رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

عادات سيئة .. تستوجب الانتباه قبل انتشارها

ما أشاهده، ويتكرر بشكل مزعج فى الآونة الأخيرة ــ بشأن وجود الفتيان مع الفتيات فى تجمعات كبيرة، لأوقات متأخرة، وهم يدخنون أنواع السجائر العادية والإلكترونية، وغيرها من الأشياء التى لم يعتد نظرى مشاهدتها على الإطلاق ــ بمثابة جرس إنذار لابد من الانتباه له والتعامل بحسم معه.

أول تلك المشاهد كان منذ فترة طويلة تكاد تكون قبل انتشار فيروس كورونا، وكنت أسير بسيارتى فى منطقة المعادى، وفى إحدى بقاعها الهادئة، لفت انتباهى الكامل منظر مستفز، لعدد من الفتيان، بنين وبنات، نصف أجسادهم على مقدمة سيارة، والنصف الآخر يمتد للأرض، ويدخنون سجائر، شككت لبرهة أنها مخدرات، ويقف حولهم مثلهم وأكثر من الجنسين. الجلسة كانت غريبة، وكأنهم يعيشون فى عالم آخر.

قررت أن أعود لنفس المكان مرة أخرى، فقد كنت أشعر بأن هناك شيئا غريبا يحدث، فوجدت العدد يزداد، كما وجدت أن بعضهم يتراقص على أصوات موسيقى صاخبة تصدر من داخل إحدى السيارات، وكانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل، وكنا فى منتصف شهر يناير عام 2019.

بعد ذلك الوقت ببضعة أشهر، كنت أستعد لركوب مترو الأنفاق، فإذا بشاب يعنف فتاة، ويقول لها هذا ما عندى، وبعدها تركها وصعد للمترو وأنا معه، ثم حدث أحد أصدقائه، وحكى له أن فتاته «حامل»، ولا يدرى ما يفعل، وأنه قرر تركها، لتواجه مصيرها وحدها!!

وفى يوم تال، وأنا أركب المترو، لاحظت وجود تجمع من الشباب، بنين وبنات، كان من الواضح أنهم طلبة جامعيون، ولكن كان هناك ثنائى مختلف، يجلس بمفرده، وفجأة قررت الفتاة أن تضع رأسها على كتف الفتى، وبعدها وضع الشاب يده حول عنقها، ليؤكد مدى اهتمامه بها أمام الجميع. وقتها سألته ما علاقته بها، فكان رده فجا، «أنت مالك» وحاول أن يكون مترابط الجأش، وقتها تخيلت والد الفتاة، وهو منتظر عودتها وهو مطمئن أنها لا تفعل الخطأ ولا تسمح لأى شخص بأن يسىء إليها وإليه، وترأفت بحال الرجل «والد الفتاة» وقلت للشاب وضعك غير مقبول لى، ولو ترغب ممكن نقف فى أى محطة مقبلة ، ونعمل «محضر» ، ليتم إبلاغ والد الفتاة بمضمونه، وله حرية التصرف معها. فى تلك اللحظة انتبهت الفتاة لأن هناك شيئا ما يمكن أن يدمر علاقتها بأهلها، فرفعت رأسها واعتدلت فى جلستها، وحاول الشاب أن يقدم اعتذاره لينهى الموقف، ويوقف تصاعده.

أما ما سأرويه الآن، فهو تكرر كثيرا جدا، عشرات من التجمعات لشباب من الجنسين، أحدهم فى قارعة الطريق، وآخر فى مقهى، وغيره فى أحد مراكز التسوق الكبيرة، غالبيتهم يدخنون، تتعالى ضحكاتهم، وأسمع ألفاظا لا يليق قولها فى تجمع نصفه على الأقل من البنات!! حتى إننى فى إحدى المرات لفت نظرى لفظ مهين، فنظرت لمن يقوله وجدته شابا فى العشرينات يقف وسط تجمع من الجنسين، والجميع تتعالى ضحكاته، وعندما سرحت قليلا، أتخيل ماهية أٌسر هؤلاء الشباب، توقع الشاب أننى مستاء، فزادت حدة الألفاظ، ليؤكد لى مدى استقراره النفسى!!

عزيزى القارئ، كنا كشباب فى الماضى القريب فى ثمانينيات القرن السابق، كان العرف أن يكون الشباب فى بيوت آبائهم قبل الساعة العاشرة شتاء، ومنتصف الليل صيفا، أما البنات فكانت غالبا لا تخرج وحدها، بل معها أحد إخوتها من الصبيان أو والدتها و تعود قبل العشاء غالبا، وسارت الحياة على نفس الوتيرة، حتى خرج علينا دعاة التطوير. وبدأنا نشاهد تلك المشاهد التى سردتها.

نعم ليس كل الشباب كما ذكرت، بل إن المشاهد التى ذكرتها لم تكن الأكثر شيوعا، ولكنها تزداد يوما بعد يوم، وبت أخشى أن يأتى يوم يكون الاحتشام فى التعامل بين الشباب هو الاستثناء، والعكس الذى أتحدث عنه هو القاعدة.

عزيزى القارئ، ليس الغرض تصدير القلق، بقدر ما هو إلقاء للضوء و بكثافة على عادات جديدة، بدأت تظهر بين الشباب، تقوم على رفع الحدود بين الجنسين، على أن تتماوج العلاقات، باعتبار أن ذلك روح التطور وسمة العصور الحديثة!!

تربينا على أن البنت هى جوهرة الأسرة الثمينة، وهى درة تاجها، وهى شرفها وعزها، ومن ثم التهاون فى الحفاظ عليها آفة لا يمكن تداركها، والتخلى عن صونها سبة فى جبين المجتمع، فما يحدث لا علاقة له بالتطور، ولكنه من شيم التسيب و الانحلال.

ترك العلاقات بين الجنسين بلا ضابط و لا رابط، مثلما نضع النار بجانب الزيت، ثم ننتظر أن تمر الأمور بسلام وعندما تشتعل الحرائق، نبدأ فى البحث عمن نحمله المسئولية و ننسى أننا السبب.

رسالة لكل أب، ولكل أم، اقتربوا من أبنائكم، وأظهروا لهم حبكم و رعايتكم، وإياكم إهمالهم، وترك أمور حياتهم ليختلط الحابل بالنابل، فيضيع الأبناء، ازرعوا فيهم القيم، وصوبوا الخطأ أولا بأول حتى تستقيم الأمور قبل استفحالها واستحالة علاجها. ولا تحسبن أنكم فى معزل عما ذكرت، فالوضع يستلزم الانتباه و مراجعة العلاقات مع الأبناء، فهم أمل الأسرة ومستقبل الوطن.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: