رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فرنسا والمغرب.. هل ينتهى التوتر؟

بعد سنوات من الفتور، تأتى زيارة وزير الخارجية الفرنسى للمغرب فى سياق جهود باريس لإعادة ترتيب العلاقات مع الرباط بعد أزمة صامتة دامت نحو ثلاث سنوات وأثرت بشكل كبير على العلاقات بين البلدين.

بدت ملامح الازمة الدبلوماسية المغربية - الفرنسية فى سبتمبر 2021، عندما قررت فرنسا خفض عدد التأشيرات للمغاربة إلى النصف، الامر الذى قوبل بانتقادات حادة فى المغرب. من جهتها، عبرت السلطات الفرنسية عن امتعاضها بعدما كشف تحقيق صحفى استقصائى استهداف المغرب أرقام هواتف ماكرون ووزراء فى عام 2019 ببرنامج التجسس الإسرائيلى بيجاسوس، وهى اتهامات نفتها الرباط. وفى يناير 2023، شكل قرار إدانة البرلمان الأوروبى لتدهور حرية الصحافة فى المغرب عبئا إضافيا على العلاقات بين البلدين، بعدما اعتبر مسئولون مغاربة أن فرنسا تقف وراء القرار.وفى سبتمبر الأخير، عاد جدل العلاقات المتوترة للواجهة بعدما تجاهلت الرباط عرض فرنسا تقديم المساعدة إثر زلزال الحوز.

هذا ما يبدو الوضع عليه، لكن فى الواقع التوتر بين باريس والرباط، الذى أثر على العلاقات التاريخية بين البلدين وأدى الى إلغاء الكثير من الزيارات لمسئولين فرنسيين الى المغرب، يعود بالأساس الى شرط الرباط الحاسم بضرورة أن تتخذ باريس، باعتبارها شريكا استراتيجيا للمملكة، موقفا صريحا وواضحا فى قضية الصحراء، وذلك عبر إعلان دعم سيادة المغرب الكاملة على الصحراء، مثلما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية فى أواخر 2020.هذا من جهة الرباط، اما باريس فهى ترغب فى الاكتفاء بالدعم السياسى والحل الأممى للحفاظ على توازن علاقتها مع الجزائر.

بدت العلاقات بين البلدين وكأنها وصلت للطريق المسدود، قبل ان تظهر ملامح انفراج منذ أواخر العام الماضى، خاصة بعدما اقر السفير الفرنسى فى المغرب بأن قرار تقييد حصول المغاربة على تأشيرات فرنسية كان خطأ.قام المغرب بعدها بتعيين سفيرة مغربية فى فرنسا بعدما ظل المنصب شاغرا لأزيد من سنة. كما وجهت فرنسا، فى الفترة الأخيرة، العديد من الإشارات الإيجابية وعلى مستويات متعددة عن رغبتها فى فتح صفحة جديدة مع المغرب، كانت آخرها حفاوة الاستقبال التى لقيتها شقيقات العاهل المغربى فى قصر الإليزيه والمأدبة التى أقيمت على شرفهن من قبل زوجة الرئيس الفرنسى.

توجت مؤشرات الانفراج بزيارة وزير الخارجية الفرنسى للرباط، بداية الأسبوع الحالى، ولقائه بنظيره المغربى، مما يعنى ان باريس بدأت تعيدالنظر فى علاقتها الاستراتيجية مع المغرب. هذا ما أكده المسئول الفرنسى عندما صرح بأن هدف فرنسا هو بناء شراكة تمتد على مدى الـ 30 سنة المقبلة، معتبرا ان المغرب تطور كثيرا فى ظل حكم العاهل المغربى، وانه يجب رؤية التحديات المقبلة بكثير من التبصر، حتى تتم مجاراة العالم الذى يتحول بسرعة.

من الواضح ان زيارة وزير الخارجية الفرنسى تمهد لزيارةالرئيس الفرنسى إلى المغرب.وقد بات واضحا ان فرنسا تسعى إلى إعادة الثقة بين البلدين وتعزيز التعاون الثنائى فى مختلف المجالات.بهذا الخصوص من المتوقع ان تتم زيارات قطاعية متبادلة فى الاسابيع المقبلة، من اجل البحث عن اتفاقيات ومشاريع ومبادرات تعزز العلاقات وتجعل الزيارة الرئاسية نقطة تحول مهمة فى العلاقات الثنائية. من خلال هذه التطورات التى تشهدها العلاقات بين الرباط وباريس، يبدو ان فرنسا حسمت قرارها، وبدأت تعى أنه لا مجال للضبابية فى علاقتها بالمغرب، وان هذا الأخير لم يعد الدولة المستعمرة التى يمكن فرض الوصاية عليها، وأن الواقع اليوم يستدعى التعبير عن الموقف الفرنسى بشأن الصحراء بشكل علنى وواضح. بالتأكيد ان فرنسا فهمت أهمية الصحراء ليس فقط بالنسبة للمغرب، بل أيضا لمصالحها، على اعتبار ان الصحراء هى بوابة أطلسية استراتيجية تمكنها من العودة إلى القارة السمراء، التى خسرت فيها فرنسا كل معاقلها التقليدية. وكما صرح وزير الخارجية المغربى، فالأقاليم الجنوبية باتت تشكل حلقة اقتصادية مهمة بين الرباط ودول العالم والقارة الإفريقية، ومتنفسا للتضييق الاقتصادى الذى تعرفه دول الساحل بعد حمام الانقلابات، من خلال الإعلان عن مبادرة الأطلسى، التى ستكون فيها أيضا موريتانيا، اللاعب الجديد فى المنطقة، جزءا أساسيا.

أمام هذه التحولات والتحديات المرتبطة بالمصالح، ربما تجد فرنسا نفسها فى موقف صعب بين الجزائر المدعومة من الصين وروسيا، وبين المغرب حليف أمريكا وبريطانيا وإسبانيا. سوف تحدد زيارة ماكرون المرتقبة للرباط موقف فرنسا النهائى.


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: