رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

شراكة إستراتيجية بين الاتحاد الأوروبى ومصر

خلال زيارة لمصر فى مارس، وضع العديد من الزعماء الأوروبيين اللمسات الأخيرة لاتفاقية اقتصادية وهجرة بقيمة ٧٫٤ مليار يورو تُضخ فى مصر. من جانب، قد تُساعد هذه الشراكة الإستراتيجية فى تجنب أزمة هجرة لأوروبا جديدة، ومن ناحية أخرى، فإنها تمثل دفعة مطلوبة للاقتصاد المصرى المتعثر.

تعتبر الاتفاقية ذات قيمة حيوية لأوروبا ككل، ولهذا السبب قام ستة من زعماء الاتحاد الأوروبى بالقدوم إلى القاهرة: رئيسة الاتحاد الأوروبى أورسولا فون دير لاين ومعها رؤساء إيطاليا واليونان والنمسا وبلجيكا وقبرص. وتتضمن الشراكة الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبى ومصر، التى تمتد لثلاث سنوات، ٥ مليارات يورو فى شكل قروض ميسرة لدعم التغيرات الاقتصادية، و١٫٨ مليار يورو لدعم استثمارات القطاع الخاص، و٦٠٠ مليون يورو فى شكل منح، منها ٢٠٠ مليون يورو مخصصة لإدارة الهجرة.

كان تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا مشكلة خطيرة لسنوات عدة، وبلغ ذروته فى عام ٢٠١٥ عندما سعى أكثر من ١٫٣مليون من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين اللجوء إلى أوروبا كملاذ آمن. واليوم، توشك أزمة هجرة أخرى على الظهور مع تزايد الهجرة من شمال أفريقيا إلى أوروبا مرة أخرى، وبالأخص عبر ليبيا وتونس الى إيطاليا. كثف الاتحاد الأوروبى جهوده لمعالجة مشكلة الهجرة. ومؤخرا، وُقِّعت صفقات مماثلة مع تونس (٧٠٠ مليون يورو) وموريتانيا (٢١٠ ملايين يورو). يتلخص الهدف من كل هذه الاتفاقيات فى الحد من الهجرة غير الشرعية من شمال أفريقيا إلى أوروبا من خلال ضخ سيولة تتحول إلى فرص حياة أفضل لمن يلتمس اللجوء إلى الهجرة.

إن أساليب دعم البلدان التى تعمل كمداخل للهجرة يتفوق على الأساليب القديمة لمراقبة الحدود، نظرًا لأن معظم الحدود مسامية وقابلة للاختراق. وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلونى إن مثل هذه الاتفاقيات هى أفضل طريقة لمعالجة تدفقات الهجرة. إقناع الناس بعدم الهجرة إلى أوروبا هوإعادة تأكيد حقوقهم فى القارة الأفريقية والمساعدة فى تطوير اقتصاداتهم، وهذا ما نفعله اليوم. علاوة على ذلك، تتسبب أزمة الهجرة فى رد فعل سياسى عنيف فى أوروبا، حيث تدعو الأجنحة اليمينية المتطرفة إلى اتباع أساليب شديدة الصرامة مع المهاجرين. ففى فبراير وافق الاتحاد الأوروبى على قانون هجرة سيسمح بحبس الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين بما فى ذلك الأطفال. إن تحسين وضع المقبلين على الهجرة، فى بلدانهم، هو حل أكثر إنسانية لأزمة قائمة.

وتلعب مصر دورًا استراتيجيًا فى الحد من الهجرة إلى أوروبا. انخفضت الهجرة من مصر بشكل حاد حيث تمكنت مصر من حدها من شواطئها، لكنها أصبحت وجهة عبور للمهاجرين العابرين إلى ليبيا. ومع الأخذ فى الاعتبار أن مصر تستضيف ما يقرب من ٩ ملايين مهاجر يستخدم كثير منهم هذا الطريق إلى أوروبا، فمن الضرورى النظر فى دور مصر فى الحد من تدفق الهجرة.

كما حدثت طفرة فى عدد المواطنين المصريين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا عبر ليبيا. يختار بعض شباب مصر عبور البحر الأبيض المتوسط لتأمين حياة أفضل فى أوروبا. وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أنه فى يناير ٢٠٢٢، كان هناك ١١٧ ألف مهاجر مصرى فى ليبيا، وكان الكثير منهم يأملون فى شق طريقهم إلى أوروبا. وفى عام ٢٠٢٣، كان ٧ فى المائة من المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا مصريين. ومن منظور آخر، فإن الاتفاق له نتائج اقتصادية مميزة بالنسبة لمصر. وتقول رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: إن الأزمات الحالية فى المنطقة أدت إلى تفاقم احتياجات مصر التمويلية. وقالت أيضًا: وبالنظر إلى ثقل مصر السياسى والاقتصادى وكذلك موقعها الاستراتيجى فى منطقة مضطربة للغاية، فإن أهمية علاقاتنا ستزداد بمرور الوقت.

شهدت مصر تفاقم الصعوبات الاقتصادية لأسباب عدة منها حرب أوكرانيا التى عطلت تدفق القمح مما تسبب فى ارتفاع الأسعار بنسبة ٥٠ فى المائة ودفعت أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاعات قياسية، وحرب غزة التى أدت إلى هجمات الحوثيين على السفن المتجهة إلى قناة السويس مما تسبب فى انخفاض فى الإيرادات يصل إلى ١٠ مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، زادت ندرة العملة الصعبة، بينما تكافح مصر لسداد ديونها وسداد ثمن المتطلبات الأساسية، ثم اضطرت مصر إلى خفض قيمة عملتها ثلاث مرات منذ عام ٢٠٢٢. إن اتفاق الاتحاد الأوروبى قد يساعد فى استقرار الاقتصاد المصرى وتخفيف الضغط. ومع استقرار مصر تستقر المنطقة، وإذا استقرت المنطقة فإن عددًا أقل من المهاجرين قد يفكرون فى التوجه إلى أوروبا. للمرة الأولى، يتخذ الاتحاد الأوروبى خطوات استباقية لتجنب الأزمة.


لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى

رابط دائم: