رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأولى بالمعروف

يجىء شهر رمضان الكريم، كل عام فرصة لتطهير النفس، وللتعبد والتقرب من الله، وهو فرصة عظيمة لحصد الحسنات ومضاعفتها. ويستحب فى هذا الشهر المبارك القيام بعدد من الأعمال المحببة لله، منها إفطار الصائم، وعليه أجر عظيم، فمن فطر صائما كان له مثل أجره. لا ينقص من أجره شىء.

ومن الأعمال المحببة لله سبحانه وتعالى، زكاة الفطر، والصدقات، وهى أعمال عظيمة الأجر، ولكنى بدأت ألاحظ التكاسل فى أداء هذه الأعمال، فأجد كثيرا منا، يدفع الزكاة لجهات ما، دون أن يبذل جهدا للبحث عن مستحقى الزكاة، وهذا تكاسل غير محبب، قد تأخذ أجرك، ولكن أمامك طرقا أفضل لتحصد أجرا أكبر، من خلال السعى للبحث عن مستحق الزكاة.

بداية حددت دار الافتاء مقدار قيمة الزكاة عن الفرد بمبلغ 35 جنيها و ذلك هو الحد الأدنى، ولمن زاد على ذلك زاد فضله وأجره.

لاأستطيع تقدير قيمة زكاة الفطر، ولكن بكل تأكيد هى مبلغ كبير جدا، الاعتناء بتوزيعه من شأنه أن يؤتى نتائج مبهرة، ليس فقط على دافع الزكاة، ولكن على المجتمع ككل.

مستحقو الزكاة، لا يوجد خلاف عليهم، فهم «إنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِى الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفى سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ» سورة التوبة الآية 60.

نجد أنه على رأس مستحقى الزكاة الفقراء والمساكين، وأعتقد أننا لسنا فى حاجة لتفسير معنى الفقراء، ولا معنى المساكين، رغم اختلاف الفهقاء فى أيهم نبدأ به، إلا أن الثابت إن هناك من هم أولى بالمعروف، واجتهادى فى تلك النقطة يقول إن الأوٌلى بالمعروف، الأقربون.

لماذا؟ لأنك تعى بشكل تام مدى احتياجهم، ومن ثم الابتعاد عن الإحسان إليهم مكروه، والابتعاد عن إظهار التعاطف معهم أيضا مكروه. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تعلم أن هناك أحدا من أقاربك، (وليس عليك واجب الإنفاق عليه، «مثل الزوجة أو الأب .. الأم») فقير أو أنه يمر بظروف معيشية صعبة، وفى حال من العسر، هنا واجب عليك وهو واجب يصل لدرجة الفرض أن تصله، وتعطيه زكاة مالك، ولا ضير إطلاقا لو أعطيته كامل مبلغ الزكاة الذى نويت إخراجه عن أسرتك « أنت، زوجتك و أولادك»، وذلك لأن حياءه يمنعه أن يطلب مساعدتك، وأنت فى المقابل يجب ألا تقدم له زكاتك أو صدقاتك، هكذا بشكل مباشر، بل يفضل أن تقدمها بطريقة تحفظ له ماء وجهه، أمام نفسه وأمام أسرته، لأن مثله هم ما نحسبهم أغنياء من التعفف، والأمثلة متعددة، كأن تزوره وتأخذ معك بعض المتطلبات الأساسية، فى شكل هدية، أيا كانت تلك المتطلبات سواء كان طعاما أو ملبسا. إنما المهم أن تسد حاجته. هنا الجزاء عظيم، لأن زكاتك ذهبت لمن يستحقها، وفى ذات الوقت حفظت للرجل كبرياءه، وجبرت نفسه.

الأقربون ليسوا فقط، أقاربك، أو من ترتبط معهم بصلة رحم، إنما الأقربون كثيرون تجدهم دائما فى محيطك، الأقربون هم جيرانك، أصدقاؤك، زملاؤك، أتعلم عزيزى القارئ أن الله سبحانه و تعالى يقول « مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» سورة البقرة الآية 261. تفسير الآية الكريمة واضح جلى، أن الله سبحانه وتعالى يجزل العطاء بلا حساب. وأنه سبحانه يضاعف لمن يشاء. فلو صدقت النية لله و سعيت واجتهدت لتضع زكاتك فى موضعها السليم، من المؤكد أن الجزاء كبير ولا حدود له.

«مَنْ ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» سورة البقرة الآية 245. التدبر فى هذه الآيات الكريمة، كفيل بتبيان عظم أجر الإنفاق فى سبيل الله.

الله سبحانه وتعالى هو الخالق لعباده والمسئول عن رزقهم، فيسخر من عباده من يرأف بحال عباده، ويسعى لقضاء حوائجهم، لذلك شرع الزكاة والصدقات، وبين سبلهم وجزاءهم.

وفى الحديث النبوى الشريف، يقول الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه «ما نقص مال من صدقة»، للتدليل على أن الصدقة قيٌمة، ومحفوظة ومباركة من الله، لذلك فكما أن الذهاب للمسجد للصلاة، يجزيك عن كل خطوة حسنة ويرفع عنك سيئة، وهذا جزاء الاجتهاد.

فجزاء الاجتهاد فى توصيل الزكاة والصدقات لمستحقيها أيضا له جزاء عظيم، وبقدر الاجتهاد بقدر الجزاء من الله، وأنا لا أنكر التبرع لجهة ما تراها معنية بأحوال الناس وتعمل على إغاثتهم، ولكن أبين فضل التوجه بأعمالك الصالحة مثل الزكاة و الصدقات للاقربين، خاصة إذا كانوا فى حاجة لها.

تخيل أنك ترغب فى حاجة من الله، كأن تلحق بعمل تتمناه، أو تنجح فى إنجاز عمل مهم،.. إلخ. ويحقق الله لك ما تريد، تخيل مدى السرور الذى تشعر به، ومدى السعادة التى تغمرك.

الأمر أيضا مشابه تماما، مع المحتاجين من الفقراء والمساكين، فهم إما جوعى، فيحتاجون لما يسد رمقهم، أو ملابسهم بالية، فيحتاجون ما يستر أجسادهم.

ولأننا نمر بظروف اقتصادية صعبة، يكون من الرائع النظر بعين الرحمة والعطف للمحتاجين، فمن يستطيع أن يزيد زكاة الفطر للفرد على 35 جنيها، جزاؤه عند الله، ولو أخرجت زكاتك من الآن، يكون أفضل من التأخر فى إخراجها، فلا تعلم كيف ستفرج عن المهمومين من الفقراء والمساكين.

وأخيرا، عندما تقرر إخراج زكاتك وصدقاتك، ابحث فى دائرة الأقربين، علك تجد من تأخذ بيده، دون أن يمد يده، فيحفظك الله ويمنع عنك أن تمد يدك، وهو عنده حسن الجزاء.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: