ماساتشوستس، أحد أهم المعاهد فى العالم، وليس فى الولايات المتحدة فقط.

عل اللافت فى الأمر هو أن ولاية ماساتشوستس أحد أهم معاقل اليهود فى الولايات المتحدة، ومعروف أن إسرائيل تدعم ذلك المعهد بأشكال مختلفة علمية ومالية أيضا، ومع ذلك اعتصم عدد غفير من طلابه، اعتراضا على ما سموه حرب إبادة غزة، وذلك دليل حى على نشوء وعى جديد للشباب، سنرى تأثيراته و تفاعلاته قريبا.

قد لا تنقل وسائل الإعلام الأمريكية، التى تتشدق بالمهنية والحرفية الصورة الحقيقية لحجم الغضب الصادر عن شباب الجامعات الأمريكية، لتثبت أنها أسيرة لتوجهات ملاكها فقط!

لكن وسائل التواصل المختلفة حافلة بتفاصيل كاشفة عن حجم الغضب، منها أن الاعتصامات تحتوى شبابا يهودى الديانة، ليس ذلك فقط، ولكن الأمر ما زال مستمرا، وبات هناك رأى عام لدى هؤلاء الشباب، يستنكرون فيه موقف الإدارة الأمريكية منهم أولا، وهو ما ظهر عند اعتقال المئات منهم، ومن الدعم الأعمى لإسرائيل، وهو ما جعلها تنتهك كل قيم الإنسانية، وترتكب كل المجازر بدم بارد. أما على المستوى الدولى، قد يكون التصويت بأغلبية 143 عضوا فى الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعم طلب فلسطين الحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، ورغم أن هذا التقرير لا يغير وضعها من دولة غير عضو لها صفة المراقب بالأمم المتحدة، ولكن يؤهلها لعضوية المنظمة، بعد توصية مجلس الأمن الذى تقف أمامه الولايات المتحدة باستخدامها حق الفيتو إبان محاولة الجزائر التصويت على ذلك سابقا. ولكن المغزى هنا مختلف، وهو وجود دعم دولى غير مسبوق لفلسطين.

ودعم شعبى، تكشفه أعداد المظاهرات الكبيرة التى تخرج مناهضة للعدوان الوحشى على غزة، ليس ذلك فقط، ولكن الأمر تعدى تلك الزاوية، لزوايا أكثر تعقيدا، فالمقاطعة الشعبية لعدد من الشركات الداعمة لإسرائيل باتت مؤرقة لتلك الشركات، وباتت هناك ضغوط كبيرة على الكيان الإسرائيلى حتى تتوقف الخسائر، التى أضرت باقتصاديات كبيرة بشكل واضح، وموجع.

ومع تلك الضغوط الدولية الكبيرة على إسرائيل، لتتوقف آلة حربها الوحشية ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، يدخل نيتانياهو رفح، فى صلف وتحد، لكل الضغوط التى مورست عليه، سواء من أهل الأسرى، لأن استمرار العدوان يؤدى بالتبعية لقتلهم، ومحاولة تسويق أن حماس تقتلهم، محاولات فاشلة، فالأسرى هم الورقة الرابحة لحماس، لذلك فهى أشد حرصا من الجيش الإسرائيلى على حياتهم.

وبالتالى فما تفقده حماس من أسرى، بات العالم على يقين بأن إسرائيل هى السبب، ومن ثم، فما المتوقع من دخول رفح؟

قتل عدد أكبر من الأسرى .. وارد جدا.

القبض على أىً من أفراد حماس، أمر ضعيف، لأن مع كل ترحيل عدد من الموجودين برفح، ينزح معهم عدد من أفراد حماس، وهو ما يؤدى إلى صعوبة القبض على أفراد حماس، حتى لو وصل الأمر لقتل كل الأسرى.

المحصلة، استمرار آلة الحرب الإسرائيلية فى القتل الممنهج للعزل من الفلسطينيين، ليحقق نيتانياهو انتصارات داخلية غير مجدية، لن تنجيه من عواقب سياسية مؤلمة له و لمؤيديه. بل ستنقلب عليه آجلا أم عاجلا، كل الشواهد تؤسس لذلك.

أما ما ستجنيه إسرائيل من خسائر، فمقدماتها واضحة للعيان، وهى ليست فقط سياسية، ولكنها بنت لنفسها صورة ذهنية هى الأسوأ منذ نشأتها، تغيرها سيحتم عليها تقديم تنازلات ضخمة.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: